سُميت باسم قائدة كرديَّة جريئة ونادرة في التاريخ قلعة خانزاد.. الحصن الذي ما زال شامخاً

ريبورتاج 2022/01/03
...

 خالد ابراهيم 
 
واحدةٌ من المعالم التاريخية العريقة في مدينة اربيل قلعة خانزاد، الى جانب الكثير من المعالم التاريخية الاخرى التي تشتهر بها المدينة، وتكتسب هذه القلعة ارثا تاريخيا ثقافيا كبيرا، لما تحمله من عبق للتاريخ، وما توالت عليه من السنوات وهي ما زالت شاخصة حتى يومنا هذا.
قلعة خانزاد والتي تُعد حصناً او مركز حكم، اي كتحصينات عسكرية، فكما تعلمون أن القلاع هي عبارة عن منازل ومحاطة بسياج وتكون كبيرة وتضم أسواقاً وجوامع، اما الحصن فهو يكون على شكل بناء واحد وفيه استحكامات دفاعية، والاستحكامات الموجودة في قلعة خانزاد على شكل جدار فيه فتحات وتكون ضيقة من الداخل مفتوحة من الخارج لرمي السهام، اضافة الى احتوائها على أربعة أبراج تحيط بها. 
التقينا العالم الآثاري خليل البرزنجي وقد حدثنا قائلاً: تُعد القلعة كتلة بنائية واحدة وهي حصن، وتقع في قرية بانمان، وسميت خانزاد نسبة الى الاميرة خانزاد، وهي زوجة مير سليمان وهو أحد أمراء امارة سوران والتي تمتد عبر مئات السنين، امارة سوران هي إحدى الامارات التي كانت منطوية تحت حكم الدولة العثمانية، والحديث طويل حول امارة سوران ولكن في فترة من فترات هذه الامارة حكم فيها الامير مير سلميان، وكان حاكماً عادلاً حراً ولم يكن ينطوي تحت الحكم العثماني، اذ كان له حكم خاص مستقل به، وبعد وفاته تولت الحكم من بعده زوجته خانزاد، حيث كانت مواليدها 1555 وتوفيت في 1615، وقامت ببناء هذه القلعة في هذه الفترة، حيث كانوا يعيشون في هذه المنطقة، وبعد وفاة زوجها مير سليمان انتقلت الى منطقة تدعى بمنطقة كلة سور، وهي تقع في منطقة حرير، وتتميز بالعدل في الحكم وترتدي ملابس الرجال، وتقوم بشؤون الرعية، فعُرف بأنها تساند الضعفاء وتحل مشكلات الرعية، فحصلت على شهرة، فكونها امرأة تقوم بأعمال الرجال، اي الحاكم العادل فكانت لها اهمية بالغة.
 
نزاعات
ويضيف البرزنجي "بعد وفاتها دفنت في حرير وضريحها موجود الى الآن، اذ يقع الى يومنا هذا في منطقة حرير، وبقيت هناك آنذاك خوفاً من الهجمات من امارة ارذلان وامارة بابان، وكانت هناك انذاك نزاعات ما بين الامارات، وقد ابتعدت الى قمة الجبال وبقايا قلعة كلة سور بقاياها فوق قمة الجبل الى الان، وبالنسبة لقلعة خانزاد هو بناء يقع فوق تلة وموقعها في المنطقة، التي تفصل ما بين مصيف صلاح الدين وقرية خانزاد او قرية بانمان والتي تعد مجاورة للقلعة.
 
