مشاورات مكثفة لاختيار رئيس الوزراء الجديد

الثانية والثالثة 2019/12/02
...

بغداد / الصباح / مهند عبد الوهاب
 

أعلنَ نواب من مختلف الكتل السياسية دخول المشاورات حيز التنفيذ لاختيار بديل لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي منذ الساعة الأولى لإعلانه الاستقالة، وبينما أعرب سياسيون عن تفاؤلهم بأن يجري الاتفاق على تسمية المرشح البديل خلال وقت قصير وأن يعلنه رئيس الجمهورية قريباً، أبدى آخرون تشاؤماً إزاء ذلك ورجحوا دخول العملية السياسية في تجاذبات وجدل تطول مدته باختيار رئيس الوزراء الجديد وأعضاء كابينته الوزارية وبينما أعلن نواب عن تحالف سائرون الذي يتزعمه السيد مقتدى الصدر شروطهم في المرشح المقبل ومطالبة التحالف بتنحية القوى السياسية عن مهمة الاختيار؛ أكد تحالف الفتح السعي لاختيار شخصية مستقلة مقبولة لدى الشعب العراقي. 

وقال النائب عن تحالف سائرون بدر الزيادي: إن تحالفه «لن يشترك باختيار رئيس الوزراء الجديد، كون التحالف معارضاً داخل قبة البرلمان، ولكننا بعد قبول استقالة عبد المهدي من البرلمان سنتحول الى البحث عن شخصية رئيس الوزراء المكلف». وأشار الزيادي لـ «الصباح» إلى أن «الاستقالة تسير وفق الآليات القانونية، ومن بعدها سيتم تكليف رئيس وزراء جديد من الشخصيات الوطنية بعيداً عن الأحزاب والتكتلات السياسية شريطة أن تحظى الشخصية بقبول الشارع العراقي وسنكون داعمين 
لها إن تم ذلك».
وأضاف أن «هدف الكتل السياسية في هذه المرحلة أن تصل بالعملية السياسية الى بر الأمان وتحقيق اختيار شخصية وطنية مستقلة حقيقية لرئاسة الحكومة ليس له ماضٍ في الانتماء الى الأحزاب ومعروف بنزاهته وله القدرة على اختيار كابينة وزارية مستقلة وكفوءة وفعالة لتحقيق أهداف المتظاهرين المشروعة التي تصب في صالح الشعب»، مؤكداً أن «كتلة سائرون ستكون مراقبة ودقيقة في الاختيارات شرط أن يقبل الشارع المتظاهر بالشخص الذي يتم اختياره لرئاسة الوزراء».
 
موقف سائرون والفتح
موقف تحالف سائرون، أعلنه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي مساء أمس الأول السبت مقرب من زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، مبيناً أن السيد الصدر سيعمل على منع الأحزاب والتيارات السياسية كافة -بما فيها تياره- من تشكيل الحكومة المقبلة بعد استقالة الحالية برئاسة عادل عبد المهدي. ونقل (صالح محمد العراقي) تفاصيل لقاء جمعه مع السيد الصدر ونشر ما دار بينهما خلاله على موقع التوصل الاجتماعي “فيسبوك”، وقول الصدر: “إنني لم ولن أسمح بعودة الفاسدين بثوب آخر وبمسميات أخرى وسنمنع كل الأحزاب والتيارات كما منعنا (التيار الصدري) من التدخل في تشكيل الحكومة 
والمفوضية وقانونها”.
ونقل (العراقي) عن السيد الصدر قوله: “سوف نضغط بمعيتهم وسلميتهم على القضاء لمحاسبة الفاسدين والسراق وإن كانوا يدعون الانتماء لنا فضلاً عمن هم خارجون عنا”.
النائب عن التحالف رعد حسين قال: إن “تحالف سائرون اتخذ قراراً نهائياً بشأن المرشح البديل لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي”، مشيرا إلى أن “القرار هو عدم مشاركته في أي اجتماع للكتل السياسية ولا يأتلف مع أي جهة سياسية أو يقوم بترشيح شخصية لشغل منصب رئيس الحكومة المقبل”. وأضاف أن “القرار تضمن أيضا عدم السعي بأي شكل من الأشكال الى تشكيل الكتلة الأكبر، إلا أنه سوف يحضر جلسات التصويت على المرشح الجديد وتصويته سيبنى على تبني ما يطلبه المتظاهرون”، موضحاً أن “اتفاق الكتل السياسية على تسمية البديل ودفعه الى رئيس الجمهورية لغرض التكليف سيأخذ وقتاً طويلاً”، مرجحاً أن “تستغرق المداولات مدة شهر وهي المدة الدستورية لحكومة تصريف الأعمال”. في المقابل، أعلن النائب عن تحالف الفتح محمد البلداوي بدء المشاورات السياسية بين الفرقاء والقوى للبحث عن شخصية مستقلة خلفاً لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي.
وقال البلداوي في تصريح صحفي: إن “المشاورات السياسية استبقت جلسة مجلس النواب للبحث عن شخصية تحظى بمقبولية الشارع والكتل السياسية”، مؤكداً “اختيار شخصية مستقلة ليس عليها مؤشرات فساد ولا تتبع أي جهة حزبية قادرة على إدارة البلد ومواجهة الأزمات والمنعطفات التي تمر بها البلاد جراء التحديات الخارجية”.
 
