تبادل للرسائل بين عبد المهدي والصدر
الثانية والثالثة
2019/10/29
+A
-A
بغداد / الصباح
أكد رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي في رسالة وجهها الى سماحة السيد مقتدى الصدر، أن الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة تتطلب اتخاذ خطوات قانونية ودستورية أولاً، وذلك عبر طريقين أولهما أن يحل البرلمان نفسه بتصويت الأغلبية أو بموافقة رئيس الجمهورية على طلب من رئيس مجلس الوزراء على حل البرلمان، والدعوة لانتخابات مبكرة خلال 60 يوماً، وإن هذا الحل لن يتحقق الا بتصويت مجلس النواب على حل المجلس بالأغلبية المطلقة، لتتحول الحكومة الحالية بعد ذلك إلى حكومة "تصريف أعمال".
وبين عبد المهدي مخاطر وسلبيات الدعوة إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة في هذا التوقيت من السنة، وأكد ان "تحول الحكومة الى حكومة تصريف أعمال يومية معناه عدم تمرير الموازنة، ومعناه التوقف عن التوقيع على المشاريع الجديدة والقوانين المطلوب تشريعها بأسرع وقت والتي بها نحقق خطوات تم الاتفاق عليها للإصلاح وتوفير فرص العمل وتشجيع الاستثمارات والاعمال الجديدة"، خصوصاً إن طالت مدة إجراءات حل البرلمان وتشكيل مفوضية انتخابات جديدة وما يتبعها من قضايا أخرى.
بينما رد سماحة السيد مقتدى الصدر برسالة جوابية وجهها الى رئيس الوزراء، قال فيها:
إنه "جواباً على رسالتك.. كنتُ أظن أن مطالبتك بالانتخابات المبكرة فيها حفظ لكرامتك، اما إذا رفضت.. فانني أدعو هادي العامري للتعاون من أجل سحب الثقة عنك فوراً".
وأضاف السيد الصدر:"ادعو العامري للعمل معاً لتغيير مفوضية الانتخابات وقانونها والاتفاق على اصلاحات جذرية من ضمنها تغيير بنود الدستور لطرحها على التصويت، وفي حال عدم تصويت البرلمان فعلى الشعب ان يقول كلمته (أرحل).
وفي ما يلي نص الرسالة الموجهة من رئيس مجلس الوزراء السيد عادل عبد المهدي الى سماحة السيد مقتدى الصدر
••••••••••
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة السيد مقتدى الصدر حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طالبتني بالذهاب الى مجلس النواب والدعوة من تحت قبته لانتخابات مبكرة تحت اشراف الامم المتحدة ومفوضية جديدة. وانني اشكرك فمن حق اي قائد واي مواطن أن يطالب رئيس الوزراء بما يراه مصلحة وطنية وقد يكون المقترح المقدم أحد المخارج للازمة الراهنة للاسباب الاتية:
قد تأتي نتائج الانتخابات حاسمة وبالتالي يمكن تشكيل حكومة أغلبية سياسية واضحة تتمتع بدعم برلماني واضح.
قد يسهم الحراك الشعبي نتيجة التظاهرات الاخيرة بمشاركة واسعة من الشباب في الانتخابات المقبلة وقد تقود التعديلات الدستورية والاصلاحات المطروحة لتغيير كامل المناخ السياسي في البلاد ويحدث تجديداً في القوى السياسية الحاملة لمشروع المرحلة المقبلة.
هناك خطوات أستطيع انا القيام بها واخرى تتعلق بأطراف اخرى، كذلك هناك تحفظات على اختيار هذا المخرج للازمة.
لا يكفي ذهاب رئيس مجلس الوزراء الى البرلمان لاعلان الانتخابات المبكرة ليتحقق الامر، بل هناك سياقات دستورية (المادة 64) يجب على رئيس مجلس الوزراء الالتزام بها. فالانتخابات المبكرة تستدعي أن يوافق رئيس الجمهورية على طلب من رئيس مجلس الوزراء على حل البرلمان، والدعوة لانتخابات مبكرة خلال 60 يوماً، وهذا لن يتحقق الا بتصويت مجلس النواب على حل المجلس بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه، اي باغلبية 165 صوتاً، وتعتبر الحكومة مستقيلة وتتحول الى حكومة تصريف اعمال يومية.
او ان يقدم بموجب (المادة 64) ثلث اعضاء مجلس النواب اي 110 أصوات طلباً لحل مجلس النواب، وإذا صوت مجلس النواب بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه فان انتخابات تشريعية جديدة يجب ان تتم خلال 60 يوماً وتعتبر الحكومة مستقيلة وتتحول الى حكومة تصريف اعمال يومية.
وكما كتبت في رسالة سابقة الى سماحتكم هناك بعض التحفظات.
