براغماتيَّة المشهد الاقتصادي

اقتصادية 2019/10/29
...

 
ثامر الهيمص
 
النزعة العمليَّة بشعارها القائل "تقاسُ الأمورُ بنتائجها" انعكس سلباً على مريديها، وذلك لسعة باب التأويل بين رأسمالية منفلتة وأخرى منضبطة بموجب النظرية الكينزية التي جاءت كترياقٍ لأزمات الكساد والركود الاقتصادي في ضوء مشكلة الدورات الاقتصاديَّة، فتركُّز 1 بالمئة من الثروات بيد شريحة واحدة يقلل الإنفاق ليتجه رأس المال نحو المصارف وعالم الفوائد والريوع والنزعة الاستهلاكيَّة.
القرار الشجاع للبنك المركزي بالسيطرة على تنقلات الأموال، المزمع تنفيذه في شباط 2020، جاء متأخراً ولكنه خيرٌ من ألا يأتي، كما نأمل أنْ تكون البنية التحتية التي تحتضنه جاهزة منذ الآن وتتمثل بالسيطرة على المنافذ الحدوديَّة وإنفاذ الحكومة الالكترونيَّة وإحياء مديريَّة التحويل الخارجي لدعم اقتصادنا الحقيقي ولجم النزعة الاستهلاكيَّة ليُحسم أمر نافذة بيع العملة التي لم تشكل بديلاً ناجحاً حسب النتائج وما رافقها والأسباب الاقتصاديَّة والماليَّة معروفة.
من المفروض أنْ يتطور الأداء المصرفي بتحويل الاكتناز الى مدخرات في المصارف، إذ إنَّ 77 بالمئة من الكتلة النقديَّة مكتنزة، ما وجَّه المصارف لخدمة الاستيراد العشوائي بنتائجه الكارثيَّة في الزراعة والصناعة في غياب الإرادة غير الاقتصاديَّة وما حققته من انفلات في الأداء المالي كما أعلنت نتائجه عندنا.
لذا لا بدَّ من  قراءة متأنية للمشهد الاقتصادي الدولي من أنَّ أزمة ستضرب الاقتصاد العالمي الرأسمالي في العام 2022 ينجم عنها ركودٌ اقتصادي كدورة تقليديَّة في المنظومة الرأسماليَّة التقليديَّة، وهذا سينعكسُ على أسعار النفط سلباً، لجعلها تراوح منخفضة، ما سيؤثر سلبا في اقتصادنا لأننا دولة نفطيَّة بامتياز، فسيصيبنا بعضٌ من آثار ذلك كوننا ما زلنا في مديونيَّة بحدودها العليا إذا ما قيست بعلاقتها بالناتج الوطني، ومن ناحية العلاقات الاقتصاديَّة نحن في ميزان تجاري مائل لصالح ثلاثة زبائن الصين إيران تركيا وبعض الدول 
العربيَّة.
إنَّ اقتصادنا الحقيقي المتمثل بالزراعة والصناعة حالياً لا يسر رغم منجزات حماية بعض المنتجات العراقيَّة لأن قطاعنا الخاص ما زال بحاجة للدخول في شراكات مع القطاع العام، ما يتطلب أولاً تفعيل استثمار المكتنز من الأموال بأيادٍ وطنيَّة متنورة ومدركة لجسامة الأمور، قبل التفكير بالاقتراض الخارجي.
أما الاستثمار الأجنبي والمحلي فيجب أنْ يكون من خلال المؤسسات ذات العلاقة ووفق نموذج مشروعنا في الكهرباء مع الصين مثلاً، وعابراً للهويات والعناوين لكي نقلب المعادلة الريعيَّة ونتحول من مجرد سدنة لأبراج النفط الى منتجين بشركة نفط وطنيَّة وقانون نفط يحميها من إجراءات عقيمة كان ثمنها ولا يزال هو عرقلة المشروع العراقي الرائد لنتكافأ مع دول الجوار على الأقل باحترام وكفاءة.