نهضة علي
مع بدء الأيام العشرة الاولى من شهر محرم وحتى إقامة مراسيم الزيارة الأربعينية، يعاود الناس سنويا الحزن وإقامة المجالس الحسينية والتي تتضمن المحاضرات الدينية عن واقعة الطف، وعرض سير آل البيت واولاد وأصحاب الحسين (سلام الله عليهم أجمعين)، فلكل منهم قصة وموقف يحمل معاني الإيثار والشجاعة والسمو ورفض الظلم والاستبداد والطغيان، لتكون بمثابة مدارس تعليمية وتوجيهية تضيف الرفعة للمجتمع وأفراده بما تحمله من طروحات ومعانٍ تثقيفية للحاضرين.
اهتمام
السيد هاشم قنبر، مسؤول الاعلام والعلاقات في مديرية الوقف الشيعي بكركوك، اكد لـ {الصباح}: انهم، ومنذ ظهور جائحة كورونا، اكدوا اهمية الالتزام بالإرشادات الوقائية الصحية والتباعد الاجتماعي، واقامة المجالس في القاعات الواسعة والاهتمام بالتعفير والتعقيم، وتبدأ إقامتها منذ الاول من محرم وتستمر حتى نهاية الشهر، وتتضمن فقرات عدة تعبيرا عن الحزن بمصاب أبي الاحرار وسيد الشهداء وآل بيته واصحابه الاطهار، واستذكارا لسيرهم العظيمة وقصص التضحية، وفي كل مجلس يحضر المئات من فئات عمرية مختلفة حضورا طوعيا وليس إجباريا، مقبلين بقلوبهم وعقولهم.
مجالس توجيه وإصلاح
مدير الوقف الشيعي في كركوك، محمد عبد الخالق كاظم، اكد {ان ثورة الامام الحسين (سلام الله عليه) إصلاحية تنهى عن المنكر وتأمر بالمعروف، وحركته اصلاحية للمجتمع هدفها البناء والاصلاح والابتعاد عن المنكر، وان إقامة المجالس الحسينية التي تضم المحاضرات تعد اقتداءً بالحسين سواء في الجانب الاجتماعي او السياسي او الاقتصادي، وان تكرارها عبر العصور والازمنة تكرار اصلاحي وتحمل معاني اصلاح الناس، واصلاح المجتمع واصلاح القائمين على الامر، ويتم في مجالس الوعظ والارشاد الحسيني استعراض وشرح السور والآيات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة، ناهيك عن اقوال الائمة الاطهار، وترد في بعض المحاضرات الدينية او المجالس الحسينية إن صح التعبير نصوص ادبية وشعرية حزينة تخص حادثة كربلاء، وقصة الطف واستشهاد الامام الحسين، وربطه بالواقع الديني والحياتي، وان علماء الدين اجمعوا في هذا الاتجاه بأن تكون محاضراتهم غنية بالثقافات المتنوعة على الصعيدين الديني والدنيوي، وهذا ليس ببعيد عن الفلسفة الحسينية الخالدة، فأساس تشكيل تلك الثورة هو الدفاع عن حقوق الناس في الدنيا والآخرة، وان استذكار سيرة الحسين، وحركته الاصلاحية في كل الجوانب الحياتية، يعد مدرسة متكاملة تقوّم المجتمع وتطوره، وفق المفاهيم الدينية الصحيحة، وأحكام الشرع لإيجاد وعي متكامل وبناء شخصية بناءة للأفراد لكل من يطلب التعلم في هذا المجال من اولياء الامور في الدولة او المجتمع}.
تثقيف وتهذيب
وأضاف: انها اصبحت ضرورة ملحة لتهذيب الذات وتطهير النفس، وهي أشبه ما تكون بالمدارس والمؤسسات التربوية في وقتنا الحاضر، بل نراها اصلب عودا لأنها تنمي القواعد والعقائد الاجتماعية والدينية والوطنية، وتزيد من قابلية الاشخاص على مواجهة المحن والصعاب بروح ثابتة ومستقرة اساسها الايمان بالله والتسليم بقضائه، وهناك مجالس نسائية واخرى رجالية، فمجالس العزاء النسائية تتركز محاضراتها على ما مطلوب من النساء وما عليهن من واجب تجاه الاسرة والمجتمع، وتفسير آيات قرآنية، وكذلك للرجال ايضا تركز على امور اصلاحية وايجابية للمجتمع، ونحاول حل المشكلات إن وجدت بالتحدث عن الايجابيات وتحقيقها والسلبيات الموجودة وكيفية التخلص منها ومعالجتها بالرجوع الى الآيات القرآنية والمفاهيم التي تحملها ونطبقها، فضلا عن الامور العقائدية، وتصحيح الاعتقادات السلبية وغير المرغوبة، فضلا عن الأحكام الشرعية، ونخلص بالقول ان هدف المحاضرات وما يطرح فيها هو هدف اصلاحي من اجل بناء الفكر الانساني ورقي المجتمع وتقويمه، وطرح كل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وايجاد الحلول لها والتحرك بالاتجاه الصحيح بتوجيه الناس واصلاحهم أخلاقيا، ونهيهم عن الفساد بأنواعه والجرائم وكل ما يخرب الترابط والالفة والبناء.
مؤكدا على: ان مجالس العزاء اصبحت مدارس للتوجيه والتوعية اقتداءً بالسيرة الحسينية، وان هناك تأثيرا واضحا تتم مقارنته ما بين المناطق التي تقام فيها والاخرى التي لا تقام فيها مجالس، فضلا عن تعلم حب الوطن والتضحية في سبيله والوقوف أمام من يسيء لبلادنا.