«نسخة متحورة» من (كوفيد – 19) تثير قلق العالم

منصة 2020/12/22
...

 باريس: بي بي سي
تسود حالة من القلق المتزايد على المستوى الدولي إزاء السلالة الجديدة من فيروس كورونا التي اكتشفت في المملكة المتحدة في الفترة الأخيرة، ما دعا عدداً من الدول إلى فرض حظر على السفر. وحظرت أكثر من 40 دولة دخول الوافدين من المملكة المتحدة، كما عقد الاتحاد الأوروبي محادثات تستهدف وضع سياسة مشتركة للتعامل مع الموقف الحالي. وتتسم هذه السلالة الجديدة بسرعة الانتشار، لكن لا يوجد دليل على أنها أكثر فتكاً من فيروس كورونا المتعارف عليه.
وتزامناً مع تزايد الأسماء المدرجة في قائمة الدول التي حظرت السفر من وإلى المملكة المتحدة، ظهرت منظمة الصحة العالميَّة في المشهد بقوة أثناء محاولة وضع مخاطر السلالة الجديدة من الوباء في سياقها الطبيعي.
وقال مايك رايان، رئيس قسم الطوارئ في منظمة الصحة العالمية: إنَّ «ظهور نسخ جديدة من فيروس كورونا يُعدُّ جزءاً طبيعياً من تطور الوباء». وأكد أنَّ النسخة المتحورة من فيروس كورونا «ليست خارج السيطرة»، وهو ما يتناقض مع تصريحات وزير الصحة البريطاني مات هانكوك الذي أكد خلاف ذلك.
وبدأت محادثات في بروكسل تستهدف التوصل إلى رد موحد يتم التنسيق له بين دول الاتحاد الأوروبي بخصوص الموقف الراهن على صعيد السلالة الجديدة من الفيروس.
ولا يتوقع التوصل إلى اتفاق، لكن أحد الخيارات التي تناقشها دول أوروبا هو اشتراط أن تكون نتيجة اختبار فيروس كورونا سلبية قبل مغادرة المسافرين للمملكة المتحدة.
وسط هذا الكم من السلبية الذي يجتاح أوروبا، ظهرت أخبار إيجابية تتمثل في اعتماد الهيئة الأوروبية للرقابة على الدواء لقاح فايزر - بيونتك المضاد لفيروس كورونا، ما يمهد الطريق أمام استخدام اللقاح بحلول الأحد المقبل.
 
ماذا عن باقي دول العالم؟
حظرت دول أخرى من الهند إلى كندا دخول المسافرين من المملكة المتحدة إليها.
ومن المتوقع أنْ تنضم الولايات المتحدة إلى تلك الدول، لكن شركتي «الخطوط الجوية البريطانية» و»دلتا للخطوط الجوية» أكدتا السماح للركاب الذين تأتي نتائجهم سلبية في اختبار فيروس كورونا بالسفر إلى الولايات المتحدة والدخول عبر مطار جون كينيدي في نيويورك.
كما اكتشفت السلالة الجديدة من فيروس كورونا في أستراليا، وإيطاليا وهولندا إضافة إلى الدنمارك.
وكان اكتشاف عدد قليل من الحالات المصابة بالنسخة الجديدة من الوباء هو الدافع وراء حظر دخول المسافرين من الدنمارك إلى السويد التي تفعل ذلك للمرة الأولى مع دولة من دول الجوار.
ويرجح خبراء أن السلالة الجديدة من فيروس كورونا ربما تجاوزت في انتشارها الأماكن التي تم الإبلاغ عنها فيها، مرجعين ذلك إلى استخدام المملكة المتحدة تكنولوجيا المراقبة الوراثية في تتبع السلالة المكتشفة حديثا.
وقال مارك فام رانست، المتخصص في علم الفيروسات، لإذاعة في آر تي البلجيكية: «أعتقد أننا سوف نكتشف في الأيام المقبلة ظهور السلالة الجديدة من الوباء في دول أخرى».
 
