أطفال ينسجون خيامهم تعبيراً عن انتمائهم للنهضة الحسينية

ريبورتاج 2021/08/18
...

 نافع الناجي  
 
في شهر محرّم الحرام، ينصب صبية وفتيان بعمر الزهور خياماً صغيرة وهياكل مسقّفة مصنوعة من الاخشاب او (الجريد) يتخذونها منطلقاً للتعبير عن المساهمة في احياء الشعائر الحسينيّة. 
رافد وكرار وحسين أطفال من محلة الغربي في مدينة السماوة قاموا منذ أيام، وقبل انطلاق فعاليات احياء الشعائر، بجمع اخشاب وأقمشة فائضة لتشييد موكب العزاء على رصيف أحد شوارع المدينة قبل التوجه إلى شارع المواكب الحسينيّة (باتا) للمشاركة في مسيرات العزاء مع موكب اشبال الحسين (ع) والذي يضم اطفالاً من اعمار متقاربة.
 
اعتزاز
وقال الطفل كرار إنّه اعتاد على احياء شعائر العزاء الحسيني منذ السنوات الأولى من عمره، اذ يرافق والده إلى المواكب الحسينيّة التي تدور المدينة عصراً، وبعد صلاة العشاء يتوجه ايضاً لحضور مجالس العزاء التي تقام في الحسينيات. 
واضاف «اشعر بالاعتزاز لاننا شيدنا موكباً خاصاً بنا لنقترب به إلى الله سبحانه وتعالى لنقدم العزاء إلى اهل البيت (ع) بذكرى واقعة الطف الأليمة».
ولا تقتصر مشاركة الأطفال على مواكب العزاء وانما يسهمون في خدمة المعزين والمؤدين للشعائر الحسينيّة عبر توزيع الأطعمة والمشروبات او المشاركة في اعمال التنظيف او نشر ورفع مفروشات المجالس، وهي جهود تطوعية تأتي في سبيل التقرّب إلى الله سبحانه وتعالى من خلال خدمة المؤدين للشعائر الحسينيّة.
 
جيل جديد
وأمام هذه الصورة الجليّة عن المشاركة الطفوليّة في احياء الشعائر الحسينيّة نجد جيلاً جديداً من الرواديد الحسينيين من صغار السن الذين اجادوا أداء القصائد الحسينيّة بعد أن حفظوها عن ظهر قلب، ما دفع بأصحاب المواكب الحسينيّة للاستعانة بهم اثناء تسيير مواكب العزاء.
الشيخ احسان السماوي، الذي يتولى إدارة مؤسسة العين الخيريّة، قال لـ «الصباح»،: إنّ «أيام محرم الحرام على ما فيها من الحزن والآلام تبقى أيام عطاء تمثّل بالدم والشهادة والإصلاح في جميع جوانب الحياة»، مضيفاً، إنَّ «مشاركة الاطفال بهذا الدور مهمة جداً، لأن محرم هو موسم عطاء وبذل لكل فرد من افراد المجتمع»، وهو بذلك لم يستبعد دور الأطفال في المشاركة في هذا الركن الديني والتثقيفي والمجتمعي وهو ركن من الشعائر الحسينيّة.
 
نهضة
ويستمر الأطفال السماويون في المشاركة اليوميّة بإحياء الشعائر الحسينيّة عصرا والحضور في المجالس الحسينيّة بعد صلاة العشاء حتى ليلة العاشر من محرم الحرام، اذ يبقى الكثيرون منهم مستيقظين طوال الليل تأسيا منهم بالامام الحسين (ع ) والذي تقول الروايات إنّه بقي ساهراً ليله للتحضير للمعركة والمواجهة مع القوى المعادية لنهضته.
واستعداداً لهذه الليلة فإنَّ الأطفال رافد وكرار وحسين وآخرين معهم قد استعدّوا منذ شهر او اكثر، اذ قاموا بجمع مصروفهم اليومي لشراء الكعك من اجل توزيعه في موكبهم الصغير بين المارّين من المحيين لليلة استشهاد الامام الحسين(ع)، وعن ذلك يقول الطفل حسين فايق «سنبقى ساهرين طوال الليل مثل عيال الامام الحسين (ع)، ثم نتوجه إلى ساحة واقعة الطف للمشاركة في التشابيه الحسينيّة التي تُقدّم صباح العاشر من محرم الحرام».
 
أول الحسرات
يمر احد المواكب من امام منزل الطفل احمد يوسف ذي التسعة اعوام، ليشد انتباهه بشكل كامل، ويفقد السيطرة على مشاعره وافعاله، انها المرة الاولى التي يرى فيها هذا المشهد حيا امامه ويستوعبه بنضوجه المبكر، وتلتصق راحة كفه بالاخرى، ويريد المشاركة، وكل امنياته أن يكون مع هذه الموجة التي تزحف نحو اللامعروف، فهو لا يعرف الى اين يتوجهون، او اين مسيرهم ولماذا، الا انه ما ان رأى راياتهم وقد خط عليها اسم الامام الحسين (ع)، الا وقد علم الى اين السبيل، «يا حبيبي يا حسين» نطقتها شفتا احمد بلا تردد، واراد قلبه المسير قبل اقدامه، والتحقت روحه بهذا العزاء المتحرك، والتصقت قبضته بالاعمدة التي ربطت عليها الرايات، لم يفهم احمد كل العبارات، فتلك التي تقول «هيهات منا الذلة» واخرى تقول «يا لثارات الحسين»، اراد المعرفة ليتحرك، لا يهم فقلبه يريد الامتزاج مع هذه الصيحات، واجب كان يناديه من بين تلك الصفوف، إن اقبل معنا لنعزي سيد الشهداء ونندبه، ونعيد احياء اطفاله وعياله بصيحاتنا واناشيدنا وحزننا كاطفال، ولأننا المستقبل، كان لابد من أن نصبو نحو بوابة الاصلاح كما كان سيدنا وقدوتنا الحسين (عليه السلام) وان نجدد العهود كل عام في حبه ومسيرته
 الخالدة.