دائرة الشهداء وضحايا الإرهاب: نشكو من قلة التخصيصات ونناشد المعنيين

ريبورتاج 2021/07/27
...

   ذو الفقار يوسف 
 
 تصوير: علي الغرباوي
كان كل ظني عندما دخلت مكتب مدير عام دائرة  الشهداء وضحايا الارهاب، بانني سأجد الاستقبال الذي يليق بصحفي من مؤسسة اعلامية معروفة، إلا أنني تفاجأت بعدم الاكتراث لي، لقد كانت كل الانظار متوجهة لعدد من المواطنين الذين احاطوا الطاولة والتي على رأسها المدير وهو يقضي حوائجهم ويكمل معاملاتهم بتفان واخلاص، ذلك الاهتمام الذي نفقده في مؤسسات الدولة، لقد وجدته ما ان دخلت الباب لاجلس معهم واسمع قصصهم مع المدير عمن فقدوا.
والكثير من القصص والمواقف والبطولات ستجدها حتما ما أن تدخل هذه المؤسسة، فهناك من فقد اخاه شهيدا في معارك البطولة، وآخر قد ودع ابنه ولم يره مرة اخرى، وصورة لام  فقدت احد عشر شخصا من اسرتها واقاربها ليكونوا شهداء لاجل الوطن، لتكون هذه المؤسسة اماً راعية لذوي الشهداء والمفقودين والجرحى، وللأسف فان جراحها لا تقل عن جراح من يزورها طلبا للحقوق.
 
دعم واسناد
وتعد المؤسسة من الدوائر المهمة، كونها ترعى فئة كبيرة من الشهداء بعد عام 2003، وتشمل شهداء مدنيين، وشهداء من موظفي وزارة الداخلية والدفاع، فالقانون رقم (2) لسنة 2020 توسع في نطاق احكامه، ووضع مهام كبيرة على هذه الدائرة، وما يؤسف له هو قلة التخصيص المالي لها، وأيضا اللجان الفرعية المرتبطة بالدائرة، والتي تقوم بتعويض المواطنين، فالدعم اللوجستي من المفترض أن يكون من المحافظات، مدير عام دائرة الشهداء وضحايا الإرهاب في مؤسسة الشهداء د. طارق المندلاوي بين: «من المؤسف ان بعض المحافظين غير متعاونين مع مؤسسة الشهداء، وكأنما التعويضات لا تعكس الحالة الاقتصادية للمحافظة والنمو نحو الأفضل، كون التعويضات تجلب موارد مهمة، وتحرك عجلة الاقتصاد داخل المحافظات، إضافة إلى أن التقاعد سيكون مليوناً و200 الف دينار  بالنسبة للشهداء والمصابين، وهي موارد كبيرة جدا ستحرك السوق داخل المحافظة».
مضيفاً «على السادة المحافظين أن يهتموا بدعم واسناد اللجان الفرعية، وهناك تقصير منهم في تنسيب الموظفين في موضوع الدعم اللوجستي، والتجهيزات والأثاث، ومن المفترض أن تكون إدامة هذه اللجان وفق القانون وما نص عليه، وهي من الصلاحيات والمهام والواجبات التي تقع على عاتق السيد المحافظ، وأنا اناشد كل السادة المحافظين وخاصة المحافظات الساخنة ومنها ديالى، وبغداد، وصلاح الدين، والانبار، ونينوى، وبابل، وكركوك، إذ ان تلك المحافظات على المحك، ولا تدعم اللجان الفرعية فمن الطبيعي ان اللجان ستتأخر في مهمة إنجاز المعاملات، ولا تكون في هذه الحالة نسب انجاز حقيقية في هذه المحافظات، كونها متوقفة على الدعم والاسناد اللذين تتلقاهما من قبل المحافظين، وهو ما نص عليه القانون بأن يدعم المحافظون اللجان الفرعية، بالمواد والاثاث والقدرات البشرية والمكان اللائق، لاستقبال المواطنين من ذوي ضحايا الارهاب، وكل هذا سيسهم بشكل كبير ويعكس الوضع على المحافظة، وستكون سباقة في التعويضات».
 
