وذلك لجزء من الخطة التي وضعتها الحكومة العراقية لمكافحة الفساد والوقوف بوجه الفاسدين الذين، تسببوا بوقف عجلة البناء والتقدم. وجاء في مقدمة كلمة السيد رئيس الحكومة ان" الهدف من تشكيل المجلس الاعلى لمكافحة الفساد، هو تعزيز اجراءات مكافحة الفساد، وادراك الحكومة لخطر الفساد وتأثيره المدمر على البلاد والعباد". وقد تناولت الكلمة، جملة من النقاط التي يرى السيد عبد المهدي انها ضرورية ومناسبة لتفعيل اجراءات مكافحة الفساد، ومن تلك الاجراءات: اولا: الاسراع بإكمال المنظومة القانونية لمكافحة الفساد ودعوة مجلس النواب ومجلس الدولة لأخذ دورهما ومسؤوليتهما بهذا الشأن، من خلال استكمال الاجراءات لإصدار القوانين المقتضية.
نلاحظ ان هذه الفقرةـ تشير الى التشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد، والتشريعات الخاصة بتشكيل الأجهزة الرقابية التي تتولى مكافحة الفساد، ومن المعلوم ان ثمة ثغرات كبيرة واشكاليات متعددة في تلك التشريعات، اسهمت الى حد كبير، في افلات الفاسدين من العقوبة، وبطرائق قانونية بحتة. ولعل قانون هيأة النزاهة رقم 30 لسنة 2011 من اهم تلك القوانين التي تتعكز عليها كل الجهود المبذولة من قبل الدولة لمحاربة الفساد، هذا القانون يعاني من ثغرات كثيرة، واشكاليات متعددة، لا بد من الوقوف عندها، وتعديل ما يلزم تعديله، بغية تلافي تلك الثغرات والوصول الى نص قانوني ناضج، قادر على تحقيق الغرض الذي شرع من أجله، كما ان هنالك التشريع الخاص بمكاتب المفتشين العموميين وهو الأمر رقم 57 لسنة 2004 الذي مازال نافذا رغم صدوره في زمن سلطة الائتلاف المؤقتة دون تعديل، او الغاء. وقانون الرقابة المالية والادعاء العام، وتعليمات الكشف عن الذمة المالية الذي اصدره مجلس الوزراء السابق والذي تم الطعن ببعض بنوده، لدى المحكمة الاتحادية، هذه التشريعات بحاجة الى مراجعة شاملة ومن قبل مختصين بالقانون وبمكافحة الفساد، وبحاجة الى تعليمات لتسهيل تنفيذها، ومن الطبيعي ان تكون الجهات التي تتولى تطبيق تلك القوانين هي الأولى بالتنسيق مع مجلس النواب ومجلس الدولة، لغرض مراجعة وتعديل تلك القوانين.
ثانيا: الالتزام الصارم بإفصاح المسؤولين المكلفين عن ممتلكاتهم، وخلال مدة لا تتجاوز اسبوعا. ان الافصاح عن الذمة المالية للمكلفين بذلك، يتم وفقا للسياقات القانونية التي نص عليها القانون رقم 30 لسنة 2011، وتلك السياقات تتمثل في ما جاء بالمادة 17 والتي شملت رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس الوزراء والوزراء ووكلاءهم والموظفين بدرجة خاصة..... ونلاحظ ان القانون اعلاه، لم يضع عقوبة لمن يمتنع عن تقديم كشف بذمته المالية، بل اشار فقط الى حالة وجود زيادة في اموال المكلف او اموال زوجته او اولاده لا يتناسب مع مواردهم العادية، وقد اعتبر القانون ان هذا يعد كسبا غير مشروع ما لم يثبت المكلف انه قد تم كسبه من مصادر مشروعة! وان المادة 20 عاقبت كل من تخلف او عجز بعد تكليفه من قاض التحقيق عن اثبات مصادر مشروعة للزيادة في أمواله او أموال زوجه او اولاده التابعين له بما لا يتناسب مع مواردهم، عاقبته بالحبس وبغرامة مساوية لقيمة الكسب غير المشروع او بإحدى هاتين العقوبتين مع مراعاة العقوبات المنصوص عليها في القوانين النافذة.. ان تطبيق الفقرة الثانية من كلمة السيد رئيس الوزراء، لا يمكن ان تتم دون وجود نص قانوني تستند اليه، وان النص القانوني اعلاه، لا يمكنه ان يتوافق مع عبارة الالتزام الصارم، حيث ان هنالك حالات قد لا يلتزم بها المكلف بتقديم كشف عن ذمته المالية، وعندها سيحال الى التحقيق والمحاكم التي سوف لن تجد في فعل الامتناع جريمة يعاقب عليها القانون، استنادا للمبدأ القانوني" لا عقوبة ولا جريمة الا بنص".