اذا كان هدف الانتخابات تغيير الحكومة فهناك طريق اكثر اختصاراً وهو ان يتفق سماحتكم مع الاخ العامري على تشكيل حكومة جديدة، وعندها يستطيع رئيس مجلس الوزراء تقديم استقالته وتتسلم الحكومة الجديدة مهامها خلال ايام ان لم نقل ساعات من تحقق هذا الاتفاق. واعتقد ان الكتل السياسية ستتعاون بشكل واسع لتحقيق التصويت اللازم. اما الانتخابات المبكرة فمجهول امرها. فمتى سيتسنى اجراؤها؟ وهل سيتم الاتفاق على كامل شروطها؟ وهل ستأتي نتائجها حاسمة؟ وغيرها من امور قد تتركنا امام مجاهيل كبيرة.
ان تحول الحكومة الى حكومة تصريف اعمال يومية معناه عدم تمرير الموازنة، ومعناه التوقف عن التوقيع على المشاريع الجديدة والقوانين المطلوب تشريعها باسرع وقت والتي بها نحقق خطوات تم الاتفاق عليها للاصلاح وتوفير فرص العمل وتشجيع الاستثمارات والاعمال الجديدة، ناهيك عن امور اخرى كثيرة يجب الالتفات اليها. فكم ستستغرق عملية حل مجلس النواب؟ او تغيير المفوضية؟ فالمستثمرون يهربون بسبب المجهول والاحداث الدامية، وهناك دماء تسيل مما يتطلب اجراءات واضحة لتستطيع الدولة القيام بواجباتها، وتحفظ النظام العام وتطبق القانون على الجميع.
تطالبون بعدم مشاركة الاحزاب الحالية الا من ارتضاه الشعب.
واشير الى انني ذكرت في خطابي الاخير ان الاحزاب السياسية قد تخلفت عن فهم المعادلات الجديدة للبلاد فلم تقم بواجبها كما يجب، كما تخلفت عن ذلك الدولة، فنزل الشعب الى الشوارع يعبر عن رأيه. وكل ذلك نتيجة اجتماعية/ سياسية تمر بها كل التجارب والامم. لكن من سيعرف الاحزاب التي يرتضيها الشعب؟ فالحريات والحقوق التي يجب ان تكفل للجميع لا تقررها اجتهادات شخصية، حتى وان كانت ستبرهن عن صحتها في نهاية المطاف. فصناديق الاقتراع هي الوسيلة الافضل للتعبير عن رأي الشعب شريطة ان نقترب اكثر ما يمكن من توفير جميع الشروط ليتطابق رأي الشعب مع نتائج الانتخابات.
هكذا كان الامر تاريخياً ولدى بقية الشعوب، وهكذا هو الان وبالنسبة للشعب العراقي. فالشعوب ليست حالات هلامية او افتراضية سيدعي كل منا تمثيله. لذلك رفض امير المؤمنين عليه السلام بيعة في ليل. ولذلك يجب ان تظهر ارادة الشعب واضحة جلية. فاذا كان هناك استبداد فان الثورات هي الحل.
وإذا كان هناك نظام ديمقراطي يوفر الوسيلة للتعرف على رأي الشعب فإن صناديق الاقتراع هي الحل، أما أن يحتكر فرد أو حزب السلطة ويفرض إرادته على الشعب، أو يأتي ملثمون ويغلقون جامعة من الجامعات ويكتبون على الأبواب "مغلقة باسم الشعب"، أو أن يقوم مدير مدرسة بإخراج المراهقين الى الشوارع باسم الشعب، فهذا انحراف واحتكار وتصرف تعاقب عليه في النهاية السنن الالهية والبشرية، كما يعاقب عليه القانون ولا يمثل رأي الشعب.
سماحة السيد.. انني اتفهم تماماً مشاعر شبابنا من قضايا بلدهم واهمية مشاركتهم فيها. فلقد كان لنا ايضاً شبابنا وحماسنا. وقد لا تعلمون بانني فصلت من مدرستي في الصف الرابع ثانوي وعمري يومها 14-15 عاماً، لانني شاركت بمظاهرات بور سعيد والعدوان الثلاثي على مصر وضد الانتخابات التي اسميناها يوماً بالمزورة عام 1956-1957. ان حماس شبابنا وحرصهم هو عامل اطمئنان ان اجيالنا الصاعدة تتمتع بحس وروح وطنية عالية. وسيتعلمون بتجربتهم الخاصة الطريق الصحيح الذي يجب ان يرسموه لبلدهم. وان واجبنا ليس قمعهم وردعهم بل احترامهم والاستماع اليهم ومساعدتهم بكل ما يمكن من وسائل. لقد قمنا بما يمليه علينا واجبنا فاصبنا واخطأنا، وهم سيتسلمون المسؤوليات وادعو العلي القدير ان لا يعيدوا ارتكاب اخطائنا بل ان يتعلموا منها، وسيتفهم الشعب عندها اخطاءهم عند تحملهم المسؤولية، ان كانت مخلصة وفي طريق الاصلاح وتجديد دماء الشعب والبلاد.
"لا يكلف الله نفساً الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.. ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا.. ربنا ولا تحمل علينا اصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به. واعف عنا واغفر لنا وارحمنا.. انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين."
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عادل عبد المهدي
رئيس مجلس الوزراء
29 - تشرين الأول - 2019