تنويع الاقتصاد الريعي

الثانية والثالثة 2019/01/23
...

د. باسم الإبراهيمي
الاقتصاد الريعي هو وصف لحالة اعتماد الدولة على مصدر واحد للريع "للدخل" وغالبا ما يكون مصدرا طبيعيا لا يحتاج الى جهد كبير سواء فكريا او ماديا لانتاجه مثل موردي النفط والغاز، ويعد ادم سمث هو اول من استعمل هذا المصطلح بوصفه شكلا من اشكال المردود المالي وذلك في كتابه "ثروة الامم" الصادر سنة 1776، ولكن اول من استعمل المصطلح بوصفه نمط اقتصادي هو كارل ماركس في كتابه "رأس المال" حيث قال في الاقتصاد الريعي تقوى علاقات القرابة والعصبية اما في التشكيلات الاجتماعية الرأسمالية فتسيطر علاقات الانتاج.
عندما تزداد العوائد الريعية فأن الدولة تحصل على عوائد سهلة من دون جهود كبيرة وهذا يعطيها فرصة لتعزيز نفقاتها العامة وتلبية احتياجات المجتمع وهذه من الايجابيات الا ان مخاطر الاقتصاد الريعي كبيرة جدا وربما تفوق حسناته غالبا، فالعديد من الدول الريعية تعاني من تضخم القطاع العام لديها والذي يكون ذا انتاجية ضعيفة نتيجة البطالة المقنعة فيه، فضلا عن تغلل الفساد الاداري والمالي بين جنباته، حيث اثبتت الدراسات الخاصة بهذا الموضوع وجود علاقة طردية بين حجم القطاع العام وحجم الفساد. 
الخطر الاخر يتمثل في تذبذب العوائد نتيجة التغيرات التي تحصل في اسعار السلع الريعية وبالتالي حالة عدم الاستقرار الاقتصادي التي تتسم بها تلك الدول نتيجة الصدمات الخارجية وغالبا ما تقود الى تبعية الدولة اقتصاديا، كما تتعرض الدول الريعية الى ما يعرف بالمرض الهولندي الذي يتمثل في تراجع انتاجية القطاعات الاخرى نتيجة اهمالها من جهة والتحول عنها نتيجة الاهتمام بالقطاع الريعي من جهة 
اخرى.
ما يلاحظ ان وصف الاقتصاد العراقي بالريعي اصبح من البديهيات التي يعرفها حتى المواطن البسيط ولم يعد الموضوع متقصرا على المتخصصين، وبالتالي المطلوب اليوم هو العمل من اجل معالجة هذه المشكلة بكل ظواهرها التي ذكرناها والتي تم تشخيصها من قبل الجميع، ويبقى السؤال المهم: هل هناك رغبة جدية من قبل الحكومة والمواطن في المعالجة؟ حيث ان تنويع الاقتصاد تحتاج الى مدة زمنية ليست بالقصيرة ولا يمكن ان تظهر بوادرها خلال عمر حكومة واحدة، فهل لدى الحكومة الاستعداد لتحصد اخرى النتائج، كما ان بعض العلاج المطلوب قد يكون مر الطعم فهل، لدى المواطن الاستعداد الكافي 
لتحمله؟