المسرح الياباني المعاصر

ثقافة 2020/12/25
...

  قحطان جاسم جواد
بعد الحرب العالمية الثانية واستسلام اليابان نتيجة ضرب مدنها بالقنبلة الذرية، برزت ثقافة جديدة عن الاستسلام بنظر اليابانيين تختلف عما هو معروف، بحيث صار الاستسلام نوعا من الجماليات والتقدم لدى كل ياباني. فشرعت الدولة في مسيرة بناء اعجازي تجاوز كل دول العالم بما فيها الدول الاوروبية. 
وصارت اليابان بعد سنوات طويلة البلد الثاني أو الثالث اقتصاديا في العالم. وقد شكل التطور الجديد فيها تاريخا واقتصاديا وثقافيا جديدا استلهم روح اليابان وتراثها وتاريخها القديم بعيدا عن الغرب ضمن اطار هوية خاصة وجديدة. ومن ضمن مفاصل التطور الثقافي كان المسرح. 
جاء المسرح الياباني باطر جديدة شكلا ومضمونا انفصل فيه عما معروف في المسارح الغربية ونظرياتها التي تاثرت بها كل مسارح العالم الاخرى. من خلال الاهتمام بالخصوصية اليابانية حسب، واستخدام الغرابة والابداع الجمالي والتاكيد على الجسد والحركة بدلا من النص الادبي. وجاءت الانتفاضة الشاملة بعد عامي 1959 - 1960  والتظاهرات الشهيرة ضد الاحتلال الاميركي وقواعده التي ملأت البلاد. وقاد تلك التظاهرات كل من الفنانين كرا جورو وسوزوكي وبوكيو ميشيماوكوبو. 
أما أحد أبرز انواع المسارح الموجودة في اليابان هي مسرح بونراكو أو جوروي صاحب التجربة الثرة والمتميزة في مسرح الدمى أو العرائس. وهو من الاشكال الاربعة للمسرح الكلاسيكي كالكابوكي ونو والكيوجن وبونراكو كما يشير د.عادل امين في كتابه المسرح الياباني. 
وأبرز سمات المسرح الياباني الحديث (التقنية التحتية) وتعني الفرق الموسيقية الحية والاغاني وأسلوب الحكي والملهى ومسرح المنوعات. و(فن الاداء) الذي يعتمد على الجسد بالأساس في الهواء الطلق و(مسرح الخيمة في الشارع) ويهدف استعادة الطاقة المشوشة لمسرح جمهور الشارع الذي أهمله فن المسرح الغربي المعاصر، فهو فن ضد المذهب العقلي ويتسم بخيال حر ينطوي على المفارقة التاريخية إلى جانب (اعتماد التكنولوجيا والجسد) عبر استخدام تصميم خشبة المسرح عن طريق الكومبيوتر واعطاء أهمية بذات الوقت للجسد نفسه عبر اطلاق يده في تنفيذ الحركات والايماءات الخاصة بشخصيته التي يؤديها في العرض المسرحي. 
ركز المسرح الياباني المعاصر على اداء الممثل بحيث يجعل المشاهد بوعيه لما يرى على المسرح جزءا أو طرفا في النسيج الفني للعرض، وهي مسألة ليست يسيرة وتحتاج لممثل من نوع خاص يستطيع استدراج الجمهور لهذه المهمة. 
كما اوكلت للممثل مهمة اكبر هي الاداء الصامت المعبر اختزالا للنص والحوار الى ابعد الحدود، وبذلك قفزت التجربة اليابانية على أهم ركيزة في المسرح الحديث وهي النص اللغوي، وكثيرا ما تقدم الكثير من المشاهد بتمثيل صامت. اما ابرز التجارب المسرحية اليابانية المعروفة في تاريخ المسرح الياباني هي فن العرائس أو الدمى. وقد نجح فيه بوناركو وصار علامة فارقة لليابانيين، ويعد من أكثر التقاليد المذهلة لفن الدمى في العالم وتميز بتقديم العروض بمصاحبة الآلة التقليدية للموسيقى اليابانية الشاميزين أو آلة العود الياباني التقليدي المربع أو الثلاثي الوتر ويعزف عليها ثلاثة اشخاص. 
وقد صنفت اليونسكو هذا المسرح كأحد روائع التراث الشفهي وغير المادي للبشرية. ولمسرح الدمى جذور وتاريخ عريق لدى اليابانيين يرتبط بطقوس قديمة تعود للقرن الخامس والسادس عشر كما يشير د.قاسم محمد الاسدي في مقالاته المترجمة عن المسرح الياباني.