باسم فرات: رحلاتي الاستكشافية لمدن العالم شغفٌ بالقبض على جمرة الشعر!
ثقافة
2020/02/03
+A
-A
عبد الجبار العتابي
فوزه بجائزة السلطان قابوس للثَّقافة والفنون والآداب، فرع أدب الرحلات،كان لقطة رائعة للمجد الذي كسبه من رحلاته الاستكشافية لمدن العالم، لكن اللقطة الجميلة الأخرى أنه شاعر لديه 8 مجموعات شعرية و3 مختارات شعرية، و3 مجموعات شعرية بالإنكليزية، ومجموعة شعرية واحدة بالإسبانية، وما زال حصان شغفه جامحا للانطلاق في مساحات المدن وفضاءات الشعر.
*عرّف لنا نفسك، بكلمات وبأسلوب أنت تختاره؟
فوزه بجائزة السلطان قابوس للثَّقافة والفنون والآداب، فرع أدب الرحلات،كان لقطة رائعة للمجد الذي كسبه من رحلاته الاستكشافية لمدن العالم، لكن اللقطة الجميلة الأخرى أنه شاعر لديه 8 مجموعات شعرية و3 مختارات شعرية، و3 مجموعات شعرية بالإنكليزية، ومجموعة شعرية واحدة بالإسبانية، وما زال حصان شغفه جامحا للانطلاق في مساحات المدن وفضاءات الشعر.
*عرّف لنا نفسك، بكلمات وبأسلوب أنت تختاره؟
- باسم فرات يبحث عن باسم فرات في الشعر والترحال والمعرفة.
*ما السحر في الشعر لكي تستمر في كتابته وما عاد ديوان العرب؟
- الشعر غايتي الكبرى، والغاية الكبرى تستحق أن تُكرِّس لها حياتك حتى لو جنيت الأسى والندم. الشعر ليس نزوة أو نزهة لهو، إنما هو مشروع حياة وهَـمٌّ إبداعيٌّ يتوغل في مسامات الروح للشاعر. حين يشعر المرء أنه وصل مرحلةً سامية في علاقته بالشعر، وأن هذه الكتابة هي همه الأكبر التي تتضاءل أمامها كل الهموم والأماني والأحلام والمغريات، حين تعيَ أن سحر الشعر قد تلبسك وأنك شاعر حقيقيّ، حينها ستأتي الجوائز المستحقة وخير الجوائز هو أن تكون الكتابة الشعرية لها خصوصيتها ولشاعرها طريقه المتفرد في المشهد الشعري.
* متى دخلت دائرة الشهرة أول مرة؟
- مصطلح الشهرة واسع للغاية، فشُهرة الشاعر الحداثوي تختلف عن شهرة الشاعر العامي “الشعبي” والشاعر التقليدي “العمودي” والشاعر بعامة شهرته تختلف عن المطرب والممثل ونجم كرة القدم. إذًا، لا يمكن حصر الشهرة في مفهوم واحد ينطبق على الجميع، لكنني أعتقد أنها بدأت مع صدور ديواني الثاني “خريف المآذن”، في الخامس من كانون الثاني من عام 2002، وتأجل دخوله العراقَ حتى منتصف سنة 2003، أو نهايتها، فلقيَ احتفاء كبيرًا حتى تجاوزت المقالات والعروض عنه الستين مادة بحسب ما أحصيت استنادًا لما توفر لي وما أخبرني به الصديق الناقد زهير الجبوري.
* أين ومتى كانت خطوتك الأولى على طريق الشعر؟
- في كربلاء، وكنت ما زلت طفلًا ربما في العاشرة من عمري، كانت الخطوة الأولى في طريق يحتاج إلى حياة كاملة تكرسها له، والشعر يستحق أن تُكرس حياتك كلها له.
* ما السر وراء انطلاقاتك في رحلات استكشافية لمدن العالم؟
-شغفٌ بالمعرفة، وَهَوَسٌ بالقبض على جمرة الشعر، هَـمّ حقيقي يسكنني بأن على الشاعر أن يكون مختلفًا في كتابته وسلوكه وتفكيره وقراءاته وتجاربه الحياتية والإبداعية؛ والرحلات الاستكشافية هذه لم تكن لمدن العالم فقط، بل كانت لأرياف وجبال وغابات وبحار وجزر وملتقى أنهار ومنابع أنهار أيضًا، وأحراش وبواد، عانيت في بعضها حتى اقتربت من الموت مرارًا. شغف اكتشاف المجتمعات والتعرف على ثقافات مختلفة غالبيتها شبه مجهولة لنا والنهل من معينها.
* ما الشيء الذي يثيرك أولاً وأنت تستنشق روائح المدن؟
- الاختلاف والتشابه، الاختلاف لأنه يدل على ثراء المجتمعات والجنس البشري والبيئة، وهذا يدعو للحفاظ على هذا الاختلاف والاعتزاز به. أمّا التشابه فهو يدل على أن الفطرة الإنسانية واحدة، وأن التشابه محفّز كبير للإيمان بأن لا وجود لمجتمع راق وآخر أقل رقيًّا، كل الثقافات محترمة وراقية وهي تستحق التعرف عليها والدفاع عنها والتعريف بها. لكن يبقى أهم شيء مثير هو إيمان هذه الشعوب بوحدة تراب وطنها وبعضها لم يكن له وجود قبل سبعين سنة أو مئة أو مئتَي سنة، عكس العراق الذي يُعدّ أحد أقدم البلدان في العالم وعشرات المصادر والمراجع تحدثت عن حدوده ومعظمها حدده بأنه من تَخوم الموصل شمالًا إلى بلاد عبادان على ساحل البحر جنوبًا ومن حُلوان شرقًا وحلوان العراق أوسع وأكبر من حلوان مصر فهي تضم مساحات شاسعة من محافظتَي ديالى والسليمانية وتمتد إلى العمق الإيراني اليوم فضلًا عن أربيل والمناطق المتصلة بها شرقًا وجنوبًا، وقولي هذا لا يتقاطع ويتناقض مع إيماني بقدسية الحدود الدولية والمتفق عليها بمعاهدات دولية.
