يتوجه رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح خلال الأيام القليلة المقبلة إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ورغم مشاركة عشرات الزعماء والقادة من مختلف أنحاء العالم - وخصوصاً قادة الدول الكبرى - واهتمام وسائل الإعلام المختلفة بالكلمات التي سيلقونها والآراء التي تحدد منظور السياسة العالمية؛ إلا أن صحيفة “المونيتور” الأميركية واسعة الانتشار أكدت في تقرير تابعته “الصباح” أمس السبت، أنه يجب في زحمة تواجد الزعامات في نيويورك تسليط الضوء على زعيمين أولهما الرئيس برهم صالح وما سيقدمه من رؤية سياسية جديدة للعراق والمنطقة، والثاني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
وكشفت الصحيفة عن لقاء مرتقب بين الرئيس صالح ونظيره الأميركي دونالد ترامب على هامش أعمال اجتماعات الأمم المتحدة.
وقالت الصحيفة: إنه “من دون التقليل من شأن جميع القضايا الأخرى واللاعبين السياسيين الآخرين، هناك اثنان من القادة يترقب منهم الكثير: الرئيس العراقي برهم صالح والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يأتي كلاهما إلى نيويورك مع مجموعة من المصالح والأهداف الصعبة التي تواجه بلديهما، كلاهما سيكون له دور فعال في ما يحدث في سوريا والخليج، وإيران”.
نظام إقليمي جديد
وأضافت، “يستحق الرئيس العراقي برهم صالح المتابعة الأسبوع الحالي، ليس فقط لأن العراق يقف في الخطوط الأمامية لأي تصعيد محتمل في الأعمال القتالية (الأميركية السعودية الإيرانية) بسبب هجمات 14 أيلول على
منشآت أرامكو النفطية، التي ألقت واشنطن والرياض باللوم فيها على إيران، ولكن ربما بنفس القدر من الأهمية - أو الأكثر أهمية - ستكون رسالة الرئيس صالح بأن التغييرات في سياسات العراق تكشف كيف يمكن أن يكون جزءا من حل الأزمة الإقليمية من خلال الدبلوماسية والتكامل الاقتصادي، بمعنى آخر ان (العراق جسر بدلا من ساحة
معركة)”.
وتابع التقرير، “لقد كان العراق معروفاً بسياساته الحزبية، لكن هذا من الماضي أكثر من الحاضر، في ما يتعلق بالأمن القومي على وجه الخصوص، حيث يتزامن ترؤس صالح للجمهورية مع رئاسة عادل عبد المهدي للوزراء ومحمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان الذين -بحسب وصف الصحيفة الأميركية- لا يملكون كتلاً سياسية بأجندات عرقية أو طائفية، وربما عاد ذلك بالنفع لهم، فقوتهم تكمن في وحدتهم والتزامهم بمؤسسات الدولة وليس قادة الكتل، وقد سمح ذلك للعراق برسم سياسة خارجية جديدة
ومستقلة”.
وتنقل “المونيتور” عن الرئيس صالح وصفه في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي لـ “الانتصارات التي تحققت بشق الأنفس للقوات العراقية ضد الإرهاب”، بأنها “نقطة انطلاق لنظام إقليمي جديد يقوم على التكامل الاقتصادي، ويوفر فرص عمل جيدة للشباب الإقليمي، ويدفع التقدم نحو الخدمات التعليمية والصحية وغيرها من الجبهات”.
وتضيف ان “العراق يتقدم بهذا (النظام الجديد) بالأفعال والكلمات، فلقد وثقنا منذ آذار الماضي؛ خطوات العراق نحو التكامل الاقتصادي مع الأردن ومصر، وفي تموز الماضي كتبنا أنه (لا يمكن التقليل من شأن إعادة أواصر العلاقات العربية بالعراق)”، وتؤكد ان صالح وعبد المهدي يتجاهلان مفهوم الطائفية في السياسة الإقليمية للعراق، مع وضع العراق كجسر محتمل، وليس كحزب في العلاقات بين إيران والسعودية، كما يعمل العراق مع مجلس التعاون الخليجي للربط الكهربائي، ويعمل العراق على إنشاء خط أنابيب ثان جديد لنقل النفط العراقي إلى
تركيا”.
كما نقلت الصحيفة عن الكاتب “براينت هاريس” قوله: ان “البعض في الكونغرس يقومون أيضا بالتقاط الخيط، ويدعون إدارة ترامب إلى توسيع مشاركتها في العراق، حيث طلبت وزارة الخارجية مبلغ 166 مليون دولار كمساعدات عراقية لعام 2020، لكن علامة الإنفاق المقترحة في مجلس الشيوخ تبلغ 453.6 مليون دولار، كما يدعو مشروع قانون مجلس الشيوخ أيضا إلى تجديد الوجود الدبلوماسي الأميركي في البصرة بعد أن تم إغلاق القنصلية العام الماضي إثر سقوط صواريخ بالقرب من المطار الذي يضم المبنى”.
وتختم “المونيتور” حديثها عن العراق والمشاركة المرتقبة للرئيس صالح في نيويورك بالقول: إن “الفكرة هنا ليست أن يتم الضغط على العراق (للانحياز)، وإحياء فكرة عفا عليها الزمن وفاشلة للعراق باعتباره (الجبهة الشرقية) ضد إيران، كما كان الضجيج خلال حكم صدام حسين الكارثي، ولكن بدلاً من ذلك، وضع الرئيس صالح ورفاقه في الرئاسات الثلاث بلدهم على مسار مختلف، وهو إعطاء الأولوية لسيادة العراق وتجنب الصراع، ويمكن أن تفوز إدارة ترامب من خلال تشجيع القيادة العراقية على ذلك، ورغم أنه من المسلم به أن طريق العراق (هش)، إلا أنه في منطقة يحتمل أن تكون متفجرة، توجد علامات على الاستثمار السليم بشكل
متزايد”.