جولة مكوكية بين رئاسة الجمهورية والبرلمان لاختيار رئيس الوزراء

الثانية والثالثة 2019/12/17
...

بغداد / مهند عبد الوهاب
 
 
أجرت وفود نيابية من مختلف الكتل في الساعات الماضية جولة مكوكية إلى رئاسة الجمهورية للوصول إلى اتفاق مرض بشأن اختيار شخصية رئيس الوزراء المقبل، حيث عقد نواب يمثلون مختلف الكتل النيابية اجتماعا خاصاً مع رئيس الجمهورية برهم صالح لاختيار شخصية ترأس الحكومة المؤقتة المقبلة و»تلبي مطالب الجماهير»، وكشف عضو مجلس النواب عبود العيساوي، عن طلب الرئيس صالح، من ممثلي 170 نائباً استقبلهم مساء أمس الثلاثاء، الضغط على قادة الكتل السياسية لتقديم مرشح مقبول من الشارع، يأتي ذلك في وقت أجمع فيه نواب على أن انتهاء المدة الدستورية من دون تسمية رئيس وزراء جديد سيسمح لحكومة تصريف الاعمال 
بالاستمرار في عملها.
وقال عضو مجلس النواب عبود العيساوي في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع): «نحن ممثلون عن تجمع يضم 170 نائباً، التقينا رئيس الجمهورية وبحثنا معه آخر المستجدات لترشيح رئيس وزراء جديد، وبينا الموقف الذي نحمله كوننا قريبين من المتظاهرين ولنا علاقات مع تنسيقيات التظاهرات».
وتابع: «تقديراً للمرحلة الحرجة وضيق الوقت وقدسية الدماء التي سالت أكدنا الإصرار على تمرير شخصية مستقلة قادرة وخبيرة، بعيداً عن أجندات الأحزاب وأن تجمعنا سيكون سانداً للمرشح المقبل».
وأشار العيساوي -وهو نائب عن دولة القانون- إلى أن «رئيس الجمهورية طلب أن نضغط على قادة الكتل لتقديم مرشح يكون مقبولاً من الشارع العراقي، استناداً الى المتغيرات ولا بد من أن يكون رجلاً مستقلاً وصاحب قدرة».
 
وفد نيابي
وأفاد مصدر نيابي، أمس الثلاثاء بان «28 نائباً من الموقعين على ورقة المواصفات لمرشح رئاسة الحكومة المقبلة اجتمعوا مساء أمس مع رئيس الجمهورية برهم صالح للتنسيق والتعاون حول اختيار الشخص الذي تنطبق عليه تلك المواصفات وبما يلبي مطالب الجماهير».
وكان النائب المستقل عباس يابر العطافي، كشف في وقت سابق، عن أن وفداً نيابياً يلتقي رئيس الجمهورية برهم صالح مساء الثلاثاء لبحث مرشح رئاسة الوزراء، بعيداً عن رؤساء الكتل 
والأحزاب السياسية.
وأضاف، أن “الوفد الذي يلتقي رئيس الجمهورية يمثل 120 نائباً وقعوا قبل أيام على اختيار شخصية مستقلة لرئاسة الوزراء تحظى بمقبولية الشارع”، مهدداً بـ “اتخاذ موقف من رؤساء الكتل إذا لم يستجيبوا لرغبتنا في ترشيح شخصية مستقلة تحظى بمقبولية الشارع العراقي قبل أن تحظى بمقبولية الكتل السياسية”.
وقدم 174 عضواً في مجلس النواب، أمس الأول الاثنين، طلباً ملزماً لرئيس الجمهورية، برهم صالح، يتعلق بمواصفات رئيس الحكومة المقبلة، وتضمنت وثائق صادرة عن البرلمان، تواقيع النواب، وطلبهم من رئيس الجمهورية بأن يكون رئيس الوزراء الجديد المكلف، شخصية وطنية ومستقلة ومن حملة الجنسية العراقية حصراً، ولم يتسلم أي منصب حكومي أو نيابي منذ 2003 وحتى الآن ويحظى 
بقبول المتظاهرين.
تنافسات نهائية
ورجحت عضو مجلس النواب ندى شاكر جودت، أن تنحصر التنافسات النهائية على منصب رئيس الوزراء بين رجل وامرأة، كاشفة عن اجتماع نيابي عقد مساء أمس، لما وصفته بـ «فلترة» 
الأسماء المطروحة. وقالت جودت في حديث صحفي: إن “174 نائبا من مختلف الكتل السياسية وقعوا على قائمة تدعو الى اختيار رئيس الوزراء المقبل وفق شروط الشارع العراقي وتتلخص بالاستقلالية ولم يتبوأ أي منصب وزاري أو نيابي ويحمل الجنسية العراقية فقط”.
وأضافت، ان “هذا العدد من النواب شكل تجمعاً نيابياً سيكون له الصوت العالي داخل المجلس في التصويت على رئيس الحكومة المقبل”، مشيرة الى أن “التجمع حقق عدة لقاءات مع الحراك الجماهيري في بغداد والمحافظات وكذلك مع النقابات والاتحادات المهنية ومنظمات المجتمع المدني وحصل على مجموعة من أسماء للترشح للمنصب”. وأشارت جودت، الى أن “التجمع ناقش (مساء أمس الثلاثاء) تلك الأسماء لأجل فلترتها والوصول الى الاتفاق على اسمين فقط تنحصر بامرأة ورجل وبعد ذلك سيتم رفعها لرئيس الجمهورية لاختيار أحدهما”.
 
