استحداث آليات لتمويل صندوق الضمان الصحي
الثانية والثالثة
2019/09/09
+A
-A
بغداد / أحمد محمد
الحديث عن قانون الضمان الصحي يمر بتفاصيل "صندوق الضمان" والجهات التي ستموله، وبما ان العراق يعد ضمن قائمة البلدان المتضررة بيئياً، فإن هناك مساعي من قبل لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب لجعل القطاعات أو المنشآت والمنتوجات التي تسبب ضرراً للبيئة والإنسان مسؤولة عن تمويل "الصندوق" من خلال فرض ضرائب على تلك القطاعات.
ويقول عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية فارس البريفكاني في تصريح خاص لـ "الصباح": إن "الخدمات الصحية في العراق ليست بالمستوى المطلوب، وهناك عدم رضا تجاه تقديم الخدمات الطبية المقدمة، لذا كان على مجلس النواب وتحديداً لجنة الصحة والبيئة النيابية اتخاذ خطوات عملية لتشريع قوانين من شأنها أن تعالج المشاكل في القطاعات الخدمية والتي يعاني منها المواطنون".
وأشار البريفكاني، الى أن "قانون الضمان الصحي من القوانين المهمة التي عكفت لجنة الصحة والبيئة النيابية على دراستها لسنوات طويلة الى أن توصلت الى لمسات أخيرة تخدم القطاع الصحي".
مبيناً: "لقد طالبنا رئاسة مجلس النواب بأن يتم تأجيل القراءة الثانية لمشروع القانون لأجل إنضاج الرؤى وزيادة مساحة التعاون بيننا وبين وزارة الصحة باعتبارها الجهة المسؤولة عن تنفيذ هذا القانون، وهناك جلسات استماع مع جهات عديدة ومعنية مثل هيئة التقاعد وشركات التأمين الصحي ووزارة التخطيط من أجل الخروج بصيغة قانون رصين يستطيع أن يعالج الإشكاليات المتراكمة والمتقادمة في النظام الصحي العراقي"، مؤكداً ان "فلسفة القانون تهدف الى ضمان خدمة جيدة تسودها العدالة بين المواطنين وأن تكون الكلفة محدودة ولا تشكل عائقاً أو عبئاً على المواطن العراقي".
وأوضح، انه "سيجري دعم صندوق الضمان من عدة جهات حكومية ستخصم من وارداتها وسيقع على عاتق الدولة جزء ليس بالقليل، كما وان المواطن سيشارك في تمويل هذا الصندوق باستقطاعات قليلة من رواتب الموظفين، كما سيمول من الهبات والعطاءات والضرائب المفروضة على التبغ وشركات استخراج النفط والجهات الملوثة للبيئة وعلى شركات الهاتف النقال، هذه الموارد ستجمع لتكون مبلغا كبيرا لدعم الصندوق".
وأعرب البريفكاني عن أسفه بشأن ما يتناقله البعض عن شائعات عن "الضمان" وما سيشكله من ثقل على كاهل الدولة، "وهذا غير صحيح، لأننا توجد لدينا قنوات من شأنها أن تعظم الواردات، وبالنتيجة فإن هدفنا المواطنون وإعفاء شريحة منهم من الجباية كالرعاية الصحية والأمراض المزمنة والأطفال دون سن الخامسة ومرضى عجز الكلى والأمراض السرطانية، وهذا سيعطي نوعا من التكافل الاجتماعي بين العراقيين".
بينما أشار عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية جواد الموسوي في تصريح خاص لـ "الصباح"، الى أن "قانون الضمان الصحي يعد من أهم القوانين الموجودة على الساحة بكل ما يتعلق بوزارة الصحة ولجنة الصحة والبيئة النيابية، والقانون واسع جداً ويحتاج الى جمع وجهات نظر المؤسسات ذات العلاقة كوزارة الصحة والنقابات المختصة بالموضوع، وكذلك وجهة النظر الأساسية التي تم اعتمادها من قبل لجنة الصحة والبيئة، لذا فإنه من المؤمل أن تكون هناك تعديلات تضاف الى قانون الضمان الصحي لتشريعه".
جهات تنفيذية
من جانبه، بيّن المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور سيف البدر في تصريح خاص لـ "الصباح"، إن "من أساسيات إصلاح النظام الصحي في العراق، هو إقرار نظام ذكي يتماشى مع طبيعة متطلبات الفرد العراقي، لذا اعتبرت وزارة الصحة (الضمان الصحي) من أولويات عملها، وهذا ما أكده وزير الصحة في (وثيقة الواقع الصحي) التي أصدرت بشكل رسمي لوسائل الاعلام".
وأكد البدر، ان "وزارة الصحة وزارة خدمية تنفيذية تذهب بلوائح وقوانين تفرض عليها من قبل مجلس النواب، كما ان مشروع (الضمان الصحي) لا يحتاج الى أطباء فقط وإنما يحتاج الى اقتصاديين وقانونيين وقضاة وسياسيين كونه موضوعا اجتماعيا وإن كان مداره حول المؤسسات الصحية"، مبيناً انه "قبل عدة أشهر؛ عقد وزير الصحة اجتماعاً مفتوحاً مع لجنة الصحة والبيئة النيابية، وتم تشكيل لجنة للمتابعة لكتابة مسودة ترفع لمجلس النواب لمناقشتها والمصادقة عليها".
