قصص عراقية مترجمة من بغداد

ثقافة 2019/09/30
...

 هناء العبودي
 
 
عقد قسم الدراسات اللغوية والترجمية الجلسة العلمية الأولى من الحلقة النقاشية الموسومة (بيت الحكمة في خدمة حركة الترجمة في العراق - آراء نقدية لترجمة عبد الصاحب محمد البطيحي لكتاب قصص من بغداد) يوم الاثنين الموافق 23/9/2019، ترأس الجلسة الاستاذ المساعد الدكتور رضا كامل الموسوي رئيس قسم الدراسات اللغوية والترجمية الذي استهلَّ حديثه عن سيرة البطيحي اﻷدبية وتخصصه في مجال الترجمة اﻷدبية. وتضمن الكتاب ١٦ قصة لأربعة ساردين وهم.. حميد الربيعي ومحمد علوان جبر وأسعد اللامي وعبد الصاحب محمد البطيحي.
شارك في الجلسة كلٌّ من المدرّس الدكتور اسماعيل عبد الوهاب اسماعيل  المدرّس الدكتور حيدر جبر غبن والاستاذ عباس عزيز من وزارة التربية و الاستاذ وهّاج منير اسماعيل.
تحدث المشاركون عن آرائهم النقديّة للقصص التي تناولها الكاتب في كتابه واشادوا بعمل المترجم عبد الصاحب محمد البطيحي إذ قام بترجمة قصص شعبية من واقع بغداد لينقلها باللغة الانكليزية الى كتاب ادبي جميل ليطَلع الاخرون على نتاجنا الفكري والادبي.
حضر الورشة عدد من الاساتذة والاكاديميين والمهتمين بهذا الشأن.
وقد اوضح البطيحي بداية ان الانسان منذ القدم عرف اللغات والثقافات تتلاقح، وان للترجمة اسهاما وافرا في هذا الأخذ والعطاء، ويظن البعض ان كل من يحسن معرفة الكلمات الاجنبية ومقابلاتها في اللغات الاخرى يستطيع ان يترجم، والأمر خلاف ذلك، إذ هي عمل يحتاج الى وقت وتفكير وقراءة ومراجعة وتدقيق مصطلحات. وان المؤلف طليق في معانيه والمترجم أسير معاني غيره مقيد بها، مضطر الى الاتيان بها كما هي وعلى علاتها اذا التزم بالأمانة.
وان الترجمة نافذة للعرب كما لغيرهم على ما انتجته وفكرت به الامم الاخرى، فقد برز منهم الجاحظ الذي أسس للكتابة العربية السردية، والفارابي الذي أحاط به ثلّة من المترجمين فتفلسف بنتاجاتهم واستنار بآرائهم، وابن رشد الذي كانت الترجمات الفلسفية منفذا له الى فكر ارسطو.
واكد في العصر الحديث أسهمت أسماء أخرى في هذا المجال منهم : طه حسين، احمد زكي وابراهيم المازني وحافظ ابراهيم والمنفلوطي وخليل مطران والزيات وجبرا ابراهيم جبرا وغيرهم.
واشار البطيحي: هناك نوعان من الترجمة حسب ما يذهب اليه الدكتور صفاء خلوصي ترجمة حرفية واخرى تصرفية، واهم خاصية في الاولى انها تصلح للمطابقة مع الاصل فتقارن بين قواعد اللغتين وتسمح بنقل طرق التعبير والاساليب من لغة الى اخرى، اما التصرفية فإنها تتمثل بترجمة المضمون إذ يتصرّف فيها الناقل وكأنّه المؤلف، واعتبر الترجمة التي تفقد بعض الفاظ الاصل وتحتفظ برونق وجمال يحببانها الى نفس القارئ بالترجمة “الملهمة” وقد جاء كل ذلك في كتابه “فن الترجمة” عام 1986. ويوجد فرق بين الترجمة الحرفية والترجمة الفورية، والاولى يقوم بها (المترجم) وهي قابلة للتأني في التعبير والإيجاز والدقة وتقبل الإيجاز والتصويب، وخير ما توصف به الترجمة الحرفية، اما الثانية فيقوم بها (الترجمان) الذي يعتمد على الذاكرة اساسا وبهذا فهي تسابق الزمن وترتجل الحل لإعطاء مجمل المعنى آنياً. ولا بدَّ أن نختصر ونقول ان مسار الترجمة اتفق على اهمية نقل المعارف لكنه لم يتفق على مفهومها وكيفيتها.
* وإنّ مترجم النص الأدبي شبيه بالمبدع الاصلي لأنّ كليهما يرميان الى تحويل النص الباطني الى نص ظاهري، الا ان هناك بعض الاختلاف بينهما وهذا يكمن في كون المترجم لا يتمتع بحرية اختيار عناصر النص الباطني كما هو الحال بالنسبة للكاتب الاصلي. ومهمة المترجم الرئيسة هي ان يكون ناطقا أمينا بلسان الكاتب الاصلي يوصل صوته وافكاره بأمانة، لا بل عليه ان يعرف الكثير عن عصره وهذا يتطلب منه جهدا اضافيا.
* وعن الترجمة من اللغة العربية الى اللغة الانكليزية وبالعكس:
فعندما يترجم المترجم نصا من اللغة الانكليزية الى اللغة العربية (اللغة الأم) فهو في سياحة واسعة في فضاء المعرفة اللغوية المتراكمة منذ شروعه في النطق، وخلاف ذلك هو الحال في الترجمة من اللغة الاجنبية الى اللغة الأم اذ يستند المترجم الى الكم المعرفي المكتسب من خلال الدراسة والتقصي والممارسة والاطلاع على تجارب السابقين والمعاصرين، وهذا ما لمسه عبد الصاحب البطيحي في تجربته في الترجمة والذي كانت تجربته في ترجمة نصوص انكليزية الى اللغة العربية والتي تمثلت في اصدار عدد من الكتب وهي:
 1- الماكنة تتوقف 2- نساء النبع 3- حكايات الليل 4- الأسفار الجليلة. تلتها ترجمة نصوص عربية (عراقية) الى الانكليزية تمثلت بثلاثة كتب هي 1- قصص عراقية 2- قصص من بغداد 3- نهايات شعر للشاعر حمدان المالكي.
* وعن كتابه (قصص من بغداد) وهو عبارة عن مجموعة قصص قصيرة مختارة كتبها ادباء عراقيون من بغداد حصرا لهم مكانتهم في الوسط الثقافي وهم اعضاء في الاتحاد العام للأدباء في العراق.
وقد احتوى الكتاب تسع قصص لحميد الربيعي وخمس قصص لمحمد جبر علوان وقصة لأسعد اللامي وقصة لعبد الصاحب البطيحي. وهي قصص تعالج ثيمة مشتركة تبحر في اعماق النفس البشرية وردود افعالها تجاه ما يستجد من احوالها، ويتميز اسلوب كل كاتب بسمات تتسم بملامح الحداثة، وتلتقي كلها عند محور واقع المجتمع المتردي وخسائره، لتنتهي بقصة رمزية تشير ضمنا الى انبعاث الامل.
والكتاب يقع في (261) صفحة وتم طبعه في مؤسسة ثائر العصامي سنة 2019.