يحتل الإعمار والبناء المستوى الأعلى في أولويات عمل الحكومة الجديدة، فهو الملف الأبرز الذي يحظى بالأهمية البالغة لدى كل المواطنين، فبعد اقرار قانون الموازنة يتساءل المواطنون عن وقت تنفيذ مشاريع إعمار جديدة واستكمال المشاريع المعطلة
فحركة الإعمار إذا بدأت فعلا فإن ذلك سيبعث في نفوس المواطنين الأمل، كما ستؤدي حركة الإعمار إلى انعاش السوق العراقية وتشغيل العاطلين وزيادة دخول أفراد الطبقة الفقيرة، ومن أهم المشاريع التي يجب أن تعنى بها حكومة السيد عبد المهدي، طرق المواصلات والجسور وقطاع الماء، فهذه البنى في معظمها متضررة وغير صالحة للعمل، فهل ستعمل الحكومة على تفعيل خططها في هذه القطاعات؟ لا طريق امام الحكومة لتعزيز ثقة المواطنين بها سوى البدء بالتنفيذ، كما ان هنالك مشاريع مهمة تهم المواطنين كالقطاع الصحي عبر تأهيل المستشفيات وبناء مستشفيات جديدة، وقطاع أبنية المدارس فهو قطاع يشهد انتكاسات متعددة، فعدد الطلبة يتزايد يوما بعد آخر والمدارس الحالية في معظمها لا تصلح فنيا لقيام التدريس فيها .
إن النهضة العمرانية لو بدأت فهي عماد الدولة الناجحة والمتطورة، ولو افترضنا أن حكومة ما في اي دولة لا تتعهد قطاعات البنى التحتية بالاهتمام والعناية، فهي غير جديرة في تحمل مسؤولياتها،لكننا كلنا أمل في حكومة السيد عبد المهدي بالمسارعة إلى بذل العناية اللازمة لتطوير قطاعات البنى التحتية الأساسية، فالوقت يمر والمواطن ينتظر انفراجا في هذا المجالات،فليس ثمة مجال آخر أهم من هذا المجال ( الإعمار والبناء )، فالمدن العراقية تعاني الكثير من المشكلات التي تحتاج الحلول الجذرية،فرغم أن الموازنة في جانبها الاستثماري لا تغطي قطاعات الإعمار بشكل مطلق حسب تقييم خبراء في مجال تحليل الموازنة لكن من الممكن البدء بتنفيذ مرحلي ليلمس المواطنون جدية الحكومة في البدء بتنفيذ المشاريع.
لقد صبر المواطنون كثيرا على مشكلاتهم وحان الوقت لحلها عبر الاعتبار من تجارب دول استطاعت أن تنهض في مجال الإعمار رغم أنها لا تملك موارد بمستوى موارد العراق وطاقاته،ومن أبرز هذه التجارب تجربة سنغافورة قبل خمسين عامًا، التي كانت بلدًا(متخلفًا)، يرزح سكَّانه في فقر مدقع، مع مستويات عالية من البطالة؛ إذ كان يعيش 70% من شعبها في مناطق مزدحمة ضيقة، وبأوضاع غاية في السوء، وكان ثلث شعبها يفترشون الأرض، في أحياء فقيرة، على أطراف المدينة. بلغ معدل البطالة 14%، وكان الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد أقل من 320 دولارا أميركيا، وكان نصف السكان من الأميين.
سطرت سنغافورة أكبر قصة نجاح اقتصادي في العالم، وأصبح صعودها الاقتصادي أنموذجًا يحتذى به دوليًا، بالنسبة إلى بلد يفتقر إلى الأراضي والموارد الطبيعية، ولكن من خلال تبني سياسات منفتحة على الخارج، وتطبيق"رأسمالية السوق الحرة"، والتعليم، وسياسات واقعية صارمة، استطاعت سنغافورة التغلب على عيوب الجغرافيا، وتصبح رائدة في التجارة العالمية، مع صغر حجمها الذي يبلغ 719 كم2.
فلماذا لا يحذو العراق حذو هذه الدولة ليسطر الإنجازات الاقتصادية في مختلف المجالات ؟ لا سيما أن الدكتور عادل عبد المهدي رجل اقتصادي يملك رؤية ستراتيجية معمقة لتطوير الاقتصاد الذي يعد عصب البلدان المتقدمة، فلا دولة متقدمة دون اقتصاد متمدن ولا استقرار أمنيا دون تطوير الاقتصاد، ولا رخاء دون تحريك العجلة الاقتصادية الاستثمارية الوطنية .
فمن أبرز مهام رئيس الحكومة الحالية هو تنفيذ مشاريع اقتصادية عمرانية واستثمارية، ترفع عن كاهل المواطنين عبء الفقر والتخلف والفاقة والمعاناة، نأمل في الحكومة الحالية السعي الجاد للقفز بالبلد إلى مستوى من التطور حتى لو تدريجيا .