وليد خالد الزيدي
لا تقتصر موضوعة التنمية الوطنية في العراق بأسس الإصلاح الاقتصادي كزيادة الإنتاج وتقديم الخدمات، فقط إنما كذلك بتحسين مستوى الأداء الفردي لكل مواطن وتنمية فصول حياته بشكل صحيح حتى يكون عضوا نافعا في محيطه الاجتماعي العام، وهذا الأمر يقودنا بشكل أو بآخر إلى مسألة التنمية البشرية وعلاقتها الجدلية بالتخطيط الذي انبثق منذ بدايات التاريخ البشري في العراق كمركز ثقل عالمي، حيث انطلق منه التطور والنماء الإنساني الذي عرفته البشرية عندما استثمر العراقيون كل مقومات الحياة في بلدهم وطوعوها لتنمية سبل حياتهم وجعلوها محط أنظار العالم وأنموذج حياتي فريد في التخطيط والعمل والأداء ومن خلال توفير مستوى معيشي ملائم لكل مواطن، استنادا لتصورات واضحة نمت عن إحساس رفيع بمستوى الشعور بالمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق كلا من الفرد والمجتمع(على حد سواء).
ووفقا لما متوفر من إمكانيات مادية وبشرية في بلدنا الذي تكتنز أرضه الكثير من مقومات البناء والنهوض وصياغة ستراتيجيات تنبثق منها خطط وبرامج واعدة لتنفيذ العديد من المشاريع الوطنية التي تعتمد اساسا على بناء الإنسان بوصفه الغاية التي تمسك بكل الوسائل المتاحة للبناء واستنهاض هممه وتعزيز دوره السليم بما يتلاءم وصور التطور الحضاري الحاصل اليوم، فقد سعى القائمون على عملية التنمية في العراق اليوم إلى تنفيذ ستراتيجية للنهوض بواقع التنمية والبناء اساسا على التنسيق بين وزارة العمل والشؤون الاجتماعية،
من جهة، ووزارة التخطيط من جهة أخرى، الهدف منها تسهيل الإجراءات الخاصة بالتنمية البشرية ومن خلال تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة المشاريع الخاصة برفع مستوى معيشة الفرد العراقي، حيث بحث وزير العمل والشؤون الاجتماعية باسم عبد الزمان مع الإدارة التنفيذية لستراتيجية التخفيف من الفقر في وزارته ووزارة التخطيط متمثلة بالجهاز المركزي للإحصاء الآليات العلمية والمدروسة التي يمكن اعتمادها لتسهيل الأمور الفنية لتنفيذ هذه الإجراءات وحل جميع المعوقات التي ترافق عملية البحث الاجتماعي للأسر والفئات المشمولة.
وهنا لابد من استنتاج موضوعي لهذا التنسيق بين الوزارتين وبجملة تصورات منها:
إن الحكومة تمتلك سياسة إنمائية واضحة ومحددة يمكن أن تنطلق بها من خلال تلك الستراتيجية الواعدة التي تشمل تلك الفئة الاجتماعية وفيها أفراد عراقيون يمكن لهم أن يسهموا في البناء الوطني وبدور مثالي إذا ما توفرت لهم سبل العيش الكريم والمناسب، حيث يتفق الكثير من الباحثين في الشأن السياسي على إن جزءا مهما من أسس نجاح الحكومة هو تقليص الفوارق الاجتماعية بين أفراد الشعب، وهذا لم يأت إلا من خلال دعم الحكومة لكل مواطنيها وتحقيق حاجاته الأساسية لكونها تشكل صمام الأمان للتنمية البشرية التي يطمح لها المسؤولون والموطنون بالوقت نفسه.
الأمر الآخر هو الالتزام الإنساني من قبل الجهات القطاعية الحكومية المتخصصة في هذا المجال وهما وزارتا(العمل والتخطيط) تجاه كل أفراد الشعب واستثمار التنسيق المدروس والعلمي بينهما الذي يمكن ان يأتي بنتائج دائما ما تكون ناجعة وتأخذ مدياتها الواسعة لرسم سياسات مستقبلية وفق تصورات أكثر نضوجا وأوسع استيعابا واعم فائدة.
وهناك أمر ثالث يمكن أن يدرج ضمن إطار المنافع من تلك الإجراءات وهو معالجة بعض المشاكل التي يمكن أن تندرج ضمن إطار الأمراض الاجتماعية التي تترتب على آفة الفقر ومشكلة العوز والحرمان من ابسط مقومات العيش الكريم.