ترجيحات وآراء
ورجح النائب عن تيار الحكمة حسن خلاطي تكليف مرشح خلال أسبوع يتولى مهام تشكيل الحكومة الجديدة.
وقال خلاطي في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع): إنه “ينبغي تكليف مرشح لتشكيل حكومة جديدة وفق جدول زمني محدد”، مبيناً أن “الحكومة الحالية ستستمر في مهامها كحكومة تصريف أعمال”، مشيراً إلى أنه “سيكون لنا موقف حسم الأمور خلال أسبوع أو أقل، لأن الوضع العام غير مستقر ويتطلب التسريع لتشكيل 
حكومة جديدة”.
بينما لفت النائب عن مكون الصابئة المندائية نوفل الناشئ إلى أن “الأضواء متجهة الآن الى ما بعد حكومة عبد المهدي المستقيلة”. وأضاف في تصريح لـ “الصباح” أن “اختيار رئيس الوزراء الجديد يجب أن يكون وفق معايير مهمة منها الوطنية وعدم الانتماء الى أي حزب وبعيد عن الطائفية والموالاة لأي جهة سياسية”، مشيراً إلى أن “على الكتل السياسية الاشتراك في طرح اسم رئيس وزراء جديد يتمتع بمواصفات القيادة”، مؤكداً أن “على البرلمان دعم الحكومة الجديدة بقوانين تساعدها على اتخاذ إجراءات تنفيذ مطالب المتظاهرين بما فيها قانون النزاهة ومحاسبة الفاسدين، إضافة إلى تفعيل قانون (من أين لك هذا؟)، ويجب أن يشدد البرلمان على الحكومة الجديدة تفعيل كل قوانين النزاهة والعمل بها بشكل علني وتحويل مئات وآلاف ملفات الفساد الى القضاء والاقتصاص من الفاسدين”. وأشار إلى أن “الحكومة الجديدة ستكون تحت ضغط الشارع الغاضب، لذلك على الكتل السياسية أن تتأنى في الاختيار من أجل تشكيل حكومة قوية قادرة على مواجهة كل التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية”.
بينما أشارت النائب علية الامارة إلى أن “على البرلمان في هذه المرحلة أخذ دوره بشكل فاعل في تأدية مهامه أمام الشعب، وألا يقتصر على تطبيق مواد الدستور وإنما أن يلعب دوراً محورياً في تحديد شخصية رئيس الوزراء المقبل وكابينته الوزارية الجديدة”. وأكدت الإمارة في حديث لـ “الصباح” أن “البرلمان قادر على تجاوز كل الأخطاء التي مرت بالعملية السياسية منذ 2003 وحتى الآن، ومن أهم ما يمكن أن يقدمه البرلمان للشارع العراقي هو تجاوز فقرة الحزبية والطائفية والانتقال الى الوطنية التي يجب أن تتمثل بشخصية رئيس الوزراء المقبل”. ولفتت الى أن “الكابينة الوزارية الحالية التي رافقت عبد المهدي، كانت تتضمن وزراء كفوئين ومهنيين وهم من صلب المؤسسات التي استوزروا عليها مثل وزراء النفط والخارجية والتجارة.
من جانبه، أوضح النائب المستقل عباس العطافي، أن “مصطلح استقالة رئيس الوزراء لم تذكر بصورة صريحة في الدستور، وسيتوجه البرلمان الى إرسال كتاب لرئاسة الجمهورية لإعفاء رئيس الوزراء والكابينة الوزارية حتى يتم الذهاب الى المادة 81 ليتم التعامل معها بشكل رسمي”.
وأضاف العطافي لـ “الصباح” أن “البرلمان - في ملف اختيار رئيس الوزراء الجديد - سيأخذ بوجهات نظر ومطالبات الشارع العراقي بعيداً عن الأحزاب”، لافتا الى أن “على شخصية رئيس الوزراء الجديد التعامل مع مطالبات المتظاهرين على وجه السرعة لأنها مطالب مشروعة”.
وأكد النائب المستقل أن “كل دعوات الشارع العراقي الحالية حقيقية ومشروعة وتعبر عن وجهة نظر المواطنين في المطالبة بحقوقهم، لذلك على الحكومة الجديدة أن تكون حريصة على تنفيذ هذه المطالب وبآلية سلسة من أجل إنصاف المواطنين ودعم كل الحقوق المشروعة لهم من أجل تحقيقها بشكل عادل ومنصف وبما يحقق العدالة الاجتماعية”.
 