معوقات ومناشدات
ترتبط مؤسسة الشهداء باللجان الفرعية الموزعة في محافظات العراق ادارياً وفنياً، أما الدعم اللوجستي فنص عليه القانون في المادة (3)، ويلزم السادة المحافظين بهذا الدعم، فاللجان تحتاج إلى سيارات، وأضاف المندلاوي: «تفتقر اللجان إلى أبسط مقومات النجاح، فاللجنة في محافظة ديالى ليست لديها مقومات للسرعة في انجاز المعاملات، وكذلك في نينوى التي لديها ثلاث لجان، في سنجار و تلعفر، ومركز المحافظة وينقصها كذلك الدعم، فليس لديها موظفون أو تجهيزات، وإذا تم اسنادها ستنتعش المحافظة اقتصاديا وتزدهر، ويعود جميع النازحين، ففي كل شهر تدخل مليارات الدنانير عن طريق المتضررين والمتقاعدين من ذوي الشهداء والمصابين والمفقودين، وهذا جزء من مسؤوليتنا، فنحن نطالب الأخوة المحافظين أن يتعاونوا مع مؤسسة الشهداء ومديرياتها من أجل دعم اللجان الفرعية».
 
إجراءات
تم ادخال بعض الإجراءات في نظام الأتمتة، والخدمة الإلكترونية، فيتم استقبال شكاوى المواطنين عن طريق الاون لاين، وكذلك في ما يخص الدراسات العليا والأولية والحج، والكثير من القضايا التي استطاعت المؤسسة بامكانيات ذاتية وبسيطة القيام بها، وأكد المندلاوي أن «موازنة المؤسسة تعد من أفقر الموازنات في الدوائر العراقية، وهذا يستدعي من الجميع العمل على أن تكون هناك موازنة أكبر، وأفضل للمؤسسة حتى تقدم خدمات أفضل لذوي الشهداء، لاسيما ان الشهداء هم اصحاب الفضل على العراق، وبدمائهم تحررت محافظاتنا، وتوحد العراقيون، وبدمائهم عاد الأمن والسلام لشعبنا، وكان هذا النصر العظيم الذي تحقق، لذا يستحق ذووهم الاهتمام الحقيقي». وأوضح المندلاوي: «الآن عملنا على إنجاز معاملات شهداء التظاهرات، وانجزت جميعها بالكامل، ومن خلال فرق جوالة، وأنا بنفسي ذهبت إلى محافظة واسط لأسر الشهداء مع فريق من هيئة التقاعد، وانجزنا لهم هويات تقاعدية، وكذلك في محافظة الناصرية تم انجاز 120 معاملة بالكامل، وتم تحويلها إلى هيئة التقاعد عدا 22 معاملة لم يراجع اصحابها المؤسسة من أجل إنجازها، وحتى في موضوع المصابين لدينا عمل مركز، وشكلنا غرفة عمليات في محافظة ذي قار، لتحديد نسبة العجز التي تقع على وزارة الصحة، وانجزت بسرعة فائقة».
 
سرعة الإنجاز
وتم انجاز معاملات 38 شهيداً مدنياً في ساحة الطيران خلال شهر في النافذة الواحدة، وبمشاركة الجهات الساندة للمؤسسة ومنها دائرة النفوس والطب العدلي، ووزارة الداخلية والصحة، بالإضافة إلى الجهد الاستخباراتي، أما بالنسبة للموظفين الشهداء، وكان عددهم 12 موظفا فتم ارسال كتب إلى دوائرهم، ومخاطبتها وانجزت هذه الدوائر معاملاتهم.
الاداري في مؤسسة الشهداء د. عبد العزيز البدري أشار إلى أن «اليوم يتم إنجاز المعاملة بتوجيه من  رئيس المؤسسة، وكل معاملة تخص الشهيد او المصاب تروج من المديرية التابعة للمؤسسة، وقطع العمل بالترويج الذي كان من قبل اللجان الفرعية أو الأقضية التابعة لكل محافظة، ولدينا في الانبار ثلاث لجان، وكذلك في نينوى وصلاح الدين لدينا العدد نفسه، أما بقية المحافظات فلكل واحدة منها لجنة، ومكتبنا ومكتب المدير العام للدائرة مفتوحان لكل ذوي الشهداء والمراجعين، ولكن بسبب الوباء نحرص على اختصار المقابلة مع المراجع، وبفضل الله ليست لدينا قضايا أخلاقية، ومن لا يستطيع المجيء لنا من ذوي الشهداء او المصابين، فيمكنهم توكيل شخص او عبر الفرق الجوالة، ونستقبل فقط المحامين والقانونيين».
 
تطبيق المساواة
يتساوى جميع الشهداء في الحقوق والواجبات، والمؤسسة تتعامل بنفس واحد مع الجميع، وترعى كل المكونات العراقية، وهي البيت الكبير لكل المضحين بحسب المندلاوي الذي تابع حديثه «لكن هناك بعض وجهات النظر في الوزارات بما يخص تطبيق القانون، كوزارة التربية، التي كانت تجتهد أمام النص القانوني، والذي يقول ان 15 % من التعيينات لفئتي شهداء الحشد وجرائم حزب البعث، و 10 % لشهداء ضحايا الارهاب، وهذا النص يجب أن يطبق، ولكن وزارة التربية تمنح 5 % فقط، وهذا أكبر خطأ، وتحاسب عليه قانونيا، وأغلب الوزارات كذلك لا تطبق قانون مؤسسة الشهداء وحقوق ذويهم، وستكون عرضة للمساءلة القانونية أمام البرلمان، والحكومة العراقية، ونحن نطلب من الجميع التعاون مع المؤسسة في تطبيق القانون». 
 
