صلاح القصب والمسرح العراقي .. هوامش استعادية

ثقافة 2019/02/24
...

 د. بشار عليوي
 
 
الحديث عن صلاح القصب , لهَ طعمهُ الخاص , فهوَ حديثٌ عن مسرح الصورة في العراق , عن مرحلة مهمة في تاريخ مسرحنا العراقي اتسمت بالتمرد وكسر المألوف والانحياز التام نحو صناعة الجمال المسرحي . ببساطة أنكَ بهذا تتحدث عن مسرح فريد من نوعهِ , لفتَ إليهِ الأنظار عراقياً وعربياً .
 
صلاح القصب رجل مهووس بالمسرح دفعه هوسه هذا الى ان يختار اكثر الطرق وعورة لانجاز مشروعه المسرحي ، وهو طريق وعر لانه طريق مثّل قطيعة حقيقية مع المنجز المسرحي العراقي حينها باعتمادهِ في عروضه على تقنيات مُغايرة تماماً عن مُجمل ما كانَ يُستخدم في عروض تلكَ الفترة التي بدأ صفحتها فناننا د.القصب , وقد عززَ هذا صدور بياناتهِ التنظيرية الخاصة بمشروعهِ الجمالي (مسرح الصورة) .
ومع عديد العروض التي قدمها مُشاركة طلبتهِ وزملائهِ الأساتذة في كلية الفنون الجميلة _بغداد , تبارى جمهرة من نُقاد المسرح العراقي والعربي الى مُتابعتها وعن كثب , متآلفين تارة ومُختلفين معها تارةً أُخرى دفعهم ماتلمسوهُ من وجود لبؤر التحديث التي أوجدها القصب داخل منظومة العرض المسرحي عبر تمظهرات مسرح الصورة , هذا في ضفة الجانب التطبيقي , أما في الضفة الأُخرى فقد تعاطى النُقاد والباحثين مع تيار مسرح الصورة بشكل يكاد يوحي بأن فناننا القصب , هوَ من يتحرك ببوصلة تحديث المسرح العراقي , كيف لا , وهوَ مُخلخل أركانهِ ومُنسف أنساقهِ التقليدية , لذا عَمدتْ العديد من المهرجانات المسرحية العراقية والعربية للإحتفاء بهِ وتكريمهِ , كما اختارت أُخرى لتحملَ أسمه , ولتعزز ذات مكانتهِ البارزة في المسرح العراقي والعربي مهما  تقادم الزمن , وكانَ آخرها (مهرجان المسرح الأكاديمي الوطني الأول ) الذي نظمتهُ جامعة بابل - كُلية الفنون الجميلة في العراق. 
لم يتوقف هذا المُخرج الجمالي المُجدد عن التجديد في خطابهِ الفكري والجمالي , وما زالَ يعد بالكثير من الأحلام والمشاريع المسرحية المؤجلة , وفي هذا السياق عمدَ الى الحفر المتون المعرفية الخصبة , فكانَ أن أطلقَ نظرية الكَم في تكنولوجيا المسرحَ , وعن إجتراحهِ الجديد مُعرفاً بهِ كتبَ يقول : أن المكون الكمي في مصطلح تكنلوجيا المسرح واشتغالات معادلاته الفيزيائية تنطلق من نظرية الحقول الكمية وهي نظرية مركبة من نظرية الحقول الموجبة ونظرية الكم وتركز على تفسير حزمات الضوء والتي تنتشر في فضاءات العرض من خلال الكلمات وتحديد العلاقة مابين الرؤيا وفيزيائيتها البصرية وبين الطاقة وكميات التردد الصوري في الكم الصوري لدى المتلقي لذا فان قوانين الفيزياء في المحيط الكوانتمي هما القوى للمخيلة وجسيمات الفوتون وهو جزء لجزء في الاشعة البصرية لمكونات الرؤيا لذا فان معادلات الكم التكنلوجي للمسرح هي فيزياء غير ثابته القوانين والمعادلات وقوانين الحتمية والسببية بل تبحث بالعلاقة ما بين العلم والمنجز وهذا يدخلنا في الكم الضوئي لقياس كثافة الرؤيا وتدرجاتها في الحقل الرياضي والجبري ، بمعنى قياس الكثافة ومساحاتها الضوئية في جسيمات العرض . 
التكنلوجيا في المسرح هي النواة في جسيمات التفاعلات القوية مابين عناصر العرض وتقسم ضمن فلسفة الكوانتم الى اتحاد فيزيائي للعناصر ومعادلاتها والذي تشتغل قواه في تكنلوجيا الرؤيا وقراراتها وتسمى بالقيمة البلانكية وهي عناصر شاملة لقوانين الذرة والنواة وفيزياء الجزيئات وكذلك كعامل في تحديد العلاقة مابين طاقة خطاب العرض وتردد انعكاساته طوال موجات العرض المستمرة من خلال ( المبدأ التراتبي ) فالعرض المسرحي مركب بدقة متناهية ومؤلف من قيم جمالية لمعايير لايمكن تفسيرها او الوصول الى جوهرها السري لذا فالمعادل الكمي لتكنلوجيا المسرح هو وجود متعال يتحرك في رسم فضاءات لمعادلات عرض فيزيائي سحري من خلال حركة الموجة للطاقة وهي ذبذبات موجبة داخل محيط لانهائي في المكون الصوري للعرض في النظرية الكمية لمصطلح التكنلوجي في الفن هو الانطلاق من الجانب الآخر لمكون النص بمعنى أن نجد طريقا جديداً كي لا تستدير الثقافة والفنون وتتكرر داخل ثوابت كما اشار نيتشة بان كل شيء سيتكرر وسنرجع الى بدايات الانطلاق , ان حركة التاريخ وتردد موجاته الديالكتيكية قد ركزت على هذه المدركات حتى تجربتي مع المخرجة (عواطف نعيم) في مسرحية (ماكبث) كانت الدخول الاعمق فيزيائيا من تجربة (عزلة في الكريستال) والتي اعتمدت في بنائها الترددي البصري على هندسة العمارة وتردداتها البصرية في قوة الكتلة وخطوطها ومصادرها كطاقة وتكوين فكانت هذه التجربة رهينة العبور بهذا الحقل الفيزيائي في الرؤيا وقوة الموجه وتردداتها سواء من تلك المعادلات التي ترى في لمعان المظاهر حركة في اكتشاف المعادلات واشتغالاتها او تلك الفراغات التحتانية والتي لها اعماق غير مرئية ولها قوة وجاذبية ) . ويؤكد القصب أن الفكر الفني انتج ثلاثة مراكب لمعادلات فيزياء كمية وحركتها وقوة موجتها شرعت الفكر الى حقول فهم علمية والتي حققت بمعاداتها مشاريع الحركة المعطلة والغائبة والتي تدفع الموجات الى الجوهر . المركب الاول : المدرك العقلي . المركب الثاني : المدرك الحسي .المركب الثالث : المدرك الحدسي   . 
ويطرح القصب عدد من الأسئلة من خلال هذا الإجتراح الجديد بقولهِ : هل ستحدث نظرية الكم زلزالا في قارة المسرح ؟ وهل تستطيع نظرية الكم شفر حبات تولدية جديدة واكتشاف اشتغالاتها في القارة الفنية والادبية ؟ وهل تستطيع نظرية الكم سحب قوة الطبقة الى داخل المكون الفني والادبي ؟ وهل التشيؤ يتساوى مع قوة الفراغ والموجة والتردد ؟ هل الموجة معادلة للعقل والفراغ معادل للحس والتردد ومعادل  للحدس ؟ .