غضب بلون {الشوندر»

آراء 2018/11/16
...

 نوزاد حسن
 
لا استطيع التفكير في قضايا البلد دون انفعال، هناك ترابط بين مشاكلنا اليومية وبين انفعالاتي كفرد يعيش داخل حدود هذا الوطن، لذلك السياسة تعني عندي ليس فن الممكن كما يشاع دائما، ان هذا التعريف بائس وغبي ايضا ولا ينطبق علينا لا من قريب ولا من بعيد، فأي ممكن موجود على ارض الواقع مثلا ثم استخدمته السياسة لتغيير حياتنا، اعطوني ممكنا واحدا طورته قوانين السياسة نحو الاحسن وعلى هذا الاساس افكر على الدوام بأنني اشتعل بنار حريق غير مرئية ومن حسن حظي ان لوني لا ينقلب بصورة دائمة الى اللون "الشوندري" الغامق، بسبب نكهة القلق التي تدخل الى جسدي في كل
 يوم.
  في الغرب حصل تطور جميل جدا ترك اثره في حياة الناس، وقد لا يعرف مهاجر من اصدقائي سر عملية التنظيم في اوروبا، لكن هذا المهاجر يتنعم بخيرات نحلم نحن بالتمتع
 بها.
  صديقي هذا كان حين يغضب يتحول لونه الى لوننا الغاضب الوطني اعني لون"الشوندر" وكأننا نفور الى حد الانفجار، كنت اشاهده ينفعل ايام التسعينات وما بعدها، اما اليوم فيبدو ان صديقي تجاوز محنة غضبه التقليدي التي نعاني منها وحين اتحدث معه أجده اكتسب صفاء هدوء لا يمكن اسنفزازه، مهما حاولت اثارته والتلاعب باعصابه فانه يقابل كل محاولاتي بالضحك الهادئ الذي صار عادة طبيعية
 له.
  ذكرته بحياته الماضية وبلون غضبه "الشوندري"وهياجه غير المسيطر عليه، فاجابني ان ذلك كله انتهى، نعم ذلك كله انتهى وسألته عن السبب فلم تكن لديه اجابة مقنعة، وهنا قلت له ان السياسة هي السبب، سألني
 كيف؟.
  قلت حين ترتكب اخطاء سياسية وحين لا تكون الدولة قادرة على فرض قانون، يتساوى فيه الناس ويشعر الانسان بانه غير مرتاح وسيواجه خطرا قاتلا، لدي هنا جملة مهمة تقول" العقل السليم في الحكم السليم". 
لذا فان اي سلطة هي المسؤولة عن عقول جماهيرها، ولا ابالغ لو قلت إن أي خطأ سياسي او اي سرقة لا يتم كشف سارقها ومعاقبته، فهذا يعني ان عقل الانسان سيصاب بمرض خطير اسميه بالكآبة الوطنية، صديقي المهاجر افلت من كآبتنا الوطنية الى مكان يتنفس العقل فيه بحرية كاملة، لا يصطدم عقل صديقي بمنظر يجعل العقل غريبا عن بيئته، يبدو ان مشكلتنا معقدة جدا وعلى السياسة ان تتغير لتتغير عقولنا جميعا.
  لا يعرف صديقي ان افضل تعريف للسياسة اقدمه له هو ان اي نظام في العالم يستحق هذا الاسم عليه ان يسيطر على انفعالات الناس، واذا كانت الاحداث السياسية مفاجئة ومخيفة وفيها تحد كبير، فالقضية ستكون في النهاية فوضى عقلية تسيطر علينا وتحولنا الى بشر غاضبين نقلق من كل شيء ونخاف من كل شيء.
  هكذا هي حياتنا، انها لعبة توازن دقيقة بين حركة السياسة وامواج عقول الناس، الا يفسر كل ما قلته ثورتنا وغضبنا وهياجنا، حين نشاهد انفعال المتكلمين وصراخهم وكأنهم يريدون اسماع من لا يسمعون.