*أتُراكَ تتخلى عن الشعر في البحث حين الكتابة السردية؟
- مَنْ يكرس حياته للشعر، لا يتخلى عنه حين الكتابة السردية، فهو حاضر في كل الأوقات، ولهذا ترى إشارات النّقّاد إلى الشعرية التي تتميز بها كتبي في أدب الرحلة.
*لماذا لا تفكر في كتابة الرواية ما دمت تتمتع بهذه القدرة على السرد؟
- حتى الآن لا أراني أهلًا لكتابة رواية، لا سيّما أنني لست قارئًا نهمًا للرواية، بسبب تركيزي، ومنذ أعوام طويلة، على قراءة تاريخ القوميات والإثنيات واللغات والثقافات والعقائد في العراق بخاصة، واهتماماتي بالكتب الفكرية.
*وسط ارتحالاتك الكثيرة، متى يحضر الشعر وهل من إلهام معيّن؟
- إني أتنفس الحياة شعرا، وأكتب الشعر في كل وقت حين أشعر به يلحّ عليّ، كتبته في أعالي الجبال وفي وسط المحيط وفي مناطق نائية ومناطق مزدحمة، أكتبه حتى حين أكون مشغولا وعاكفا على تدوين كتاب في أدب الرحلات، كاتبا لمقال يعالج مشاكل ثقافية ما، أو رادّاً على مَنْ يزعم بلا ضمير بأن العراق وطن اصطنعه الإنجليز، أي أن الشعر معي طوال الوقت.
*هل أراك تتغزل بالمدن أكثر من النساء، ولماذا؟
- المدن بِنِسائِها، فالتغزل بالمدن تغزل بالحضارة والمدنية والتنوع والحداثة، وهذا لا يتعارض مع هوسي بالمناطق النائية والأطراف البعيدة والأماكن البكر والمهمّشة.
* متى شعرت أنك لا تريد كتابة الشعر؟
- لم يحدث قط، ما بيني وبين الشعر ليس هواية، إنما حياة بعناصرها الأربعة، فالشعر هو الهواء والماء والنار والتراب.
* كيف لك أن تعرف الحرية من خلال رحلاتك؟
- الحرية هي المساحة التي من خلالها ينمو الإبداع، الحرية أنك سيد رأيك حين تؤمن أن كل شيء في هذا العالم يشاركك فيه الجميع، لأن سوء إستخدام الطبيعة والمكان والهواء وحقائق التاريخ والجغرافية، إساءة كبيرة للحرية.
ليست الحرية أن تبدي رأيًا أو تتخذ موقفًا تحت تأثير ردة الفعل أو الأيديولوجيا التي هي تغييب للعقل تمامًا. وإليك هذا المثال: سادت في أوساطنا الثقافية مناهضة العرب والعروبة نتيجة لما ارتكب باسمهم من قِبل الأنظمة والأحزاب، لكن الإستهتار الذي هو نقيض الحرية، أن تكون ردة الفعل بإنكار أي وجود للعرب في العراق وبلاد الشام قبل عام 636 ميلادية مثلًا، بل حين كتب بعض المثقفين والباحثين عن حقيقة الوجود العربي الذي سبق الإسلام بألف وأربعمائة سنة، طُعنَ هؤلاء الكُتّاب بشرفهم ومصداقيتهم.
الحرية لا أن تحترم رأي عدوك بل أن تعترف بحسناته
حتى لو كانت جرائمه تُعدّ من أبشع ما ارتكبته البشرية،
وإلّا انزلقتَ إلى ذات المستنقع الذي غرف منه عدوك –
جلادك.
* ما الذي يعنيه عندك ترجمة كتبك إلى لغات أخرى؟
- بلا شك مدعاة للفرح والشعور أنّ ما كتبته أصبح يُقرأ بلغات أخرى غير العربية، لكن كل كتابة وكل قراءة وكل نشر وكل ترجمة وكل فوز وكل مكسب يرافقه شعور أعلى بالقلق الإبداعي وبالمسؤولية.
*متى يداهمك الضجر؟
- حين تمر أسابيع طويلة وأنا لم أكتب قصيدة، أو حين يمر اليوم وأنا لم أقرأ أو أكتب شيئًا، أشعر بالضجر وأنني شخص فاشل ثم شعور بالذنب ينتابني.
*ما الذي يتأرجح في داخلك ؟
- قلق كبير على وطني، أمنية الأمنيات كلها أن أرى العراق مستقطبًا أبناءه، فيه ماتت كل الهويات الضيقة وسَمَقَتْ عالياً هوية واحدة هي الهوية العراقية، وأصبح من أبجديات الوطنية والنضال والشرف أن تؤمن بقُدسية وحدة التراب العراقي، وهناك أمنيات كثيرة منها أن أشهد في القريب العاجل بناء عشرة آلاف مدرسة ومئات المكتبات العامة والمتاحف والمتنزهات والأحزمة الخضراء.