مبادرة العبادي
في غضون ذلك، أطلق رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي مبادرة تخص الأوضاع الحالية في البلاد.
وقال العبادي في بيان تلقته “الصباح”: إنه لضمان الانتقال السلس للسلطة، والتأسيس السليم للمرحلة المؤقتة وما سينتج عنها من بناءات للمرحلة الدائمة، نتقدم بمبادرتنا الوطنية هذه لإدارة المرحلة المؤقتة”.  وبيّن العبادي الخطوات الدستورية الواجب اتخاذها بدءاً من تطبيق المادة 61 من الدستور التي تنص على تكليف شخصية لرئاسة الحكومة خلال 15 يوماً، مقترحاً اختيار رئيس الوزراء الجديد لناشط مدني معاوناً لضمان تمثيل المتظاهرين وحضور مطالب الشعب بإدارة المرحلة المؤقتة وحكومتها المؤقتة التي تواصل عملها لمدة ستة أشهر تنتهي في 30 حزيران المقبل، وتتولى الحكومة المؤقتة تعديلات منصفة لقانون الانتخابات بما يضمن كسر الاحتكار السياسي وضمان صعود قوى ونخب جديدة وشابة، وكذلك تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة تماماً عن الأحزاب والكتل السياسية، ووضع ضوابط وآليات الانتخابات الضامنة للنزاهة والارادة الحرة للناخبين، وإجراء الانتخابات العامة، على أن تتم جميع المراحل الانتخابية بإشراف دولي من خلال الأمم المتحدة. وضمن مبادرة العبادي، فإن مدة السلطات الثلاث للمرحلة “المؤقتة” تنتهي بتاريخ 2020/6/30، ويباشر مجلس النواب الجديد المنتخب أعماله بتاريخ 2020/7/1، ً
 
خطوات قانونية
إلى ذلك أكدت اللجنة القانونية النيابية أن الحكومة الحالية ستتحول الى حكومة تصريف لمدة شهر واحد بعد قبول استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
وقال عضو اللجنة النائب حسين العقابي في تصريح صحفي: إن “تقديم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي طلب الاستقالة الى البرلمان دستوري”، مشيرا الى أن “قبول الاستقالة من البرلمان ستشمل استقالة جميع الوزراء وتتحول الحكومة الى حكومة تصريف أعمال لمدة شهر واحد لحين ترشيح رئيس وزراء جديد”. وأوضح العقابي أن “مسألة الكتلة الأكبر لن تكون عائقاً فإما أن تقوم الكتلة التي تدعي بأنها الأكبر بجمع تواقيع حية وتقدمها للمحكمة الاتحادية أو يتم عن طريق توافق جميع الكتل بترشيح رئيس جديد للحكومة”. 
بدوره أوضح الخبير القانوني علي التميمي أن رئيس الجمهورية سيواجه مشكلة قبل تكليف رئيس الحكومة الجديدة بشأن مصطلح الكتلة الأكبر. وقال التميمي: إن “استقالة عبد المهدي يجب أن تقدم الى رئيس الجمهورية، وليس الى البرلمان بدلالة المادة 18 من النظام الداخلي لمجلس الوزراء”، وأضاف أن “الحكومة تعد مستقيلة بأجمعها، وتبقى تصريف أعمال لمدة شهر، في حين أنها ستبقى لمدة 45 يوماً، لكون رئيس الجمهورية سيمنح مدة 15 يوماً لتكليف مرشح الكتلة النيابية التي تلي الكتلة التي ينتمي لها عادل عبد المهدي”. 
وأوضح أن “رئيس الحكومة الجديد سيمنح مدة 30 يوماً لتشكيل حكومته، لكن رئيس الجمهورية سيواجه مشكلة لأن عادل عبد المهدي لم يأتِ من كتلة معينة، وجاء بالتوافق”.ولفت التميمي إلى أن هناك ما وصفها بـ “التخريجة الدستورية” قد يصار لها لحل المشكلة، وهي “أن سائرون تعد الكتلة الأكبر ولم تعترض على ترشيح عبد المهدي حينها، وبالتالي فإنها وافقت عليه كرئيس للحكومة، وعليه فإن رئيس الجمهورية سيكلف مرشحاً من الكتلة التي تلي الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة
 الجديدة”.