توزيع قطع الأراضي
هناك دعم واسناد من قبل رئيس الوزراء وتوجيهاته على الاستجابة لطلبات ذوي الشهداء، وشُكل الآن فريق متكامل من أجل توزيع قطع الأراضي، والذي كان معطلا، ماعدا في بعض المحافظات فتم التوزيع، إذ أوضح المندلاوي ذلك: «يجب أن يكون هناك توزيع للأراضي لذوي الضحايا والمتضررين في أماكن جيدة، وهذا ما نص عليه القانون، وبعض السادة المحافظين لم يستجيبوا، والآن أصبح هناك توجيه من رئيس الوزراء بأن تكون هناك استجابة في التوزيع، وبعد الحصول على قطعة الأرض هناك تسهيلات من المصارف العراقية، ومبادرات كثيرة من الدولة العراقية، لتسهيل عملية البناء والاستثمار».
واستدرك المندلاوي: «اصحاب العقود لهم الحق بالحصول على قطعة أرض، إذا كانوا من ذوي الشهداء، وننتظر التعليمات الجديدة بشأنها، والمواطن البسيط بحسب توجيه رئيس الوزراء يستطيع الحصول على قطعة ارض، وستفتح نافذة إلكترونية، وستكون هي الحاكمة بالنسبة للفقراء، ولكل العراقيين، ولكن بالطبع ستكون الأولوية لذوي الشهداء».
 
ضوابط جديدة
كل اللجان الفرعية أصبحت لها الآن إجراءات جديدة، وأخذت جانبين، الأول هو تطبيق الضوابط الجديدة استنادا لقانون رقم (2) لعام 2020 الموقع من قبل رئيس مؤسسة الشهداء، وتم اعمام تلك الضوابط، وهي ان ترويج المعاملات لا يكون عن طريق اللجان، وانما يتم عن طريق مديريات مؤسسة الشهداء، وهي (18) مديرية، تستقبل المواطن وتأخذ منه الحيثيات  وفق عدة ضوابط ومنها، إذا كان شهيدا او مصابا او مفقودا او مخطوفا، ويتم تسلمها من قبل المديريات، وتتم مخاطبة التصريح الأمني والسلامة، وهيئة المساءلة والعدالة، وبعد اكمالها تسلم إلى اللجنة الفرعية التي تتولى النظر بها، وان كانت مكتملة الاجراءات، فهذا سيبسط
المعاملة. 
إذ بين المندلاوي «ستكون هناك أيضا متابعة ببرنامج إلكتروني للمعاملة، وما تحتويه من نقص او اخطاء، وهذا البرنامج من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتم تنصيبه ويتابع كل المعاملات، وهذا إجراء مهم جدا في تبسيط سير العمل، أما الجانب الثاني من الإجراءات الجديدة فهو فني يخص نظام البركوت، فبعد لقاء مع رئيس هيئة التقاعد من قبل رئيس مؤسسة الشهداء توصلنا إلى أن نوقف كل الباسبورات، ويكون العمل وفق آلية جديدة غير هذه الموجودة، وذلك منعاً للفساد، والتزوير والروتين والتدليس».
 
تدقيق
أما عن الإجراءات الاخرى فيضيف المندلاوي: «لدينا الآن ثلاث لجان في الانبار، الأولى في مركز المحافظة، والثانية في مدينة عنة، والثالثة في قضاء الفلوجة، وكانت هناك بعض المعاملات التي يشوبها الفساد الاداري، لذلك تم إيقاف هذه الإجراءات بها لأن هيئة التقاعد الوطنية كانت تتسلم المعاملات مباشرة من المواطنين، وهذا خطأ لا يجوز، فيجب أن تذهب إلى المديرية، وتخضع للتدقيق، وتوضع بنظام البركوت، وترسل بكتاب سري، لذا كانت هناك إعادة نظر في كل الإجراءات، واليوم أيضا تغير مدير مديرية شهداء الانبار بأمر إداري من قبل السيد رئيس مؤسسة الشهداء، واصبح الآن لها مدير جديد، ما يعمل على فلترة الأمور، وستبنى المعاملة بشكل أصولي من قبل المؤسسة، وتكتمل حسب
الضوابط».