المدة الدستورية
في السياق نفسه، قال عضو اللجنة القانونية سليم همزة في حديث لـ “الصباح”: إن “الكتل السياسية تبذل كل الجهود للتوصل الى مرشح بديل مقبول لرئاسة الحكومة الجديدة وبحسب التفسيرات القانونية فإن المدة الدستورية تنتهي بتاريخ 19 من الشهر الحالي ومن المفترض أن تتوصل الكتل السياسية الى تسمية رئيس الوزراء ضمن المدة الدستورية”.
وأكد، انه “في حال لم تتوصل الكتل السياسية ورئيس الجمهورية الى تسمية رئيس الوزراء سيستمر بقاء رئيس وزراء حكومة تصريف الاعمال عادل عبد المهدي في إدارة الحكومة”، مبيناً انه “في حال انتهاء المدة الدستورية؛ فذلك لا يعني أن الحكومة انتهت وستبقى حكومة تصريف الاعمال، لأننا لا نستطيع العيش في الدولة من دون منصب رئيس الوزراء”.
وبين همزة، ان “النص الدستوري يشير الى أن يمسك رئيس الجمهورية المنصب التنفيذي في حال خلو المنصب في حال استقالة رئيس وزراء حكومة تصريف الاعمال، مما يشير الى ان حكومة تصريف الاعمال باقية وبصلاحيات محدودة الى أن تستقر الكتل السياسية على ترشيح رئيس حكومة جديد”.
وأضاف عضو اللجنة القانونية النيابية، ان “رئيس الجمهورية لا يحل محل رئيس الوزراء في حال انتهاء المدة القانونية والدستورية لتسمية رئيس الوزراء الجديد إلا في حال خلو منصب رئيس الوزراء فيكون البديل رئيس الجمهورية ويمارس صلاحياته الدستورية للمنصبين كاملة ولمدة محدودة لشهر أو شهرين لحين تسمية رئيس وزراء جديد”.
 
حوارات مستمرة
من جانبه، بين عضو اللجنة القانونية النيابية حسين العقابي، ان “الكتل السياسية مستمرة في الحوارات من أجل تسمية رئيس الوزراء وليست العبرة في إنجاز تسمية رئيس الوزراء وإنما يجب أن ينجز بالشكل الذي يحقق طموح الشعب العراقي والمتظاهرين الموجودين في الميادين”.
ولفت العقابي في حديثه لـ “الصباح”، الى أن “أمامنا يومين للتوصل الى تسمية رئيس وزراء يحصل على مقبولية الشعب ومجلس النواب، لذلك على الكتل السياسية أن تعمل على تسمية رئيس وزراء للشعب العراقي يعمل بمنظومة كاملة تلبي طموحات الشعب”.
وأضاف، انه “في حال فشلت الكتل السياسية في إيجاد رئيس وزراء جديد خلال المدة الدستورية، فلن تكون هناك معرقلات وإنما تستمر حكومة تصريف الاعمال وبصلاحيات محدودة لغاية إيجاد وتسمية رئيس وزراء جديد”.
وبين النائب، انه “لا يوجد نص قانوني يشير الى الاستقالة من حكومة تصريف الاعمال الا أن يتنحى عن المنصب رئيس حكومة تصريف الأعمال ويخلو المنصب فعند ذلك يتسلم المنصب رئيس الجمهورية لغاية تسمية رئيس وزراء”.
وأضاف العقابي، ان “الكتل السياسية تدفع باتجاه أمرين، أولهما تشكيل كابينة حكومية لمجلس وزراء قادر على أن يؤدي واجباته والمسؤوليات المناطة به ويكون عند حسن ظن المواطن العراقي، والثاني برنامج حكومي ينسجم مع تطلعات وآمال المواطنين المنتفضين الذين يطالبون بالإصلاح والتغيير”.
 
