الشباب وسيلة الشعوب لمواجهة الأزمات

ريبورتاج 2021/09/05
...

   فجر محمد
غالباً ما تعول المجتمعات على شريحة الشباب، وتنتظر منها أن تكون محركاً اساسياً لعمليات التغيير الايجابية، وبعد الازمات التي عصفت بدول العالم اجمع، بدءا بجائحة كورونا ووصولا الى مشكلات البيئة وتلوثها وغيرها من الامور المهمة اصبح من الضروري أن يأخذ الشاب دوره الحقيقي في عملية التغيير.
في فترة الحجر الوقائي التي فرضت في اغلب دول العالم لمواجهة جائحة كورونا، لم يكن من السهل التواصل مع الآخرين، ولكن الناشطة المدنية ضي مضر وبرفقة زملائها اخذت على عاتقها مساعدة الاسر التي تضررت من الجائحة، فضلا عن اسناد المعتصمين في ساحة التحرير بذلك الوقت، وتقول ضي: {ان الجائحة فرضت على الجميع ظروفاً قاسية، ولكن كان هناك شباب اختاروا أن يكونوا قوة مؤثرة في مجتمعاتهم ولم يأبهوا بمخاطرها، وخاضوا تجارب متعددة في مساعدة المحتاجين والتكفل بهم اجتماعيا}.
 
الخطوط الأمامية
في ذكرى الاحتفاء باسبوع الشباب العالمي الذي خصص من قبل الامم المتحدة واعتبر بمثابة مناسبة مهمة لابد من الالتفات اليها والاهتمام بها كل عام، بين الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش ان الشباب يقفون في الخطوط الامامية للنضال، مشيرا الى ان جائحة (كوفيد - 19) سلطت الضوء على الحاجة الماسة إلى تحقيق ما يسعى إليه الشباب من تغيير مفضٍ إلى التحول، ويجب أن يكون الشباب شركاء كاملين في هذه الجهود.
 
اولويات
في منتدى الشباب التابع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لعام 2021 تم التركيز على دورهم الفاعل في التخفيف من حدة التأثيرات التي تسببت بها الجائحة خصوصا على صحة وبيئة الانسان، كما سلط الضوء على الابتكارات الشبابية المنصبة على تحويل النظم الغذائية الى خادمة للبيئة، وتثقيف المجتمع باتجاهها مع كيفية الحفاظ على البيئة، وعلى الرغم من أن الوباء اثر في شرائح المجتمع المختلفة لكن الشباب اسهموا بشكل كبير باسناد ودعم مختلف الفئات المتضررة، كما اكد المنتدى ضرورة تنمية المهارات الشبابية لمواجهة الجائحة.
 
التكنولوجيا
على الرغم من أن الاجهزة الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي قدمت خدمة كبيرة لمستخدميها ابان جائحة كورونا، الا ان الباحثة والاكاديمية في الجامعة المستنصرية الدكتورة سهاد القيسي ترى بأنها سيطرت على عقول الشباب بشكل كبير، وابدلت التواصل الاجتماعي والمباشر بالالكتروني، ما اثر في العلاقات الاجتماعية بشكل واضح، لذلك فهي تحث  على الموازنة بين الاتصال الاجتماعي ونظيره الالكتروني، مع ضرورة أن يتسلح جميع الشباب بالثقافة والوعي الصحي للتخلص من الوباء الذي ما زال يشغل بال الناس ويسيطر على تفكيرهم.
 
منصات التواصل الاجتماعي
لا يمكن انكار الدور الكبير والفعال الذي قامت به منصات التواصل الاجتماعي في فترة الحظر الوقائي، اذ جمعت الفئات والشرائح المختلفة من المجتمع، وعلى وجه الخصوص الشباب الذين انطلقوا في حملات واسعة للتوعية بمخاطر المرض وكيفية الوقاية منه، الناشطة في القضايا الانسانية صبا عودة نعمة جعلت من منصتها اداة توعوية وهي تقول: {انا افهم ان التوعية هي تسليط الضوء على القضايا المجهولة، وايضاحها بشكل صحيح للناس، وبحكم تواصلي مع الشباب والمثقفين وضعت منصتي الالكترونية رهنا لقضايا التوعية بمرض كوفيد -ـ 19}.
ومن وجهة نظرها فان هذا الوباء المستجد كان ساحة للصراع واختلاف الآراء وفي احيان كثيرة كان البسطاء والمحتاجون هم الضحايا لهذا التضليل.
 
رسائل صحية
في فترة الحجر الصحي شكلت فرق شبابية كانت مهمتها التواصل مع الاسر المتعففة والمحتاجين، ومن هؤلاء الشباب الناشطة في المجال الانساني نور الامين التي تصف تجربة التواصل مع الاخرين في فترة الجائحة بالملهمة والصعبة في الوقت ذاته، فقد كان عليها وزملائها أن يكونوا حذرين وملتزمين باجراءات الوقاية الصحية، بدءا بالتباعد الاجتماعي ووصولا الى التقيد بمستلزمات الوقاية، ومنها التعقيم المستمر وارتداء القفازات الواقية، وايصال تلك الرسائل الصحية والتوعوية الى الناس البسطاء والمتعففين.
 