البعد التاريخي
مما لاشك فيه أن لهذه الاماكن التاريخية بعداً ثقافياً وسياحياً، اذ إنها تعد من المعالم التاريخية المهمة للمدينة، وحول هذا الموضوع استطرق البرزنجي قائلا: هنالك نوعان من الاثار المنقولة وغير المنقولة، بالنسبة للآثار المنقولة كالجراب والتماثيل و..الخ من القطع التاريخية، اما الآثار غير المنقولة هي الأضرحة والابنية مثل منارة جولي وقلعة اربيل وقلعة او حصن خانزاد، فهذه تعد من الاثار غير المنقولة وتبقى في المكان نفسه، الذي بني عليه في وقته ولا تتغير، فالذي يقوم بزيارة هذه الاماكن يستذكر كيف كان يعيش الناس آنذاك، وهي مهمة حتى بالنسبة للمختصين بالدراسة والبحث، فهي لا تقتصر فقط على السياح فلها بعد سياحي وثقافي مهم، ولقلعة بانمان او خانزاد موقع سياحي مهم وتحيط بها الأشجار والمساحات الخضراء في اغلب مواسم السنة، وبالاخص في فترة الربيع، فالناس يقومون بزيارات للتمتع بالاماكن والمناظر، وفي الوقت نفسه الاستمتاع بهذا المَعلَم الذي يسرد التاريخ، خصوصاً المهتمين بثقافة وحضارة كردستان وامارة سوران.
 
حضارة ميري سوران
وللتعمق في سرد المعلومات التاريخية لهذه القلعة التقينا المتحدث الرسمي باسم الهيئة العامة للسياحة نادر روستي ليحدثنا قائلاً: قلعة خانزاد قلعة تاريخية تقع في مكان سياحي مهم، وتم اجراء الترميمات على القلعة العام 2005، وبرأينا كل الاماكن التاريخية الموجودة هي اماكن مهمة خصوصاً للسياحة، ونحن كهيئة السياحة نولي اهتماماً كبيراً لهذه الاماكن الى جانب تقديم كل التسهيلات، ليتسنى للسياح والزوار زيارة هذه الاماكن التاريخية المهمة، حيث تعد هذه الاماكن هي من ضمن حضارتنا التي نفتخر بها، وخانزاد تعود الى حضارة ميري سوران كما يطلق عليها بللغة الكردية، وكانت خانزاد امراة وقائدة كردية جريئة ونادرة في التاريخ، وهي من القلائل التي ممكن القراءة عنها في التاريخ، والذي لا يكون لها مثيلاً في التاريخ، فمن خلال هذه القلعة نستذكر هذه المراة، وبالتاكيد نستذكر من خلالها هذه الحقبة التاريخية والحضارة المهمة، وهو تعد مكاناً سياحياً مهماً، اذ من خلال الزيارة الميدانية لهذه القلعة ممكن التعرف على اسباب بناء وتشييد هذه القلعة في هذا المكان انذاك.
 
خطط وبرامج
تسعى الهيئة العامة في اقليم كردستان الى وضع الخطط والبرامج التي تهدف الى التعريف بالاماكن الحضارية، وحول هذا الموضوع اردف روستي قائلاً: نحن في الهيئة العامة للسياحة لدينا خطط وبرامج، من خلال الاهتمام بالمعالم التاريخية لجلب السياح، ولكن بسبب الظروف القاسية التي مررنا بها، والظروف التي مرت على كردستان على وجه الخصوص والمنطقة بشكل عام، مثل الحرب على عصابات داعش الارهابية وتاثيرات فيروس كورونا، وبالتاكيد كانت لها تاثيرات في هيئة السياحة لتقديم الخدمات السياحية، بالاخص الاماكن التاريخية، ولكننا دائماً نسعى لبلورة الافكار والخطط والتي تهدف جميعها لتعزيز وتطوير القطاع السياحي، وهناك الكثير من الاماكن السياحية في اقليم كردستان، فهنالك القلاع والكهوف والمنحوتات والتلال، فكما تعلمون ان كردستان تمتلك حضارة قديمة، فعلى سبيل المثال أول الاماكن او الاراضي الزراعية هي موجودة في كردستان، ان لم تكن على مستوى العالم فهي الاولى على مستوى الشرق الاوسط، فكانت هناك اولى المناطق الزراعية والتي يطلق عليها قرية جرمو وهي قريبة على جمجمال، وهنالك اماكن اخرى يعود تاريخها الى قبل ١٠ آلاف سنة، مثل بيستانة سور في السليمانية، وكذلك جمي زاوي وهي قريبة من كهف شاندر، وكهف شاندر معروف تاريخيا.