خبير قانوني
وبشأن مصير الحكومة في ظل الخروج عن التوقيتات الدستورية، أكد الخبير القانوني بشار الحطاب لـ “الصباح”، ان “إخفاق الكتل السياسية في الاتفاق على مرشح لرئاسة الوزارة المقبلة خلال المدة الدستورية المحددة بخمسة عشر يوماً من تاريخ خلو المنصب الذي أصبح شاغراً باستقالة رئيس الوزراء يعني بالضرورة لجوء رئيس الجمهورية إلى العمل بأحكام المادة (81/أولاً) من الدستور والتي بموجبها يقوم مقام رئيس الوزراء ويتمتع بكامل الصلاحيات الممنوحة له بموجب هذه الصفة والتي من خلالها يباشر مهام الإشراف على سير العمل في المصالح الحكومية سواء المدنية أم الأمنية، خصوصاً إذا علمنا أن التوقيتات الدستورية مواعيد حتمية وليست تنظيمية وذلك يستوجب عدم شرعية مخالفتها”.
أما بشأن المدة الزمنية التي يستمر فيها رئيس الجمهورية بالقيام بمهام رئيس الوزراء، فقد أشار الحطاب الى “أنها ليست مطلقة بل مقيدة بأحكام المادة (81/ثانياً) التي تحدد بخمسة عشر يوماً تبدأ من تاريخ خلو المنصب، إلا أن الحالة الواقعية التي تنذر بتفاقم الأزمة هو استمرار عجز الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب في تقديم مرشح يمكن لرئيس الجمهورية تكليفه برئاسة الوزارة يترتب عليه بالضرورة استمرار رئيس الجمهورية بمهام رئيس الوزراء بصفة مؤقتة لحين الاتفاق على مرشح”.
وبيّن ان “ذلك يعود لسببين: الأول إن صلاحية رئيس الجمهورية بتكليف مرشح لتشكيل الوزارة وجوبية وليست جوازية والعمل بها مقترن باتفاق الكتل النيابية بصورة لا تقبل الانفصال، والسبب الثاني أن عدم تولي رئيس الجمهورية مهام رئيس الوزراء مع خلو المنصب يعني تعرض مصالح البلاد العليا إلى مخاطر عديدة خصوصاً أن طبيعة النظام الدستوري البرلماني تجعل من رئيس الوزراء صاحب السلطة الفعلية في تسيير شؤون الدولة، ومن أجل تجاوز الاجتهاد الدستوري يتطلب من الكتل السياسية أن تكون بمستوى الوعي الشعبي الذي يتطلع إلى تشكيل حكومة جديدة تتجاوز اعتبارات المصالح الحزبية والسياسية لتكون قادرة على القيام بواجباتها الإصلاحية في مختلف المجالات لاسيما السياسية والاقتصادية”.
 
آراء سياسية
إلى ذلك، قال رئيس جبهة الإنقاذ والتنمية أسامة النجيفي في تغريدة على حسابه “تويتر”: “طالبنا رئيس الجمهورية بترشيح شخصية مستقلة لرئاسة الحكومة المؤقتة استجابة لمطالب الشعب وتظاهراته والرئيس غير ملزم بمرشح الكتلة الأكبر ودوامة البحث عمن تكون”.
النائب عن كتلة تحالف القوى سميعة الغلاب، أعربت في بيان صحفي، عن أملها بأن “يراعي رئيس الحكومة المقبلة دور بعض الوزراء والمسؤولين في الإنجازات المتحققة على أرض الواقع ومدى تطبيقهم للبرنامج الحكومي وتقييم ذلك وفق المبادئ الصحيحة واختيار الأكفأ ليكون في مكانه الصحيح”. 
وأشارت الغلاب، إلى “أهمية إعادة النظر بجميع من قدم للبلد إنجازات قيمة والاستفادة من خبراته خصوصا وإن البعض منهم تجاوز جميع الظروف العاتية وتعرض للضغوط والابتزاز بسبب مواقفه الوطنية، لكن الواقع العملي أثبت مصداقيته في العمل، لنقل البلاد إلى ضفة الأمان”.