إياد مهدي عباس
حينما نكون امام قضية إقرار الموازنة المالية العراقية للعام 2019 فان هناك مسؤولية تاريخية تقع على عاتق القوى السياسية وممثلي الشعب ورجال الاقتصاد في الدولة تجاه الشعب العراقي من اجل تحقيق إصلاح اقتصادي ورسم موازنة اقتصادية حقيقية تسهم في معالجة المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها العراق منذ
عقود طويلة
و تكتسب موازنة 2019 أهمية كبيرة لعدة أسباب أهمها حاجة العراق لتخصيص الأموال لإعادة اعمار المحافظات العراقية كافة بعد نجاح القوات الأمنية في تحقيق النصر وطرد العصابات الإرهابية من جميع الأراضي العراقية .بالاضافة الى حاجة كبيرة لدعم القطاعات المهمة كالصحة والتعليم باعتبارهما اهم القطاعات التي تسهم في بناء الانسان المتعلم والصحيح علما ان العراق يعاني من نقص كبير في عدد المدارس وضعف الخدمات الصحية الامر الذي يجبر ابناء الشعب العراقي على السفر خارج العراق من اجل العلاج وضياع اموال كبيرة لغياب العديد من الخدمات الصحية في العراق .ومن جانب اخر لابد من تخصيص مبالغ كافية في الموازنة العامة لقطاعي الزراعة والصناعة من اجل تنشيط الدخل العراقي ومغادرة الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على بيع النفط في دعم الموازنة
العامة .
من هنا نجد ان الموازنة بحاجة الى ان تسهم في تحقيق إصلاحات حقيقية في الاقتصاد العراقي عبر تفعيل القطاع الخاص وتنشيط قطاعات اقتصادية أخرى غير قطاع النفط كالزراعة والسياحة والصناعة .
وبدلا من ان نشهد صراعات وخلافات بشأن مكاسب ضيقة في اقرار الموازنة كان من المفترض ان يكون هناك حرص وطني لمناقشة كيفية تطوير الاقتصاد العراقي باتجاه انجاح مشروع الخصخصة الذي أصبحت غالبية الدول الناجحة اقتصاديا تتوجه إليه بعد فشل النظم الاقتصادية الأخرى وبعد ان ثبت صحة الرؤى الاقتصادية القائلة بان اي دولة تريد ان تحقق نموا اقتصاديا فعليها ان تقوم بتفعيل القطاع الخاص وإعادة الروح اليه من جديد وتنظيم العلاقة بينه وبين القطاع العام وبين الحكومة بما يسهم في تهيئة الأجواء لدخول رؤوس الأموال وتوفير بيئة آمنة للاستثمار عبر تشريع القوانين المتعلقة به، إضافة إلى توفير الأمن والاستقرار كأحد اشتراطات نجاح الاستثمار
في البلاد .
ان نجاح المشاريع الاستثمارية وتنشيط القطاع الخاص من شأنه ان يسهم في تشغيل الايدي العاملة في البلاد والقضاء على البطالة، إضافة الى انه سيسهم في إيجاد مصادر تمويل جديدة للموازنة والتخلص من الاعتماد على بيع النفط كمصدر وحيد لتمويل
الموازنة العامة .
ومن هنا نريد القول بان على رجال الاقتصاد والسياسة في العراق ان يقوموا بإعادة رسم الخارطة الاقتصادية عبر دراسات حقيقية لوضع موازنات اقتصادية تدعم القطاع
الخاص . ولابد من الإشارة هنا الى ان تفعيل القطاع الخاص لا يتوقف على تخصيص الأموال في الموازنة العامة بل يتوقف على إقرار التشريعات الاقتصادية الخاصة به والتي توفر له البنى التحتية المناسبة وتعزز من دوره في بناء الاقتصاد العراقي الجديد .