صالح وعبد المهدي.. نحو ترسيخ خطاب الدولة

آراء 2019/01/08
...

حمزة مصططفى
بزيارة تركيا أنهى رئيس الجمهورية برهم صالح جولة مهمة الى معظم دول الجوار العربي والإسلامي. التصريحات التي تابعناها لقادة هذه الدول أو للقادة العراقيين بشأن هذه الدول تؤشر بداية موفقة نحو نوع من إعادة التوازن الذي كان مفقوداً الى حدٍ كبيرٍ طوال السنوات الماضية. الأهم في زيارات رئيس الجمهورية الخارجية إنها تمت بتنسيق تام مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. أستطيع القول إنَّ هذا المستوى من التنسيق المسبق بين ركني السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء) جديد الى حد كبير. والأهم في هذا التنسيق إنه لا يقف عند حدود العلم المسبق بحصوله على طريقة إسقاط فرض في التبليغ. بل هو تنسيق تكاملي يؤشر بداية خطاب دولة لا تعارض في توجهات وتصريحات ومواقف مسؤوليها.
هذا يعني أنَّ الآخر سواء كان شقيقاً أو صديقاً سيضطر للتعامل معنا كعراقيين من منطلق ما نسوقه إليه كخطاب دولة لا خطاب مكونات أو قوى سياسية منفردة. ترسيخ خطاب الدولة الموحد خارجياً حتى بافتراض تعدديته داخلياً يقوي من موقف العراق كدولة جامعة لكل أبنائها من كل القوميات والأديان والطوائف. ويؤدي تالياً الى إضعاف خطاب الآخر, شقيقاً أم صديقاً. الثنائيَّة الصحيحة حتى الآن التي يعمل على ترسيخها كل من رئيسي الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي تحتاج الى مؤازرة الجميع بدءاً من البرلمان بكتله المختلفة ومجلس الوزراء كأداة للتنفيذ (رافق رئيس الجمهورية في كل زياراته عدد مهم من الوزراء وكبار المسؤولين وهو ما يعضد مسألة التنسيق المشترك بين الرئيسين)، فضلاً عن النخب الإعلاميَّة والفكريَّة وسواها. إعلامياً يبدو رئيس الجمهورية هو الرابح على حساب رئيس الوزراء. بصرف النظر عن مدى محمول هذه العبارة لكنها لا تصمد حين تتعرض للاختبار على أرض الواقع. فرئيس الوزراء الدكتور عادل عبد المهدي ألزم نفسه بعدم تلبية أية دعوة للسفر خارج البلاد لمدة 6 أشهر على الأقل. ولأنَّ رئيس الوزراء في العراق طبقاً لما يمتلكه من سلطات وصلاحيات في ظل نظام برلماني لا يمكن مصادرة سلطاته تحت أي ظرف، فإنَّ فرضية التنسيق الكامل مع رئيس الجمهورية الذي يتعين عليه خلال هذه الفترة أخذ دوره ودور رئيس الوزراء على صعيد السياسة الخارجية منح الرئاستين التنفيذيتين في البلاد سياقاً صحيحاً على صعيد تكاملية التعامل مع الملفات الخارجيَّة. وهو ما يعني أننا بتنا نقف لأول مرة على أرضية صلبة على صعيد التعامل مع الملفات الخارجية بروح الفريق الواحد. لا ننسى المواصفات التي يتمتع بها رئيس الجمهورية برهم صالح وطريقة تعاطيه مع نظرائه من الملوك والرؤساء وتعاطيهم هم مع زعامة تبدو مختلفة في العراق جعل من زيارات الرئيس الى الخارج بدءاً من التعامل الذكي مع البروتوكول وشروطه وطريقة الاستقبال والحفاوة ناجحة حتى على مستوى النظر الإعلامي لها على طريقة الند للند. يضاف الى ذلك إنَّ الرئيس صالح تعامل من منطلق كونه حامي الدستور من دون أنْ يخوض في تفاصيل عمل الحكومة التنفيذي. الوزراء الذين يرافقونه هم من يتولون التنفيذ طبقاً لعلاقتهم المباشرة مع رأس السلطة التنفيذيَّة.. رئيس الوزراء.