مواكب المعزين تُحيي ليلة العاشر من محرم

ريبورتاج 2021/08/18
...

 احمد الفرطوسي
إحياء الشعائر الدينيّة في شهر محرم الحرام بات من الممارسات التي يحرص على اقامتها المؤمنون في كل مكان، وفي محافظة المثنى فإن فعاليات الاحياء لا تختلف كثيراً عن مثيلاتها في المدن الأخرى، فالكلمة الحسينيّة وصلت إلى كل مكان، وتعبيراً عن عمق الحزن بذكرى عاشوراء ومن اجل اظهاره مجسماً في عيون المتلقين فإن مدينة السماوة ومدن المحافظة الأخرى تتشح بالسواد الذي يعمق الحالة الوجودية المتصلة بهذه الشعيرة، اتشاح يرفع من اللون الأسود كرمز للحزن إلى راية للنصر، نصر المقتول على القاتل والدم على السيف والحق على الباطل، فالحسين (ع) عبر ثورته اعطى دلالة أخرى للسواد والاتشاح به.
ومن اهم ما يميز تلك الايام الحسينية وابرز طقوسها هو احياء ليلة العاشر من محرم (ليلة الحجة) وطبخ القيمة والتطبير والخروج بدستات منظمة وهتافات حسينية، بالإضافة الى مواكب اللطم والزنجيل وقراءة المقتل.
 
طقوس السبعينيات
 يحدثنا التدريسي عقيل عبدالحسين عن ما يحتفظ به من عادات تلك الايام في قضاء الخضر 30 كم جنوب محافظة المثنى «كنا صغارا، نتوسل  بالكبار من أهالينا أو معارفنا للتوسط عند المرحوم الحاج خضير آل حمود من أجل أن نحظى بزنجيل من الوزن الخفيف يضمن لنا المشاركة في موكب الزنجيل آنذاك، اذ ان الزناجيل الثقيلة كانت محجوزة لكبار (اللطامة) أمثال المرحوم نعيم آل عويز، وشيخ زغير، وحسن آل خشوش وغيرهم.
واضاف «عصر كل يوم من أيام عشرة محرم، يتجمع المشاركون في موكب الزنجيل في صحن الامام الخضر عليه السلام، وما أن تكتمل حشود المعزين، وتوزع الردات، «يلف» الموكب بكذا لفه حول الضريح، ثم ينطلق من الباب المجاور لـ گهوة المرحوم گهو، متخذاً من الدرابين مسلكاً له»، اذ يأخذ الموكب مساره باتجاه بيت الحاج مطرود، ثم يأخذ مساره خلال «العجد» المار من أمام بيت المرحوم عبد الزهرة الخنتكاري، وبيت المرحوم شريف آل عباس حتى دكان المرحوم خضوري ثم ينعطف يساراً باتجاه بيت آل جوير، ثم بيت المرحوم الشيخ محسن الى أن يصل الى تقاطع السوگ القريب من بيتنا وبعدها يتجه صوب «الربضة» حيث يلف داخلها كذا «لفة» ثم يعود بالمسار نفسه ولكن هذه المرة من خلال (السوگ) الى أن يصل الى مقام الامام الخضر عليه السلام حيث نهاية العزاء وتكون هذه هي خريطة سير موكب الزنجيل آنذاك، اما مواكب (اللطم) فكان للقضاء آنذاك موكبان فقط، هما (موكب عزاء الغربي، وموكب عزاء الشرقي) وفي كل ليلة من الليالي العشرة، ينطلق موكب الغربي أولاً، اذ التجمع يكون في بيت المرحوم الحاج «مجيبل» على شكل (دستات) وكل دسته يتوسطها حامل «اللوكس» لينير لها الطريق، اذ يكون مسار العزاء
 كالتالي: بعد أن يتحرك من بيت الحاج مجيبل، يتخذ مساره من أمام بيت المرحوم حسن آل حكم، ثم آل ضيدان، مروراً من امام محل عبد والي ويوسف النداف ثم يصل السوق الحالي الممتد من جامع سيد هادي الى بداية الجسر، ويتجه صوب تجمعه النهائي في الساحة الواقعة الان ما بين مطعم حسين والمحال المقابلة، اذ عندها يرتقي المنبر الرادود المرحوم جبار آل ساچت، وما أن ينتهي موكب عزاء الغربي، حتى ينطلق موكب عزاء الشرقي  من بيت المرحوم الحاج جاسم آل علو، وبعدها انتقل التجمع الى بيت المرحوم مسلم آل مطلگ، متخذاً مسار موكب الزنجيل نفسه من «الربضة باتجاه السوق» الا أن التجمع النهائي يكون بالقرب من «گهوة المرحوم حسين آل شيخ علي القريبة من القيصرية».
ليلة «الطبگ» او «الحجة»
اما عن ليلة العاشر من محرم، فيحدثنا رحمن علو «تزدحم شوارع وأزقة القضاء بالمعزين، اذ تتوافد عشائر القضاء للمدينة، ويتخذون من الحسينية مكاناً لهم للتجمع والمبيت، ولاننا كنا صغارا وقتها فقد كانت لنا طقوس خاصة، اذ نشكل مجاميع صغيرة تتفق بينها على قضاء (الحجة) في بيت احدنا، ونجهز لذلك وفي غفلة من أهلنا «الجگاير» ظناً منا بانها تعيننا على
 السهر!».
واضاف علو «في فجر العاشر من محرم وفي بيت المرحوم سيد هاشم آل سيد محسن ينشغل المرحوم  الحاج فجر بضرب هذا وتشجيع ذاك إيذاناً بـ (التطبير) ليبدأ بعدها موكب «الشخصين او التطبير» حيث ينتهي في حمام المرحوم الحاج عباس الحممچي، حيث يغتسل ويستحم «المطبرون» وختام تلك المراسيم يكون من خلال عملية (التشابيه) اذ ينطلق «جيش الكفار» من بيت مسلم آل مطلگ باتجاه «الروف» وصولاً الى مكان التمثيل ما بين (علوة المرحوم حميد المختار الى القيصرية ومقهى المرحوم ابو عصام)، أما «جيش» أنصار (الحسين عليه السلام) فينطلق من بيت المرحوم «سيد ادريس الياسري» باتجاه المكان نفسه في صبيحة يوم العاشر، الكل يمشون «حفاة» وعند الظهر يوزع طعام الغداء في بيت المرحوم الحاج داخل آل باقر وفي الصوب الصغير يكون الغداء في بيت الحاج داخل آل عودة، وفي عصر اليوم نفسه، يفتح المرحوم سيد كاظم الخباز وأخوه المرحوم سيد رحيم الخباز أفرانهم اذ، يوزع الخبز الحار مجاناً
 وثَواباً».