السعي لاختيار «هورامان» العراق في لائحة التراث العالمي

ريبورتاج 2022/01/19
...

 عذراء جمعة
تعد «هورامان» منطقة جبليَّة تمتد بمحاذاة إقليم كردستان وكرمنشاه في ايران والأجزاء الشمالية الشرقية من السليمانية وبالتحديد منطقة بياره، طويلة خورمال واحمد اوه التي تتميز بطرازها المعماري الفريد، الذي يبنى بشكل عمودي، اذ يكون سطح منزل ما سقف منزل آخر فوقه، إضافة الى أن الصناعات اليدوية والحرف القديمة ما زالت حيَّة وتعد جزءا من نمط حياة سكانها.
 
طبيعتها الجغرافية
تتميز هورامان بتدريج  المنحدرات الحادة، وامتهان سكانها الزراعة في مصاطب حجريَّة، وتربية المواشي والارتحال الموسمي، حيث ينتقلون للعيش في الوديان والمرتفعات على مدار العام، تبعا لتغير الفصول، وتشير المصادر التاريخية الى أن أغلب سكانها يحملون نبرة صوت خاصة، ويشتهرون بالأغاني التي تكون هادئة ممزوجة مع الدبكة الكردية للحفاظ على تراثهم، فهي تعدُّ مكاناً سياحياً لتوفرالمياه العذبة الباردة النقية وجمال طبيعتها، التي ترتفع بمقدار 3700 متر عن مستوى سطح البحر، واعتدال طقسها خلال فصلي الربيع والخريف والشديد البرودة في الشتاء، اذ تغطى بالثلج ما يجعلها مدينة سياحية بامتياز. ويوجد فيها أكثر من 85 ألف شجرة جوز و12 ألف دونم من البساتين المثمرة من المشمش والجوز والخوخ والرمان، وتوجد في الطريق من السليمانيَّة الى هورامان مدن وقرى، ومنها بيارة التي عاش فيها المتصوفة النقشبنديون ولهم فيها تكية، وتنتهي حدود العراق عند هورامان في مدينة طويلة، وهي عبارة عن جبال تتخللها وديان وتهدمت دورها خلال الحرب العراقيَّة الايرانيَّة، جرّاء الصواريخ التي سقطت عليها وأخلي أغلب سكانها، اضافة الى ذلك ووفقا لبيانات رسمية وشبه رسمية فإنها تخلو من حالات العنف والقتل ضد النساء على عكس المناطق الأخرى في الإقليم.
 
مساعٍ رسميَّة
ودعا محافظ السليمانية الدكتور هفال ابو بكر في تصريح لـ(الصباح) الى تضافر وتوحيد الجهود من قبل جميع المؤسسات الثقافية في كلٍّ من السليمانية وحلبجة، كي يتمَّ ضمُّ هورامان كردستان العراق الى لائحة التراث العالمي، مشيرا الى أنها تتسم بتراثها منذ أكثر من الفي عام، وتتميز بتاريخها القديم وثقافتها ولهجتها الهوراميَّة، التي هي جزء من اللهجة الكورانية وهي فرع من اللغة الكردية، مبينا أنها عبارة عن سلسلة جبلية تقع جنوب شرق محافظة السليمانية عند مدينة حلبجة وناحية خورمال، ومتاخمة لحدودنا مع غرب ايران، إذ تبعد 100 كيلو متر عن مركز المدينة.
 
خططٌ مستقبليَّة
ويقول مديرعام دائرة فناني حلبجة محمد فتاح في تصريح لـ(الصباح) «من أجل شمول مدينة هورامان كردستان العراق ضمن لائحة التراث العالمي، نسعى الىن الى انشاء بورد يشمل مجموعة من الأكاديميين والأطباء والفنانين لرسم خطة تعريفية بمدى أهمية المدينة وخصائصها، متأملا أن تشمل هورامان كردستان العراق لما تحمله من ميزات تؤهلها كمدينة للتراث العالمي وتاريخها الطويل وآثارها وطبيعتها الخلابة، متوقعا أن هذا المشروع سيساعد الى ايصال صوتنا الى منظمة» اليونسكو». 
 
