يونس جلوب العراف
دائما ما ابحث عن خبر مهم يحمل في ثناياه بعض نسائم الفرح، وقد أثار انتباهي بيان لجنة الصحة النيابية بشأن مناقشتها مقترح قانون الضمان الصحي من اجل رفعه إلى رئاسة البرلمان خلال الفترة المقبلة بعد انتهاء الحوارات التي تجريها اللجنة مع وزارة الصحة من اجل إعادة صياغته بغية إنضاجه ووضع اللمسات الأخيرة عليه، ومقارنته مع بعض تجارب الدول المتقدمة بغية الوصول إلى قانون متكامل وتشريعه داخل قبة البرلمان بعدما "عرقلت" الخلافات السياسية تمريره في الدورة البرلمانية
السابقة.
فالمتعارف عليه أن قانون الضمان الصحي يعد من القوانين المهمة التي ترتبط بتأمين حياة المواطنين وضمان علاجهم من الإمراض التي بدأت تنتشر بصورة لافتة وكما هو معمول به في العديد من الدول المتقدمة وان ينظر الى القانون من منظور وطني
وانساني .
قد لا يعرف الكثيرون أن هناك محاولات حصلت بالدورة السابقة بغية تشريع القانون، لكن الخلافات السياسية تسببت في عرقلة تشريعه ومن ثم عودته إلى الحكومة بعد انتهاء الدورة التشريعية وهذا ليس بخاف على المواطن الذي تعود أن يرى التأجيلات من الدورات البرلمانية السابقة حتى أصبحت عملية ترحيل القوانين سمة بارزة في المشهد البرلماني السابق، لكننا نريد أن يكون تشريع القانون في البرلمان الحالي من أولويات عمل لجنة الصحة وبأسرع وقت ممكن حتى لا يركن على الرفوف العالية ويبقى حبرا على
ورق.
منذ التغيير الذي أعقب عملية سقوط النظام السابق في 2003 بدأ معدل الخدمات ينخفض تدريجيا بصورة عامة من حيث الكم والنوع مع ارتفاع ملحوظ في أسعارها وخصوصا في القطاع الصحي، الأمر الذي شكل حملا ثقيلا على ظهور الفقراء والمساكين وهم الشريحة الأوسع في المجتمع والأكثر تعرضا للأمراض ونحن كمواطنين نتمنى ان يكون القانون متكاملا وان تأخذ الحكومة على عاتقها تنفيذ مواده وان يكون القانون بصيغة تحمل البعد الإنساني بما يخدم المواطن صاحب الدخل المحدود على ان يكون على غرار قوانين الضمان والتامين الصحي المعمول بها في دول الجوار وباقي الدول حتى نستطيع القول إن عملية الإصلاح التي كانت الشعار الأول الذي رفعته الكتل السياسية في الانتخابات الأخيرة قد بدأ تطبيقه على ارض الواقع وان ثمار الحركة الإصلاحية قد بدأت في الظهور على شكل قوانين خدمة تسهم في تحسين معيشة الناس في العراق.
من الواجب ومن الضروري أن يركز قانون الضمان الصحي على مبدأ العدالة بتقديم الخدمات الصحية لجميع المواطنين وان يحتوي على قائمة للمجانية تشمل شبكة الحماية الاجتماعية والجرحى والحوادث الطارئة وفئات أخرى كما نريد ان يعالج القانون قضية المستشفيات الأهلية والعيادات الخاصة من خلال وضع تغطية مالية لذوي الدخل المحدود من قبل الحكومة وكما معمول به في الكثير من دول العالم، حيث يعد العراق من الدول التي عملت بالنظام الاشتراكي لفترة طويلة، فكان قطاع الدولة هو القطاع الأساس في هيكل الدولة ويتحمل على عاتقه كل الخدمات التي تقدم للمواطن بشكل مجاني أو بأسعار زهيدة جدا وخصوصا في القطاعين التربوي والصحي.
نتمنى أن تسفر النقاشات المستمرة التي تجريها لجنة الصحة البرلمانية مع وزارة الصحة والحكومة عن ايجابيات تسهم في إنضاج مواده وإخراجه إلى النور في أسرع وقت ممكن كون عملية إعادة صياغة القانون وإرساله إلى البرلمان بحلة جديدة يجب أن يكون متكاملا وبعيدا عن النقاشات والمناكفات السياسية للمضي بتشريعه بأنسب وأفضل صورة تخدم المواطن على المستوى الصحي في المؤسسات الصحية، حيث يجب أن يكون تشريع القانون من أولويات عمل اللجنة بالفصل التشريعي الحالي أو المقبل على ابعد تقدير.
مراعاة للوضع الصحي في البلاد، لاسيما ان خدمات القطاع الخاص الطبية تقدم بأسعار باهظة ولا يستطيع المواطن العادي التعامل مع هذا الوضع الذي لا يمكن التغلب عليه، إلا بإقرار قوانين خدمية تجد طريقها إلى التطبيق الحقيقي والواقعي مراعاة للإمكانية والقدرة المالية للمواطن البسيط التي لا تحتمل فرض مبالغ مالية التي من الضروي تلافيها في قانون الضمان الصحي الجديد.