مبادرات إنسانية
فقدت الكثير من الاسر مصدر دخلها ورزقها الوحيد اثناء الحظر الوقائي، اذ خسر عدد لا يستهان به وظائفهم واعمالهم الحرة، ما اثر سلبا عليهم لذلك ظهرت الكثير من المبادرات الانسانية ومنها توزيع السلات الغذائية، ولقد اشتركت الناشطة ضي مضر في هذه التجربة برفقة زملائها، و تقول: {لم يكن من الممكن أن نقف مكتوفي الايدي ونحن نرى الكثير من الاسر تعاني من وضع انساني خطير، لذلك قمنا بتوزيع سلات غذائية عليهم، فضلا عن جمع التبرعات لهم في محاولة لمساندتهم كي يتجاوزوا الوضع القاهر الذي تسببت به الجائحة}.
 
انتعاش وتعافٍ
حثت منظمة الامم المتحدة الشباب على الاضطلاع بدور اكبر في الاستجابة للجائحة ومساندة المتضررين منها، فضلا عن الاهتمام ببناء قدراتهم ومساعدتهم في اتخاذ قراراتهم الخاصة والمرتبطة بالصحة والتوعية وكذلك التثقيف بالقضايا المرتبطة بالجائحة بشكل كبير، وفي اجتماع منتدى الشباب وجهت المنظمة بضرورة تكاتف الجهود، من اجل محاربة المعلومات المضللة التي انتشرت على شبكات الانترنت.
 
حملات توعية
لم تكن البلاد بمنأى عن التضليل وتزييف الحقائق الخاصة بالوباء واللقاحات التي ظهرت بعد ذلك، وبهذا الشأن تقول الناشطة نور الامين: {ان الجولات المستمرة في العديد من القرى والارياف والمناطق النائية، كشفت الكثير من الحقائق امامنا وفرضت علينا دورا اكبر الا وهو القيام بحملات توعية لهؤلاء الناس}.
مشيرة الى انها وزملاؤها تطوعوا من اجل افهام هؤلاء الناس بخطورة المرض واهمية اللقاح، وتشجيعهم من خلال ابراز البطاقات التلقيحية وطمأنتهم كي يحذوا حذوها ومن معها ويتوجهوا لاخذ اللقاحات.
وتشاطرها الرأي زميلتها ضي مضر التي جعلت هي الاخرى من صفحتها الخاصة على الفيسبوك منصة توعوية وتثقيفية، اذ كانت تنشر وباستمرار كل ما يتعلق بالوقاية من المرض والالتزام بالاجراءات الصحية، فضلا عن توجهها لاخذ اللقاح منذ الايام الاولى لوصوله الى البلاد.
 
ابتكارات مفيدة
عرضت منظمة الامم المتحدة العديد من التجارب الناجحة التي قام بها الشباب في بلدان العالم المختلفة، اذ وصفتهم بالمبدعين لانهم ابتكروا اساليب اجتماعية وذات تأثير كبير في مجتمعاتهم، فمنذ تفشي الوباء ولغاية الان ما زالت الفرق الشبابية تتطوع لمساعدة المرضى والمتضررين، وبحسب تقرير الامم المتحدة فقد ظهرت مبادرات انسانية مهمة ومنها توصيل الاحتياجات للمرضى وكبار السن، فضلا عن القيام بالتسوق لاجلهم وجلب كل ما يحتاجونه في فترة الحظر الوقائي الذي فرضته اغلب دول العالم لمواجهة الجائحة.
 
توظيف الشباب
لم تغفل منظمة الامم المتحدة عن ابراز المشكلات التي عانى ولا يزال يعاني منها الشباب في ظل جائحة كوفيد -ـ 19، فبحسب الاحصائيات والارقام التي نشرتها منظمة العمل الدولية انه في الربع الأول من عام 2020 فقد ما يزيد عن 5 %  من ساعات العمل العالمية (مقارنة بالربع الأول من عام 2019) وهو ما يعادل 155 مليون وظيفة بدوام كامل، مع ضرورة استحداث 600 مليون فرصة عمل في السنوات الخمس عشرة المقبلة لتلبية احتياجات توظيف الشباب، وبحسب التقرير فان نسبة البطالة بدأت تزداد بشكل غير مسبوق، اذ تظهر الاحصائيات ان النسبة بلغت بين الشابات 30 % والشباب 13 %، ما يستدعي دق ناقوس الخطر لان البطالة غالبا ما تكون سببا رئيسا للكثير من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، كما ان جائحة كورونا فرضت تحديات كبيرة على البلدان وشبابها لذلك من الضروري أن توضع سلسلة من الاجراءات والاساليب لمساعدة الشباب من خلال تدريبهم وزجهم بسوق العمل.