* مصطلح الهويات الفرعية يطلق على الهويات المجتمعية غير المعتمَدة رسمياً كهوية عامة للدولة، والتعاطي معها من أهم العوامل التي أدّت إلى نزاعات وكوارث عبر تاريخ الدولة الحديثة. وتكاد لا تخلو دولة من صراع هوياتي، وعلى أساس من نتائج الصراع يتم اعتبار هذه الهوية أو تلك هوية عامة أم فرعية في الدولة.
* التاريخ صراع هويات، فالهوية هي (النحن) الرمزية المكثفة لأمّة الهوية سواء كانت أمّة قومية أم دينية أم إثنية، وتمكينها هو تمكين لروح الأمّة وتعابيرها المحققة لذاتها ورمزياتها ومصالحها، لذا فصراعات الهويات من أشد أنواع الصراع ضراوة، وبالذات الهويتان القومية والدينية.
* صراع الهويات صراع خليط من الأيديولوجيات والرمزيات والمصالح والنرجسيات والأوهام (نرجسيات التفوق وأوهام التّميز)، فهو صراع (أنوات) أمم للتمكن من مقاليد التاريخ. واشتداد أو ضعف أوار صراع الهويات يتصل بقضية إدارة التنوع الهوياتي (المجتمعي) داخل بنية الدولة وطبيعة معاييرها بالتأسيس وإدارة الحكم.
·لكل دولة هوية، وغالباً ما يتم اعتمادها بالغَلبة، وغلبة هوية على أخريات مصدر صراع الهويات داخل الدولة. والدولة الناجحة التي يسودها الوئام الهوياتي المجتمعي هي الدولة القادرة على صنع الهوية المشتركة (الوطنية) المعبّرة عن جميع مجتمعيات الدولة دونما انحياز لهوية على حساب أخرى. وقد أثبت تاريخ الدولة الحديثة أن الهوية المشتركة لن تُصنع إلاّ على وفق أسس الدولة الوطنية كون معاييرها عامة وحيادية وصادقة على الجميع. والسبب الأساس أنَّ التنوع الهوياتي لا تخلو منه دولة فيصبح من المتعذر الاستقرار والوحدة لأي دولة إذا ما تم اعتماد هوية بعينها واعتبارها عامة (حاكمة) دون باقي الهويات، فذلك سيخلق تحسساً وصراعاً هوياتياً بين هويات مجتمع الدولة الواحد وطنياً.
* مجتمع الدولة واحد على المستوى الوطني السيادي ومتعدد على المستوى المجتمعي الإنساني الهوياتي، فعدد دول العالم لا يتجاوز المئتين بينما تعيش داخل أسوارها السيادية آلاف الهويات القومية والدينية والطائفية والإثنية،.. فالتنوع المجتمعي الهوياتي حقيقة قائمة داخل كل مجتمع وطني سيادي. ولوحدة وتكامل وسلام المجتمع الوطني السيادي (الدولة) كان لابد من خلق (النحن) المشتركة التي تصدق وتمثل جميع مجتمعات/هويات الدولة، والنحن المشتركة هنا هي الهوية المشتركة التي تخلقها المواطنة المحايدة والمشاركة المتساوية والفرص المتكافئة والمصالح المتبادلة الضامنة للعدالة،.. فوفق هذه المقومات والمعايير وبسيرورة الدولة التفاعلية الدائمة يُخلق شيئاً فشيئاً المشترك بين هويات/مجتمعيات الدولة، والمشترك هنا هو (النحن) الوطنية الممثلة لروح وفاعلية جميع الهويات المجتمعية المكونة للمجتمع الوطني السيادي.
* الهوية العامة للدولة هي نتاج (النحن) الوطنية القائمة على المشترك الوطني (مواطنة، مشاركة، قوانين، مصالح)، استناداً إلى مفهوم دولة (الأمّة) الوطنية المعبرة عن جميع مجتمعات ومكوّنات الدولة دونما انحياز أو تبني لأي هوية مجتمعية فرعية. فالدولة القادرة على صنع أمّة الدولة هي الدولة القادرة على صنع للهوية الوطنية، والدولة المنقسمة الصراعية هي التي تتصدرها وتحكمها هوية واحدة بمعزل عن باقي الهويات فتكون دولة استئثار وقمع، أو الدولة التي تعتبر الدولة تكدس هويات عليها تقاسم السلطة والثروة والهوية بزيجة نشزة كما في نموذج دولة المكوّنات العرقطائفية، فتصنع دولة اللا هوية بسبب انشطار الدولة وأمّتها على
نفسها.