درس جديد بحق

آراء 2019/10/29
...

نوزاد حسن
 

  طيلة اعوام دراستي وحتى انتهائي من الجامعة كنت اكره درس التربية الوطنية كما كان يسمى آنذاك.
   لم اكن اطيق لغة ذلك الكتاب المفروض علينا فرضا في اكثر المراحل الدراسية.كما ان من كان يعلمنا او يلقي علينا المحاضرات لم يكونوا اساتذة لبقين وذائبين في عشق الوطن الذي يدرسوننا فيه كيف نحبه ونعشقه.
  لا اذكر ان احد اولئك المدرسين كان لماحا وقادرا على فهم ما يدرسه لنا.ولو اردت ان اصف شعوري الان بعد كل تلك الاعوام وذكريات الدروس الوطنية المملة لقلت:ان دروس التربية الوطنية تشبه الى حد بعيد كتب تعليم السباحة.
لا فرق بين كتاب التربية الوطنية وبين اي كتاب يعلم السباحة عن طريق شرحها.ومن السهل جدا حفظ كتاب السباحة بالكامل لكن هل سيكون حافظ الكتاب شخصا قادرا على السباحة ان نزل الى مسبح صغير وليس الى نهر.
  لن يتعلم الانسان الوطنية من كتاب كما لن يتعلم فن العوم من كتاب يشرح كيفية تحريك الايدي والارجل 
نظريا.
  الكتب لا تعلمنا شيئا مهما عن التربية الوطنية التي تهدف الى جعلنا وطنيين مؤمنين بقضايا وطننا ومشاكله وتحدياته.قد نحصل على تعريف للوطن لكننا لن نحصل على الاحساس بالوطن.والفارق كبير بين التعريف وبين الاحساس الذي يحس به الانسان حين يخاف حقا على وطنه لانه يخاف على نفسه ايضا.
   كم كنت اكره التعريف الذي يحاول ان يقدم لنا الوطن من خلال بعض الاسطر مكتوبة باسلوب مشابه لتعريف أي حشرة.انا اتحدث هنا عن دروس صارت عتيقة قياسا بعالم اليوم المليء بتدفق معلوماتي خطير وجميل في الوقت نفسه.
  اذن اين عشت الشعور الوطني الصرف الخالي من الادعاء.؟
عشته في الحقيقة حين بدأ التظاهر السلمي المطالب بإجراء اصلاحات جذرية تقضي على الفساد,وتحسن الواقع المعيشي 
للمواطنين.
  لنشدد اولا على ان أي مظاهر لتخريب المؤسسات او أي تجاوزات اخرى مرفوضة بكل تأكيد.ولا اظن ان المتظاهرين الذين يطالبون بحقوقهم سيقومون بمثل هذه الاعمال.ومع ان التظاهرات رافقها سقوط ضحايا من المواطنين والقوات الامنية وحسب ما جاء في التقرير الحكومي وما قيل عنه من اعتراض..اقول :رغم كل ذلك فسيظل هناك شيء نقي جدا واضح للجميع وهو ان الكل يريدون ان تتغير صفحات السياسة الى صفحات جديدة بمضمون 
جديد.
  حين يهتف الانسان للوطن,وللحقوق الشرعية للمواطنين فهذا يعني ان ممارسة فعلية حصلت على ارض الواقع.اي ان الانسان حين يقرر التظاهر فهو يختار قراره بنفسه.لا احد يقوده الى اين سيخرج ،بل هو من يقرر هذا الامر.ومن اتحدث معهم يحاولون ان يعبروا عن نوعية التجربة التي يعيشونها لكنهم لا يستطيعون شرح ذلك الشعور الصافي الذي يجعلهم فخورين وفرحين في الوقت 
نفسه.
  التظاهر اذن تجربة رائعة يعيشها هذا الجيل.انها تجربة تضامنية بين فئات مختلفة.وهي شعور اساسه الحرية غير المقيدة بقانون سوى قانون الاحساس الوطني.