معنيون: تقنية الاعلان الضوئي لا يمكن لها أن تلغي دور الخطاط

ريبورتاج 2021/09/07
...

 احمد الفرطوسي
تنوع الخط العربي في أشكاله، ما منحه جمالية ميزته عن خطوط الأمم الأخرى، وقد وضعت له القوانين والأسس الموضوعية والعلمية، لذلك سرعان ما انتشر وتطور ليدخل  في المعمار والخزف، اذ كان للقرآن الكريم دور أساسي في تطور الكتابة العربية، وقد ظهر الكثير من أنواع الخط وبدأ يتطور عبر مدرستين هما الكوفية والحجازية، وأخذ أهمية متزايدة وصلت إلى درجة الرقي، اذ اخترعت له الطرق والأساليب الابتكارية التي أضافت جمالية جديدة، وفي الآونة الأخيرة شاع بين الخطاطين استخدام التقنيات الطباعية الجاهزة بدلا عن الخط اليدوي والسؤال الذي يطرح عبر هذا الاستطلاع، هو هل  تأثر الخط العربي سلبا أو ايجابا بالتقنية الحديثة أو لا؟.
يقول الخطاط طه الخفاجي لـ «الصباح»: «الخط العربي فن من الفنون التشكيلية، يمتلك الجمالية الفنية لما له من تأريخ أصيل وموروث كبير على مر الزمان، لأنه يحافظ على سلامة اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم، ومن انواعه: الكوفي والثلث والرقعة والنسخ والتعليق والديواني، ويرجع الفضل الكبير في  المحافظة على الخط من الزوال إلى الخطاطين القدماء والمعاصرين، وبفضل التقنية الحديثة التي تتمثل بالحاسوب فقد أصبح مخزوناً في هذه الأجهزة للمحافظة عليه وعلى أصوله التي هي مأخوذة أصلا من الخطاطين المتميزين، فالتغطية الحديثة إضافة إلى محافظتها على بقاء هذه الخطوط فانها ساعدت على السرعة في الإعلان وكذلك جمالية هذا الإعلان»، واستدرك الخفاجي «يبقى الخط اليدوي هو الأصل في الخط العربي، لان الفنان تظهر من خلال إبداعاته وابتكاراته وتشكيل الحروف بأشكالها المختلفة والتنويع في الخطوط لوحة فنية جميلة، فلا يمكن أن تقتصر على التقنية الحديثة في الإعلان، لأن الجمالية تظهر من خلال الخط اليدوي، أما تأثير التقنية الحديثة في الحرفيين من الخطاطين، فمن الناحية التجارية لها تأثير كبير،  فقد أصبح الإعلان الضوئي هو المستحوذ على المعلنين، ما يؤثر سلباً في أصحاب مكاتب الخط اليدوي، إضافة إلى مظلومية الخطاطين أصلا لأنهم فئة مهمشة في المجتمع وتفتقر إلى الرعاية وهم ثروة ثمينة في المجتمع لا يمكن تعويضها أبدا، ومنهم فنانون قضوا حياتهم بخدمة هذا الفن الأصيل.
(الكلك)
اما الخطاط والتشكيلي والي بجاي الخزاعي فقال «تبقى الروح التي تحمل يد الخطاط لا تضاهيها التكنولوجيا فالكمبيوتر لا يحمل ما يحمله الخطاط، فهو يبقى يحمل كلمات مرسومة، لا يستطيع أن يسطرها إلا من كان له شأن بها، فهناك برنامج يدعى (الكلك) يحمل خطوطا جميلة وحركات لو اتخذت من قبل خطاط متقن للخط لخرجت كلمات ذات جمالية في الخط، وعكس ذلك لو كان الذي يعمل بها لا يعرف الروحية الجمالية للخط من مد وتطير وحركات، فبالطبع ستخرج لوحة غير منتظمة، ولا ننسى بأن للكمبيوتر فضلا في عالم الخط  فهو يحفظ الأشياء وتستطيع من خلاله أن تضيف الألوان والزخارف الموجودة إضافة لسرعة إنجاز العمل».
 
التقنية الحديثة
مبينا «للخطاط لمساته وروحه التي تنعكس على أعماله فلا يمكن للكمبيوتر أن يكون بديلا عن الخطاط، بالإضافة الى أن الكمبيوتر ينتج الحروف النمطية»، منوها بأن «الكومبيوتر يساعد الخطاط على سرعة الإنجاز والإبداع  بغية تيسير استخدامه في الصحف والمجلات والكتب والإعلان الضوئي، بشرط أن يكون من يعمل في هذا المجال هو خطاط أصلا فتكون التقنية الحديثة عاملا مساعدا له».
 
أصالة
وأضاف «ان التقنيات الحديثة أخذت كثيراً من مهنة الخطاطين، وجعلت أناساً ليس لهم أدنى علاقة بالخط لا من قريب ولا بعيد يدخلون هذا المجال، وهذا له آثار سلبية في فن الخط العربي، اذ نلاحظ انحسار محال الخط في المدينة والاعتماد على التقنية الحديثة في جميع المجالات وغياب المعارض
الفنية».
بينما يرى الخطاط مخلص السماوي «أن كل دول العالم المتحضرة اعتمدت في بناء مجتمعاتها عبر التأريخ على الفن والأدب والثقافة وفي جميع نواحي الحياة المختلفة، وطالما نحن بصدد فن الخط العربي فلا بد أن نتطرق وبإيجاز الى أصالة هذا الفن الجميل».
ونوه بأن «التقنية الحديثة هي خلاصة جهود المبدعين عبر التاريخ، ولكن التطور السريع في هذه التقنية جعل الكثير من الحرف تتراجع والبعض منها تلاشى واندثر، لأنها دخلت في كل مجالات الحياة، والسبب يعود الى السرعة العالية في تنفيذ ومعالجة الأخطاء وكذلك التغيير السريع في اختيار أنماط من الخطوط المتنوعة، ما جعل التعامل والإقبال عليها من مختلف شرائح المجتمع، بحيث أصبح الجانب المهني من الخط العربي لا يشكل نسبة تذكر، أما عن الإعلان  الضوئي  فقد أصبح هو المتصدر في كتابة عناوين المكاتب والمحال التجارية وغيرها، وأصبحت فرشة الخطاط شيئا من الماضي، حتى أن الكثير من الخطاطين اتجهوا الى مزاولة أعمال
بديلة».