الظواهر الصوتيَّة في العراق.. لماذا وكيف؟!

آراء 2019/12/08
...

عبدالله الجيزاني
 
معاناة طويلة عاشتها شعوب منطقة الشرق الاوسط والعراق منها على وجه الخصوص على مر تاريخها، حتى اصبح الاستقرار والتمتع بالخيرات التي تتمتع بها المنطقة حلما صعب المنال.. 
بعض النخب يرجع هذا للاطماع الخارجية، فالبلد فيه ثروات بشرية وامكانات اقتصادية كبيرة وبموقع جغرافي 
مميز. 
يذهب آخرون الى ان السبب يعود لبدايات تأسيس الدولة العراقية ورفض الوصاية الاستعمارية وما أعقبها من تأميم للنفط وطرد الشركات الاحتكارية، وكل يذهب بمذهبه وتوجهه ليفسر هذا
 الحال.
هذه التفسيرات تهمل الظواهر الصوتية التي تستغل جهل وحاجات الناس، خاصة وانها لاتحتاج لاي مؤهل سوى الجرأة الخطابية والتمكن من استدرار العواطف الشعبية، لتتحول هذه الظاهرة الى رمزية قيادية، ولتصبح لاحقا الرقم الأصعب في الساحة.. حينها يمكن لهذه الظاهرة واصحابها ان يفعلوا مايشاؤون ولها أن تتناقض كما تريد دون ان ينتبه لها عشاقها واتباعها..  بل ويتحول هؤلاء الاتباع الى صدى لهذه الظاهرة في خطئها 
وصوابها.
دفع العراق ثمنا كبيرا جدا لهذه الظواهر التي رافقت الدولة العراقية منذ تشكيلها، وشمل كل مفاصلها، إذ تجدها في المجتمع العشائري والديني والفكري ادبيا كان او سياسيا او اقتصاديا.. لكن يبقى التساؤل لماذا تنمو هذه الظاهرة في العراق والمجتمعات العربية والشرق اوسطية خاصة؟.
بعض علماء الاجتماع يرى أنّ هذه المجتمعات بحكم طبيعتها الجغرافية والاجتماعية تتحكم بها العواطف اكثر من العقل، وتحاول الهروب من واقعها المزري الى الاحلام التي توفرها لها الخطابات والشعارات
، يسهم عامل الاهمال والحرمان من التوعية والتثقيف في استدامة وتكرار نمو وظهور وتكاثر هذه الظاهرة.. وهناك تفسيرات وتأويلات أخرى تتناول جوانب أخرى تتحكّم فيها خصوصية كل مجتمع ونموه وظروف 
نشأته.
الأغرب أنّ هذه الظاهرة تنمو على حساب الظواهر العلمية والعملية التي يطرحها آخرون لمعالجة واقع الحال، بل ان اصحاب الطروحات الواقعية يحولون الى اعداء ويتهمون بشتى التهم التي تصل حد 
التخوين.. 
هذا الواقع أعطى للآخر المتربّص داخليا وخارجيا الى العمل على تشكيل ظواهر صوتية وقادة من ورق يتحكم بهم كيف يشاء، لاسقاط وتسقيط اصحاب الواقعية والمعالجات 
الحقيقية.
هذا الواقع الذي نعيشه وعاشته اجيال سبقتنا، يسهل تفسير ماتعاني منه شعوب هذه المناطق، ويقرب الحلول للساعين فعلا لها، وهي حملات توعية تشمل جميع طبقات المجتمع تبدأ من المدارس الابتدائية الى الجامعات ولاتنتهي في المضيف والمقهى، هذا طبيعي يحتاج لسنوات عمل طويلة قد تحرق جيلا او اكثر لتثمر في اجيال لاحقة.. 
ما يهمنا حقا أن يبدأ اصحاب النوايا الحسنة هكذا مشاريع، لانها تعد واجبا انسانيا ووطنيا وشرعيا على من يجيدها ويتمكن 
منها...