السكري من النوع الثاني .. التعايش مع المرض أو التعافي منه

من القضاء 2019/12/18
...

ترجمة/ نادية المختار 
أظهرت دراسة أجرتها جامعة كامبريدج، أن الأشخاص الذين يحققون انقاص الوزن بنسبة 10 بالمئة أو أكثر في السنوات الخمس الأولى بعد تشخيص مرض السكري من النوع الثاني، تكون لديهم فرصة أكبر لرؤية مرضهم يندثر. وتشير النتائج الى أنه من الممكن التعافي من المرض دون تدخلات نمط حياة مكثفة أو قيود السعرات الحرارية الشديدة. 
يصيب مرض السكري من النوع 2 ما يزيد عن 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وهذا المرض يزيد من مخاطر الاصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والعمى وبتر الأطراف. في حين أنه يمكن ادارته من خلال مجموعة من التغييرات الايجابية في نمط الحياة والأدوية، الا أنه من الممكن أيضا أن تعود مستويات السكر المرتفعة في الدم التي تحدد مرض السكري الى طبيعته من خلال تقييد السعرات الحرارية وفقدان الوزن بشكل كبير. 
وقد ارتبط نظام غذائي مكثف منخفض السعرات الحرارية بتناول ما مجموعه 700 سعرة حرارية يوميا (أقل من ساندويش برجر بالجبن) لمدة 8 أسابيع، لتسعة أشخاص من كل عشرة يعانون من مرض السكري الذي تم تشخيصهم مؤخرا، وفي نصف الأشخاص المصابين بأمراض طويلة الأمد. 
 
دراسة جماعية 
ومع ذلك، هناك القليل من الأدلة لاظهار ما اذا يمكن تحقيق نفس التأثير من قبل الأشخاص الذين يخضعون لتداخلات أقل كثافة والتي تكون أكثر جدوى ويمكن أن تكون قابلة للتوسع على نطاق أشمل للناس. 
وللاجابة على هذا السؤال، قام فريق بحثي في جامعة كامبريدج بدراسة بيانات من تجربة، وهي دراسة جماعية مستقبلية تضم 900 شخصا مصابين بمرض السكري المشخص حديثا تتراوح أعمارهم بين 40 و 69 عاما.  
وجد الباحثون أن 30 بالمئة من المشاركين كانوا في المتابعة لمدة خمس سنوات. فيما كان الأشخاص الذين حققوا نقصا في الوزن بنسبة 10 بالمئة أو أكثر خلال السنوات الخمس الأولى بعد التشخيص، أكثر عرضة للضعف في مقارنةً مع الأشخاص الذين حافظوا على نفس الوزن. 
تقول الدكتورة ماغي ميللر، من قسم الصحة العامة والرعاية الأولية: “لقد عرفنا منذ بعض الوقت أنه من الممكن اجبار وحث مرض السكري باستخدام تدابير جذرية الى حد ما مثل برامج فقدان الوزن المكثف وتقييد السعرات الحرارية الشديدة. 
وهذه التدخلات يمكن أن تكون صعبة للغاية بالنسبة للأفراد ومن الصعب تحقيقها. ولكن نتائجنا تشير الى أنه قد يكون من الممكن التخلص من مرض السكري لمدة خمس سنوات على الأقل، مع فقدان معتدل في الوزن بنسبة 10 بالمئة، وسيكون هذا أكثر تحفيزا، وبالتالي أكثر تحقيقا للنتائج لكثير من الناس.” 
ويساندها الرأي البروفيسور سايمون غريفين، أستاذ قسم علم الأوبئة في جامعة كامبيردج بالقول: “هذا يعزز أهمية ادارة وزن الشخص والذي يمكن تحقيقه من خلال التغييرات في النظام الغذائي وزيادة النشاط البدني.  اذ يمكن أن يؤدي مرض السكري من النوع الثاني الى حدوث مضاعفات كبيرة. ولكن كما تبين دراستنا، فأنه يمكن السيطرة عليه. وحتى عكس جراحة انقاص الوزن في وقت مبكر قد يحسن مرض السكري من النوع 2 ، ونتائج ضغط الدم.” 
وقد تابعت الدراسة المراهقين والبالغين الذين يعانون من السمنة على المدى الطويل بعد مرور 5 سنوات.  
وعلى الرغم من فقدان الوزن بشكل مماثل، فان المراهقين الذين خضعوا لعملية جراحية في المعدة كانوا أكثر عرضة للاصابة بمرض السكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم، مقارنةً بالبالغين الذين خضعوا لنفس الاجراء. ففي السابق، لم يظهر أي علاج فعالية طويلة المدى في عكس داء السكري من النوع 2 لدى الشباب والذي يميل الى التقدم بسرعة أكبر من البالغين. 
 
صعوبة العلاج 
تقول الدكتورة ماري ايفانز، مديرة برنامج في قسم أمراض الجهاز الهضمي بمشفى جامعة كامبيردج: “تزيد السمنة من مخاطر الاصابة بالنوع الثاني من مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية. وقد تكون هذه الحالات أكثر صعوبة في علاجها لدى الشباب. اذ وجدنا في وقت سابق من جراحة علاج البدانة في الشباب المختارين بعناية أنها ربما يكون لها فوائد أكبر بالمقارنة مع الانتظار حتى وقت لاحق في الحياة. ومع ذلك، كان المراهقون أكثر عرضة لزيادة المخاطر في مناطق أخرى من الجسم، بما في ذلك الحاجة الى جراحات البطن اللاحقة، والأكثر شيوعا فيها هي ازالة المرارة. اذ ان المراهقين أكثر عرضة أيضا لأن تكون لديهم مستويات منخفضة من الحديد وفيتامين (د)، وذلك لأنهم يكونون أقل عرضة لتناول الفيتامينات والمعادن بشكل كاف بعد الجراحة. كما كان هناك معدل وفاة مماثل لكل من المراهقين والبالغين بعد خمس سنوات من الجراحة، بما في ذلك شخصين من مجموعة المراهقين الذين توفوا بسبب جرعة زائدة. 
ووجدت دراسة سابقة أن هناك اتجاها متزايدا بشكل عام لوفيات الجرعة الزائدة من المخدرات والكحول في الولايات المتحدة، خصوصا بعد جراحة علاج البدانة لدى البالغين. 
يقول الدكتور باول رودجرز، من مختبر الصحة المركزي الوطني: “بحوثنا المستقبلية تسلط الضوء على أفضل توقيت لبدء العلاجات الأكثر فعالية لجميع الأشخاص الذين يعانون من ظروف وحالات جينية مرتبطة بزيادة الوزن واختلالاته المتباينة، للوصول بهم الى بر الأمان الى أبعد مستوى بقدر الامكان.”  
 
عن ساينس ديلي