نوزاد حسن
حين فازت أربع منظمات تونسية بجائزة نوبل للسلام عام 2015، قلت وقتها كم تمنيت لو أن بعض الاحزاب العراقية كانت هي الفائزة بتلك الجائزة. لو حدث ذلك الامر لتغيّرت اشياء كثيرة على المستوى السياسي والثقافي والاقتصادي. لكن المنظمات الاربع التونسية لفتت انظار العالم لأنها كانت حريصة على الحوار الوطني فتقدموا خطوات فيما لم نتقدم نحن كثيرا.
اذن ذهبت نوبل من يد الاحزاب العراقية لكن لدينا فرصة اخرى مهمة جدا، وعلى الجميع انجاحها. هذه الفرصة هي قرار المجلس الاعلى لمكافحة الفساد الذي يرأسه عادل عبد المهدي بتشكيل محكمة خاصة لملاحقة الفاسدين. وتكليف قوة امنية لتنفيذ اوامر القبض والتوقيف التي تصدرها المحكمة التابعة لمجلس مكافحة الفساد.
اظن ان هذه الخطوة الجديدة ستعيد الحياة لذلك المجلس الذي لم يكن فاعلا في السنوات السابقة. ومع ان البعض يشكك في جدوى انشاء المحكمة والقوة الامنية إلّا اني اتمنى ان نكون مخطئين في شكوكنا هذه المرة على الاقل.
وكما بيّنت تقارير صحفية ان المجلس الاعلى لمكافحة الفساد سيدقق في 14 الف ملف قبل احالتها للمحكمة. وهذا الامر ليس بالعمل السهل الذي قد نتصوره لكن النوايا الجدية ستكون على المحك في القريب
العاجل.
يتألف المجلس من جهازي المخابرات والامن الوطني، وهيئة النزاهة، وديوان الرقابة المالية، ومجلس القضاء الاعلى، والمفتشين العموميين الذين سيكونون امام دور كبير لانقاذ البلد من محنة الفساد التي نخرته.
ما اود الاشارة اليه في هذا المقال هو ان الفساد صار اشبه بقدر لا يمكننا التخلص منه. وفي كل مرة اسمع فيها حديثا عن الفساد افكر بمستقبل البلد، وما الذي سيبقى منه. لكن اذا حقق هذا المجلس نتائج ملموسة في متابعة ومعاقبة الفاسدين واسترجاع الاموال منهم فان اشياء كثيرة ستتغير في حياتنا. أولا سنشعر بسعادة حقيقية لاننا جميعا ننتظر معاقبة من سرق وهدر المال
العام.
كما ان النجاح الحقيقي في تجربة محاربة الفساد ستجعل العالم ينظر الينا نظرة اخرى. وعلى كل من يعمل في هذا المجال ان يفكر بهدف واحد هو ان تكون تجربة إنهاء الفساد درسا لكل العالم. ولعل احد امنياتي ان ارى بلدي يتقدم الدول الفاسدة بتخليصه من هذا السرطان المرعب. ولهذا لا بدّ ان يكون النجاح هو الغاية الكبرى التي نسعى جميعا خلفها. وما اجمل اللحظة التي يكون بلدي فيها قويا الى درجة الاشادة بدوره في قتل آفة فنون السرقة الى
الابد.
هو حلم الحصول على نوبل السلام في ايام لا امل فيها. ولا يوجد طريق غير طريق مواجهة كل اخطاء التجارب السابقة. واظن ان روح المجلس الجديدة ستكون قوية ان توافرت النوايا للعمل بجدية لتحقيق تغيير واقعي في حياتنا.
ما تغير هو اعطاء المجلس الاعلى لمكافحة الفساد طابعا جديدا فلا قيمة لاي قرار لا تنفذه قوة مختصة
حازمة.