كيف تطورت؟
لكن، كيف تطور أمر السلالة الجديدة للفيروس في غضون أشهر من مرحلة عدم الوجود إلى أنْ أصبحت الشكل الأكثر شيوعا للإصابات في إنكلترا.
يرى مسؤولو الصحة في بريطانيا أن هذه السلالة الجديدة أكثر قدرة على الانتشار من السلالة الأولى، ورغم أن الأمور لا تزال في بداياتها، إلا أن الغموض يكتنفها وتثير قائمة طويلة من الأسئلة. ومن الثابت أن الفيروسات تتحوّر طوال الوقت، ومن الأهمية الحيوية أن نرصد سلوك الفيروس إذْ يتغير.
اجتمعت لهذه السلالة الجديدة عوامل جعلتها موضعا لإثارة القلق. أول هذه العوامل، سرعة الانتشار والاستحواذ على مكان النُسخ السابقة عليها من الفيروس، ما يعطي انطلاعا لأن لها السيطرة على السلالة الأصلية.
العامل الثاني هو قدرة هذه السلالة الجديدة على تطوير طفرات جينية تغيّر جانبا مهما من سلوك الفيروس، والثالث هو قدرة هذه الطفرات الجينية على تمكين الفيروس من إصابة الخلايا بشكل أكبر من ذي قبل ما يعني زيادة معدل قابلية العدوى.
بفضل هذه العوامل بات الانتشار أمرًا سهلا أمام فيروس كورونا في نسخته الجديدة.
على أننا لا نمتلك يقينًا مطلقا. وقد تمسي سلالات جديدة من الفيروس أكثر انتشارا إذا تهيأت لها الأجواء في مكان وزمان مناسبين 
كما حدث في لندن والتي لم تتجاوز حتى وقت 
قريب تطبيق المستوى الثاني من تدابير مكافحة 
الوباء لكنها انتقلت في أيام قليلة إلى المستوى الرابع.
ويحتاج الأمر إلى مزيد من التجارب المعملية، لكن لا يتعين على متخذي القرار انتظار نتائج تلك التجارب لكي يضعوا تدابير احترازية للحد من انتشار السلالة الجديدة، بحسب ما صرح نيك لومان، الخبير في مؤسسة (كوفيد  - 19) جينومكس بالمملكة المتحدة..
تم اكتشاف هذه السلالة لأول مرة في أيلول الماضي، وبحلول تشرين الثاني كانت لدى رُبع عدد المصابين في لندن، قبل أن تصل هذه النسبة إلى الثلثين منتصف كانون الأول. ولا يصعب الوقوف على 
مدى سيطرة السلالة الجديدة على نتائج المسحات في 
بعض المراكز الطبية في 
لندن.
ويشير الرقم الذي ذكره رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى أن السلالة الجديدة قد تكون أكثر قدرة على التفشي بنسة تصل إلى 70 في المئة. وقال جونسون إن ذلك قد يزيد معه معدل قدرة الشخص المصاب على نقل العدوى لآخرين بنسبة 0.4. ويُستدل على مدى تفشي الوباء عبر الوقوف على معدل قدرة المصاب على نقل العدوى للآخرين.
وظهرت نسبة الـ 70 في المئة في محاضرة ألقاها إريك فولز، باحث جامعة إمبريال كوليدج في لندن.
وأوضح فولز في محاضرته أنه «من المبكر جدا الفصل في الأمر... لكن مما رأينا حتى الآن، تتفشى السلالة الجديدة من كورونا بسرعة بالغة، بأسرع مما كانت عليه النسخة السابقة من الفيروس نفسه. لكن من الأهمية بمكان أن نظل نرصد سلوك هذه النسخة الجديدة».
 
كيف ومتى؟
يُعتقَد أن سلالة فيروس كورونا الجديدة تخلّقت في رئة مصاب في المملكة المتحدة أو في بلد آخر ذي قدرة أقل على رصْد الطفرات الجينية التي يطورها الفيروس.
ويمكن رصد هذه السلالة الجديدة في عمومٍ متفرقة من 
المملكة المتحدة، ما عدا أيرلندا الشمالية. لكنها موجودة بكثافة في لندن، وشرقيّ، وجنوب شرقي إنكلترا.
وظهرت سلالةٌ أخرى شبيهة من الفيروس في جنوب أفريقيا. وهي تشترك في بعض صفاتها الجينية مع السلالة التي ظهرت في بريطانيا، لكنهما مختلفتين فيما يبدو.
 
هل عرف العالم مشهدا مشابها؟
الإجابة: نعم؛ إن الفيروس الذي اكتُشف أول مرة في مدينة ووهان الصينية، ليس هو ذات الفيروس المستشري الآن في أنحاء المعمورة. وفي شباط الماضي طرأت طفرات جينية D614G على فيروس كورونا الأول في أوروبا ومنها تمددت النسخة الجديدة في العالم. في غضون ذلك، ظهرت نسخة أخرى تُدعى A222V في أوروبا أيضا، ونُسبت تحديدا إلى المصطافين الإسبان.
ورُصدت تغيرات في البروتين الشوكي أو مستقبلات الفيروس التي يستخدمها كسلاح أساسي في الارتباط بمستقبلات الخلايا البشرية قبل أن يخترقها ليجندها لإنتاج حمضة النووي. 
أحد هذه التغيرات في البروتين الشوكي يُدعى N501Y، وآخر يُدعى H69/V70.
 
تميل الى استهداف الأطفال
وقال بيتر هوربي، وهو أستاذ للأمراض المعدية الناشئة في جامعة أكسفورد ويرأس المجموعة الاستشارية «لدينا الآن ثقة كبيرة في أن هذه السلالة لديها بالفعل صفة انتقال أكبر مقارنة بالسلالات الأخرى من الفيروس».
وقال نيل فرجسون، أستاذ وعالم الأوبئة والأمراض 
المعدية في لندن إمبريال كوليدج وعضو المجموعة الاستشارية «هناك 
إشارة إلى أن لديها 
ميلا أعلى لإصابة الأطفال».
 
عمل اللقاحات
العديد من الخبراء والمسؤولين في القطاع الطبي أجمعوا 
على ان لقاحات كورونا تبقى 
فعالة وتستطيع الوقاية منها 
أيضا.
قال وزير الصحة الفرنسي 
أوليفييه فيران لراديو أوروبا 1: إن اللقاحات الموجودة حاليا للوقاية 
من مرض (كوفيد – 19) من المفترض أن تقي أيضا من سلالة جديدة للفيروس ظهرت مؤخرا في بريطانيا». وأضاف «نظرياً.. ما من سبب يدعو للاعتقاد بأن اللقاح لن يكون فعالاً».