هل احتفظت الرواية المعاصرة بالقيمة الحقيقيَّة للأدب؟

منصة 2021/07/12
...

 ضحى عبدالرؤوف المل
 
ورثت الرواية القوة الملحمية التي كانت معروفة في القرن السابع عشر، واستطاعت أن تحتفظ بالهموم الانسانية اجتماعيا وسياسيا، وبتصوير الكثير من الحروب والصراعات، محتفظة بالشاعرية والرومانسية ذات الباطن المحمل بالكثير من الخروج عن النوع الملحمي إلى الروائي، بعيداً عن الأسطوري الخرافي المتعب للفكر، والممتد الى عدة عصور ما قبل الانسانية وتطورها. لتستقل استقلالاً نسبيا استطاعت من خلاله تحقيق ذاتها والوقوف في وجه المجتمع، لتمنحه من قوة وجودها رؤية صححت الكثير من النظريات الاجتماعية والفلسفية والسياسية، وبقوة الالتفاف الادبي على الوجود الروائي، وقوة قيمته الأدبية التي تخطت الأدب المكتوب الى السينما والتلفزيون، وقد شهدنا الكثير من التغيرات الاجتماعية التي حدثت بسبب رواية ما، حملت في طياتها الكثير من الانتقاد الاجتماعي والسياسي، كروايات «توفيق الحكيم} وروايات «البير كامو» و{الحارس في حقل الشوفان» لشالينجر و{النمر الابيض» لارافيندا اديغا التي تحولت الى فيلم سينمائي وغيرها. فهل احتفظت الرواية المعاصرة بالقيمة الحقيقية للأدب؟ أم إن حالة الأدب هي حالة الإنسان في كل زمان ومكان؟ وهل تقييم الأنواع الأدبية هو تقييم للكاتب ومكان وجوده؟.
إنَّ تسليط الضوء على حاجات المجتمع من خلال الأدب يثير الفضول والاهتمام، ويستفز الكاتب لرفع راية هموم مجتمعه في عمله الأدبي، وفق قيمة موضوعه الذي يطرحه على صفحاته الروائية، وبصياغة تحمل رؤية مختصرة تثير الأمل في العودة الى مجتمع صحيح خالٍ من الآفات. فتسهم في ابراز المشكلات الانسانية بشكل عام التي عاشها في الماضي ويعيشها في الحاضر، وماذا يمكن أن تنتج في المستقبل. ضمن الاحتفاظ بالجماليات الأدبية المعاصرة، رغم تنوع الأذواق عند المتلقي او الاحرى المستقبل للعمل الأدبي بقيمته الروائية اولا. إلا أن الكاتب يواجه صعوبة المشكلات التي يريد ابرزها وفق حكاية روائية، وبمصداقية تامة بعيداً عن الالتفاف الى فئة معينة من شريحة اجتماعية، كما شهدنا في روايات الحرب السورية، والتي كانت أشبه بلعبة شد الحبل، رغم أن أغلبها استطاع الحفاظ على وجه سورية القديم. اي ما قبل الحرب، والتي حملت الكثير من التراث السوري، وتركته في الرواية المعاصرة بين المعارضة والدولة في مهب الأدب، بعيداً عن القيمة الاجتماعية وتمزقها. فهل استطاع البعض الاحتفاظ بقيمة الرواية الاجتماعية؟ أم أننا شهدنا على التدهور الروائي في ادب الحرب السورية وما نتج عنها من نزاعات؟ وهل حافظت بعض الاسماء الروائية على جودتها ووقوفها موقفاً محايداً في تصوير الازمات الاجتماعية بمصداقية ادبية تامة؟ وهل قوة الخلق والاستقبال الروائي تحتاج لذوق رفيع ورصين؟.
تعبير اجتماعي يحمله الأدب على جناحين لرواية تحلق نحو رؤية عامة لخاصية مجتمع ما، يتحقق فيها الهدف الإنساني في عصر تحدده الرواية بعيداً عن المبالغات الأدبية، بتحليل فعّال لسلوكيات وعلاقات بين شخصيات تمثل فترة ما لزمن ما، بعيداً عن التعقيد الاجتماعي، وباحتضان للحياة التي تمثل تاريخاً معينا، ووفق تطور الشخصيات، بتنظيم للحقائق وبهيمنة فنية جمالية ذات معايير روائية منطقية في ابعادها وتفسيراتها، وافعالها التعبيرية التي يختارها الروائي من دون ان تنخفض القيمة الحقيقية للأدب ضمنيا، وبشكل صريح وحقيقي، وبموضوعية تامة تكشف عن الانطباعات التي تثير عدة توقعات مستقبلية او تحليلية، بتنوع تفرضه القيمة الروائية، التي تتغذى على قوة الخلق والإبداع عند الكاتب الذي يتخذ عدة خيارات تنطوي على التفكير في التمييز الحقيقي للقيمة الاجتماعية، التي يضعها الكاتب بين صفحات رواية تبحث عن الحلول، وتسهم في بث جمالية حياتية لا جدال فيها. اضافة الى الاحتفاظ بالحكمة التي تزيد من القيمة الأدبية في الأعمال الروائية. فهل سنشهد على التدهور الروائي الناتج عن عدم مصداقية في ادب الحروب؟.