ما الذي يعنيه سحب القوات الأميركيَّة من العراق؟

قضايا عربية ودولية 2020/08/30
...

  ترجمة وإعداد: أنيس الصفار
 
 
التقرير الذي نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» بشأن تفاصيل سحب ادارة ترامب جنودها من العراق يمثل بشرى طيبة، إذ تفيد التقارير بأنَّ الرئيس «دونالد ترامب» ماض نحو خفض مستوى تواجد القوات الاميركية بمقدار الثلث، أي من 5200 الى 3500 جندي. هذا التحرك سوف يعيد المستوى الى ما كان عليه في العام 2015 ابان ذروة المعركة ضد «داعش»، وهذا شاهد بحد ذاته على أنَّ رفع مستوى القوات لم تكن له ضرورة نظراً لتآكل 
قوة التنظيم.
بيد أنَّ الصحيفة المذكورة، والمحيط الاعلامي بوجه عام، أبقت القرار محصوراً ضمن اطار الضغوط السياسية التي يواجهها العراق والولايات المتحدة. فالجماهير العراقية تريد خروج الولايات المتحدة، وهو ما يؤكده قرار البرلمان العراقي بإخراج القوات الأميركية في وقت سابق من هذا العام، وترامب يحاول الظهور بمظهر من وفى بوعده الانتخابي بانهاء الحروب اللانهائية.
لا ريب انَّ الضغوط السياسية لإعادة العسكريين الأميركيين الى ارض الوطن ماثلة (حيث أظهر استطلاع للرأي اجراه معهد شارلز كوخ في الشهر الماضي ان ثلاثة ارباع الجمهور الاميركي يؤيدون سحب القوات من العراق وافغانستان وإعادتها الى الوطن) ولكن الاعلام كان مخطئاً في تصوير القرار وكأنه جاء ثمرة للتحرك الشعبي وحده وتجريده من الأساس المنطقي الستراتيجي الضاغط. ففي الواقع إنَّ الهيمنة العسكرية الأميركية على نطاق العالم والحروب اللانهائية هي الخط الاساس، والقرار بإنهاء الحروب وعودة القوات هو المطروح اليوم للنظر لا القرار بشن حروب أبدية، بل انَّ المبرر المنطقي للانسحاب من العراق هو الورقة الأقوى في واقع الحال لأنَّ الانسحاب كما نعلم لا بدَّ أنْ يقع في وقت ما حتى لو لم تكن هناك مطالبة شعبية بذلك.
أولاً إنَّ وسواس إيران المعشش في قلب واشنطن قد أبقى الجيش الأميركي عالقاً في العراق وسوريا بدلاً من مقاتلة «داعش» (وهو المبرر الأساس لنشر القوات هناك في 2014)، ولعلَّ من المناسب التذكير بأنَّ الكونغرس لم يمنح ترامب تخويلاً بخوض لعبة الحرب مع إيران. هذا الهوس بإيران أدى بدوره الى حرف الموارد والتركيز بعيداً عن معركة «داعش».
في وقت سابق من هذا الشهر قال الجنرال «كينيث مكنزي» قائد القيادة الوسطى الأميركية: «لقد اضطررنا على مدى الأشهر السبعة او الثمانية الفائتة الى تخصيص موارد لحماية انفسنا كان الأجدى انفاقها في معركة داعش».
علاوة على ذلك يؤكد العراقيون أنهم لم يعودوا بحاجة أصلاً الى قوات أميركية قتالية ضد «داعش»، وانَّ كل ما يحتاجون إليه هو التدريب ورفع القدرات والتعاون الأمني.
كذلك ليست هنالك حاجة للقوات الأميركية كي تحد من نفوذ إيران في العراق، فهذه مشكلة العراقيين أولاً واخيراً ولا ينبغي وضع عناصر الجيش الأميركي في طريق الأذى بذريعة حل خلافات محلية لا أثر لها على الأمن القومي الأميركي.
 
تريتا بارسي/عن موقع مؤسسة «ريسبونسبل ستيتكرافت»