وبما يتعلق بتمويل صندوق الضمان، أوضح المتحدث باسم وزارة الصحة، ان "فرض الضرائب على بعض الممارسات والقطاعات التي تؤثر في الصحة معمول به في كل دول العالم، ولكن مع الأسف نحن من أقل الدول عملاً في هذا المجال، خاصة اننا نعاني من إهمال بعض الممارسات البيئية التي تعود بالضرر على صحة الإنسان كالمخلفات الصناعية وإعادة تدوير النفايات وغيرها"، لافتاً الى أن "الأساس النظري لدفع الضرائب على الممارسات الملوثة للبيئة صحيح لكن يحتاج الى تشريع".
وأوضح مدير عام دائرة التوعية في وزارة الصحة والبيئة أمير على الحسون في تصريح لـ "الصباح"، أن "هناك غرامات تتحول على شكل إيرادات الى وزارة الصحة لبناء مستشفيات معنية بأضرار التلوث البيئي، وهذا القانون أيضاً يتبع للحد من التدخين، لذا على الملوث أن يدفع فهذه واحدة من الوسائل الضاغطة للحد من تلوث البيئة العراقية الذي انعكس وبشكل سلبي على صحة الفرد".
إيرادات ضعيفة
ويقول عضو نقابة الأطباء الدكتور سعد بداي في تصريح لـ "الصباح": إنه "بما يتعلق بقضية تمويل الضمان الصحي بفرض ضرائب على القطاعات والشركات والمنتوجات الملوثة للبيئة (غير كافٍ) وقد لا يمثل 5 بالمئة من كلفة الضمان الصحي وذلك بسبب ضعف الإجراءات المتعلقة بفرض الضرائب، فضلاً عن عدم امتلاكنا مشاريع ومعامل كبيرة يمكن أن تدر بإيرادات تسد من قيمة الضمان".
الخبير الاقتصادي الدكتور فالح مغيمش الزبيدي يوضح في تصريح خاص لـ "الصباح"، بأن "هناك نوعا من الضرائب في الاقتصاد - خاصة في البلدان المتقدمة - تسمى الضريبة الخضراء، وهي ضريبة تفرض على المصانع التي تبث من مكائنها غازات منبعثة مضرة مثل غاز ثاني أوكسيد الكاربون وغيرها من السموم، وكلما ازداد حجم هذه الفضلات أو الملوثات ازداد مقدار الضريبة، وتقوم الدولة دورياً بفحص حجم تلك السموم والفضلات والغازات لتقدير ضررها على البيئة والمجتمع، وبذلك تكون الدولة قد اسهمت في الحد من التلوث وبالوقت نفسه ازدادت من الوعاء الضريبي الذي تستخدمه للإنفاق على الخدمات التي تقدم للمواطنين من حدائق عامة وطرق وجسور وغيرها، أما في العراق - ومع شديد الأسف - فلا تشكل الضرائب بمجموعها سوى ٣ بالمئة من الإيرادات العامة للدولة، وبقية الايرادات تأتي من بيع النفط الخام".
وعلل الخبير الزبيدي، أسباب انخفاض مقدار الحصيلة الضريبية في العراق إلى "التهرب الضريبي والفساد في دوائر الضريبة، إضافة الى تخلف الجهاز الضريبي وعدم دقته، كما أن انخفاض مستوى متوسط دخل المواطن يجعل من الصعب رفع الضريبة عليه كما هو الحال في البلدان الأخرى التي تعتمد الضرائب مصدرا رئيسا للإيرادات المالية العامة للدولة".
قوانين الضمان والتلوث البيئي
ويبين المحامي علاء شون المشايخي في تصريح لـ "الصباح"، أن "الأمم المتحدة حددت يوماً عالمياً للبيئة وضحت من خلاله المخاطر المحيطة بالبيئة وما يجب اتخاذه من إجراءات حكومية وشعبية للحفاظ عليها، ولكن ومع الأسف فإنه في العراق تتعاظم أهمية الأمن البيئي بسبب المخاطر التي تحملها تلوث الهواء والماء والتربة، ويعني الأمن البيئي هنا ضمان بيئة آمنة ونظيفة تؤمن صحة المواطن العراقي وتدعم التنمية الاقتصادية المستدامة وتضمن التماسك الاجتماعي".
ويوضح، إن "أول قانون صادر في العراق للمحافظة على البيئة ومنع تلوث المياه كان في عام 1929 باسم (قانون وقاية الصحة العامة) رقم 6 لسنة 1929، ومن ثم نظام رقم 4 وهو أكثر تفصيلا في عام 1935 باسم (نظام المكاره لتنظيف الشوارع ونقل الازبال وإزالة المكاره ومنع تلويث الأنهار)، ثم قانون (حماية وتحسين البيئة) رقم 27 لسنة 2009 الذي يهدف الى حماية وتحسين البيئة من خلال إزالة ومعالجة الضرر الموجود فيها أو الذي يطرأ عليها والحفاظ على الصحة العامة والموارد الطبيعية والتنوع الأحيائي والتراث الثقافي والطبيعي بالتعاون مع الجهات المختصة بما يضمن التنمية المستدامة وتحقيق التعاون".
ويضيف المشايخي: ان "قانون التدخين رقم 19 لعام 2012 غير كافٍ لمكافحة التدخين، لذا يجب أن يتضمن زيادة ضرائب على منتجات التبغ للحد من التدخين إضافة الى زيادات إيرادات صندوق الضمان الذي سيمول من الضرائب، لذا فإن الضرائب المفروضة ستكون وسيلة ضاغطة للحد من الأمراض التي تتعلق بالجهاز التنفسي فضلاً عن زيادة إيرادات الصندوق".
وكان ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق ثامر الحلفي، أوضح في تقارير تناقلتها وسائل الإعلام في وقت سابق، بأن "الأموال التي يمكن جمعها من تلك الضرائب قد تبلغ 121 مليون دولار سنوياً، وستذهب إلى دعم البرامج الصحية".