مشغولاتٌ يدويَّة
يقول فؤاد محمود صاحب محل لبيع الفولكلور اليدوي في حديثه لـ(الصباح) «إن أسواقنا تنتعش من جرّاء السياح الذين يزورن هورامان في الصيف والشتاء لجمال المدينة وطبيعة مناخها وتنوع الزراعة فيها، وإنَّ أغلب المعروضات من المشغولات اليدوية من الملابس والاكسسوارات والقبعات والتحف المنزلية.
وتبين سها محمود سائحة من محافظة واسط «كل عام نأتي لزيارة مدينة هورامان لهدوئها وجمال طبيعتها وتنوع الأشجار والطعام فيها، إضافة الى اسواقها الجميلة، التي نقتني منها الهدايا للأصدقاء والأهل والأقارب، فضلا عن أن الأسعار رخيصة وتمزج المعروضات بين التراث العراقي لتشمل من الجنوب الى الشمال».
اما أحمد قاسم - سائح من بغداد- فيبيّن كل عام نزور المدينة مرتين مع الاصدقاء صيفا وشتاءً، لما تتميز به المطاعم لكونها داخل البساتين والأجواء الجميلة، علاوة على أنها حدودية مع ايران وتكون مشتركة بأصناف الأطعمة بين البلدين وحتى البضاعة.
 
اختيار «اليونسكو»
أدرجت منظمة «اليونسكو» العالمية مدينة هورامان التابعة لإيران ضمن قائمة التراث العالمي من بين ثلاثة عشر موقعا ثقافيا في كل من (الاردن، الهند، اليابان، رومانيا، كوت ديفوار، فرنسا، البرازيل، بيرو، الاورغواي، شيلي، المكسيك، المانيا، وهولندا) في 28 تموز عام 2021 الماضي، مما يتبادر الى الذهن عن أهمية المواصفات التي تتميز بها هورامان ايران ليتم اختيارها؟، وما الواجب علينا عمله للسعي من أجل شمول هورامان العراق ضمن لائحة التراث العالمي للتشابه الكبير بين الاثنين في كل شيء وحتى الاسم، وتجاور موقعهما الجغرافي؟. واشارت منظمة “اليونسكو” في موقعها الرسمي الى أنَّ المشهد الثقافي في هورامان ايران يتميز أنَّ الجبال النائية فيها تقف شاهدا على الثقافة التقليدية لسكانها، الذين يشكلون قبيلة كردية تعتمد على الزراعة والرعي، منوهة بأنها استوطنت منذ الألف الثالث قبل الميلاد تقريبا، مبينة أن موقعها في قلب جبال زاكروس في محافظتي كردستان وكرمنشاه بمحاذاة الحدود الغربية لإيران، وهو يضمَّ عنصرين الوادي الأوسط والشرقي «زهافرود وتخت في محافظة كردستان» والوادي الغربي «لاهون في محافظة كرمنشاه».
مضيفة أن السكان عدلوا مساكنهم في هذين الواديين لكي تتلاءم مع البيئة الجبلية القاسية، وتتسم حياتهم وثقافتهم أشبه بالرحل لتدريج المنحدرات الحادة والزراعة في مصاطب حجرية وتربية المواشي والارتحال الرأسي الموسمي، اذ ينتقل سكانها للعيش في الوديان والمرتفعات على مدار السنة تبعا لتغير الفصول، مشيرة الى أن اختيارها لمدينة هورامان لما تتميز به من المناظر الطبيعية الخلابة والتنوع البيولوجي الاستثنائي، فضلا عن وجود آثار الاستيطان الأولى للانسان في هذه المنطقة من الأدوات الحجرية والكهوف والملاجئ الصخرية والتلال، وبقايا مواقع الاستيطان الدائمة والمؤقتة وورش العمل والمقابر والطرق والقرى والقلاع، كل هذه الصفات جعلتها ضمن لائحة التراث
العالمي.