سلامة اللغة العربيَّة

آراء 2019/01/28
...

د. حسين القاصد   

لفت انتباهي ما نشره الصديق الدكتور عبد الخالق حسن في الفيسبوك، الى مفصل يكاد يكون مهملا تماما، وهو الاهتمام باللغة العربية وسلامتها، إذ كتب  د.عبد الخالق (قانون موقع من تميم آل ثاني أمير قطر بفرض غرامة تبلغ اربعة عشر ألف دولار على من ينتهك قواعد اللغة العربية في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، والإلزام باستعمال اللغة العربية بوصفها لغةّ أساسيةً وأولى في التعاملات كافة...هائلاً..تخيلوا .. ماذا لو وُظفت كلِّ ثروات العرب في العلم والتنمية؟..أين سيكون موقعهم اليوم؟) ؛ لكن كيف ومن اين لنا أن نتخيل؟ وهو سؤال مؤلم جدا، في بلد فيه المدرستان الحارستان على اللغة، البصرية والكوفية؛ وهو واقع صادم ومؤلم في آن واحد؛ فقد استغرب الجميع انتشار ورقة اسئلة، فيها سؤال يطلب تحويل كلام عامّي الى الفصحى، فصارت مدعاة للسخرية والاستهجان، لكنْ لم يفكر أحد في الاسباب التي اوصلتنا الى هذه الحال. 
  لقد شاعت الأمية اللغوية بشكل خطير؛ ولعل دوافع كثيرة تدفعني هذه المرة للمطالبة بقانون سلامة اللغة العربية، وهو قانون لايحتاج الى ربع ما انفقته دولة قطر، بل قد لا يحتاج الى أي انفاق مالي؛ لذا أقترح على وزارة التربية فصل مادة قواعد اللغة العربية وجعلها مادة امتحانية مستقلة من مئة درجة، كي لايعبرها الطالب معتمدا على درجتي الانشاء والنصوص؛ واقترح، أيضا، رقابة صارمة للاعلانات التي تنشر في الشوارع ومحاسبة صاحب الاعلان المرتبك لغويا بغرامة مالية، ولو رحنا بعيدا في طموحنا لفكرنا بالخطابات الرسمية لدوائر الدولة، لاسيما تلك التابعة لوزارتي التربية والتعليم العالي، لأنّه من غير المعقول أن تقرأ كتابا رسميا صادرا عن مؤسسة تعليمية وفيه أخطاء 
لاتغتفر. 
 اجراءات بسيطة جدا قد تنتشلنا من المجازر اللغوية، لاسيما تلك التي تحدث في الاوساط الثقافية؛ ولعل الألم كل الألم يكمن في اننا صرنا نشاهد مناقشات الأدب واللغة للدراسات العليا في كليات الاداب والتربية، صرنا نشاهدها تجري باللهجة العامية، وهو أمر خطير ان تنتهك اللغة في معقلها وتراق سمعتها في ساحة إبداعها.  
نحن بحاجة ماسة الى هيأة عليا لانتشال اللغة العربية، ويكون من بين مقررات هذه الهيأة هو ان يكون في كل دائرة غير معنية باللغة مشرف لغوي يراجع خطابها الاداري والرسمي، وبهذا نحث الاساتذة قبل الطلبة للحفاظ على سلامة اللغة، فضلا عن توفير فرص عمل لخريجي اقسام اللغة العربية في جميع وزارات الدولة؛ فلقد التبس خطاب المحامي وصار يتلعثم كثيرا، ووصل حد التدني في مستوى اللغة الى حاجة الاعلاميين لمدقق لغوي، ذلك لأن مادة اللغة العربية تعد مادة ثانوية في اغلب الدراسات، ولعلها مهملة تماما في الاقسام العلميّة.