نهاية البغدادي

آراء 2019/10/28
...

حسين علي الحمداني
 
ما بين بروزه كزعيم لعصابات “داعش” الإرهابيّة ومقتله في يوم 26 تشرين الأول 2019 ظل أبو بكر البغدادي متخفيّاً في جحور بعيدة عن الأعين وعن المواجهات، ولعل الظهور الوحيد له بشكل تام كان بعد احتلال الموصل وخطبته في جامع النوري، وبعدها اختفى، ثم اختفت معه دولته المزعومة التي انهارت سواء في سوريا أو في العراق وما تبقى من أتباع له لاذوا في محميات طبيعية ما بين حدود دول المنطقة ينتظرون اليوم (خليفة جديد) قد يتم تنصيبه قبل نشر هذا المقال ليبايعوه كما بايعوا من قبل أبو بكر البغدادي.
أميركا التي أنهت من قبل أسامة بن لادن ومن ثمّ ابنه حمزة، أنهت أيضا البغدادي وروّجت عبر وسائل إعلام أميركية عن أبرز من سيخلفه ومن بين أكثر ألأسماء تداولا أسم أبو عمر التركماني وهو ضابط سابق في الجيش العراقي كما تقول سيرته الذاتية، وهو أيضا أحد خريجي سجن بوكا في البصرة ولم تثبت عليه أية تهمة وتم إطلاق سراحه!، والفقرة الأخيرة يشترك فيها أغلب قيادات تنظيم “داعش” ووزراء دولة البغدادي الذين سيتحولون إلى وزراء أيضا في دولة أبو عمر التركماني المرشح (الأوفر حظا) لتسلّم الخلافة.
والترويج الأميركي لأسماء محتملة لخلافة البغدادي يؤكد بما لا يقبل الشك أنّ هذا التنظيم سيظل موجودا ويبقى يشكل تهديدا لأمن الدول وعموم المنطقة، بل وحتى أوروبا التي حظيت بنصيب من العمليات الإرهابيّة.
من تابع منا مسيرة المجاميع الإرهابيّة في العقدين الأخيرين سيكتشف أنّها تنقسم إلى قسمين، الأول؛ محلي ذو إمكانيات محدودة وقائم على فرد واحد أو مجموعة صغيرة من الأفراد وينتهي هذا التنظيم أما بمقتل زعيمه ويتم غلق ملفه من خارطة التنظيمات الإرهابية، والنوع الثاني ذو صفة إقليمية أو عالمية كما هو شأن تنظيم القاعدة وتنظيم “داعش” الذي تحول في يوم ما إلى (دولة) كما كانت تطلق عليه وسائل الإعلام الغربية بصورة عامة وبعض وسائل الإعلام العربية استخدمت مصطلح (الدولة) وهذا ما يوحي لنا أنّ هناك قوى كبرى وأخرى إقليمية تريد إبقاء هذا التنظيم موجودا على الأقل في الساحة الإعلاميّة وهذا ما يجعلنا نقول إنّ مقتل البغدادي ومن قبله بن لادن لن ينهي الإرهاب كما يتوقع البعض ما لم تكن هناك إرادة موحدة لدول المنطقة في القضاء على الفكر الإرهابي الذي جعل من منطقتنا ودولنا ساحة لحروبه التي لا تتوقف، علينا أن نكافح الإرهاب بصورة عامة وأن نؤسس لمجتمعات تتعايش بأمن وسلام وبث روح التسامح بينها، هذا من جانب، ومن جانب آخر أن لا نجعل من (المجاميع الإرهابية) سلاحا يستخدمه بعضنا ضد البعض الآخر كمحاربين بالنيابة عن طرف من الأطراف، المنطقة التي نعيش فيها لا تتحمّل مزيدا من الحروب والنكبات، وهي بحاجة ماسة للاستقرار وتجاوز عقودا طويلة من النزاعات المسلحة التي أجهزت على البنى التحتية والتركيبة الاجتماعية في المنطقة وحولت جزءا مهما من شعوبها إلى نازحين ومهاجرين إلى شتى بقاع
الأرض.