الرفق بالحيوان دعواتٌ تزداد بتأثير وسائل التواصل

ريبورتاج 2022/03/06
...

 بدور العامري
ما زالت الثقافة المجتمعية الخاصة بتربية الحيوان في العراق قاصرة وليس بالمستوى الكافي مقارنة بالدول الأخرى، هذا ما تحدثت به المختصة بعلوم البيئة والناشطة في مجال حقوق الحيوان دينا اللامي، تلك السيدة التي عملت على فتح ملجأ للحيوانات المشردة بجهودها الذاتية، وبحسب اللامي فإن حبها الكبير للحيوانات الأليفة إضافة إلى تأثرها الكبير بموقف تسميم كلبيها وهما في حديقة المنزل من قبل بعض الأشخاص، دفعها لانشاء (ملجأ دينا للرفق بالحيوان).
شروط
وتقول صاحبة ملجأ دينا للحيوان "إن عملية تربية الحيوانات هي مسؤولية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ نلاحظ أغلب دول العالم تضع القوانين التي ترعى حقوق الحيوان وتنظم رعايتها باعتبارها أمورا أساسية وليست ثانوية، كما يعتقد البعض لذلك يجب على الشخص الذي يرغب بتبني حيوان معين، توفير عدة شروط صحية وبيئية متكاملة قبل اتخاذه لذلك القرار، كي لا يتسبب بأذى للحيوان والبيئة على حد سواء، وبينت اللامي أن أهم تلك الشروط هي  توفير المكان الملائم والتغذية المناسة، إضافة إلى اللقاحات والرعاية الصحية في حال مرض الحيوان، فضلا عن التعامل اللائق مع الحيوانات. 
وتشير اللامي إلى أن الحيوانات في مجتمعنا كثيرا ما تتعرض للأذى نتيجة للجهل وعدم الدراية بجوانب تربيتها، اذ يبدأ الأشخاص بإهمال الحيوانات بعد فترة من تبنيها ما يتسبب بمرضها، وبالتالي جعلها مصدر خطر على الصحة والبيئة.
 
مواقع التواصل
إن الانفتاح على حياة المجتمعات الأخرى من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، زاد من الاهتمام بموضوع حقوق الحيوان والرفق به، الشاب عدنان هادي (28 عاما) يقول استحوذ موضوع الرفق بالحيوان وتربية الحيوانات الأليفة على اهتمام كبير في الآونة الأخيرة بسبب اتساع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، إذ نجد موجات الرفض ودعوات الاستنكار، اتجاه مقطع معين لتعنيف حيوان أليف وتعرضه للأذى، وهذا ما حصل في حادثة قطة مول بغداد، حيث تابع هادي سرده للقصة التي ملخصتها قيام إحدى السيدات بدفع او ركل قطة كانت تحاول شرب الماء من بحيرة النافورة الموجودة في مدخل المول، ما ادى إلى سقوطها في الماء، ما أثار استياء وغضب الاشخاص المتواجدين وجميع من شاهد مقطع الفيديو، ثم تزايد التفاعل مع هذا الحدث ليكون (ترند) على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي دفع ادارة المول إلى التضامن مع ناشطي حقوق الحيوان وعرض مادة إعلانية تحثٌّ على الرفق بالحيوان على واجهة أحد أطول البنايات في بغداد.
 
رحماء
عندما نريد أن نغرس مبادئ وقيماً معينة مثل الرحمة والإنسانية والسلام في مجتمع ما، لا بدَّ من إنباتها في الأطفال أولا لتسود وتزدهر مستقبلا لأن الطفل هو البذرة الأساسية للأسرة، التي بدورها تشكل نواة المجتمع، مبادرة (رحماء) هي إحدى المبادرات المجتمعية التي دعت إلى الرفق بالحيوان منطلقة من توعية الأطفال وزرع روح الرحمة اتجاه الحيونات الأليفة، الناشطة في مجال حقوق الحيوان. آلاء كريم تقول من منطلق البدء من مرحلة الطفولة عملنا على التنسيق مع بعض المدارس والمؤسسات الخاصة المعنية بالطفولة على إقامة دورات تثقيف وتوعية للأطفال على أهمية التعامل الصحيح مع الحيوانات، سواء كانت سائبة في الشوارع او تلك التي تربى في المنازل، وبحسب الناشطة آلاء، تتعرض الحيونات للأذى بصورة كبيرة من قبل الأطفال إضافة إلى باقي الفئات العمرية، نتيجة الجهل وعدم التثقيف، اذ نجدهم يلعبون معها بقوة ويتم سحبها على الأرض في حال كانوا من محبيها، أما في حال الآخرين الذين لا يحبون الحيونات كثيرا ما نشاهدهم يتعمدون رميها بالحجارة وإحداث الأذى لها.
 
مبدأ التوازن
إنَّ الاهتمام بتربية الحيونات الأليفة والحفاظ عليها له فوائد كبيرة، منها حماية للتنوع البيئي، إضافة إلى الاستئناس بها من قبل أفراد الأسرة وكبار السن والأطفال على وجه الخصوص، اذ تقول  الناشطة في مجال حقوق الحيوان آلاء كريم "من المعروف أن الحياة على هذا الكوكب تسير وفق نظام دقيق قائم على مبدأ التوازن بين الكائنات الحية، ففي حال فقدان اوتناقص نوع معين يؤدي إلى تكاثر في نوع آخرعلى حسابه، وكثيرا ما يكون ذا تاثير سلبي على البيئة نتيجة لحدوث خلل في هذا التوازن.
وتشير الدراسات الخاصة بالصحة النفسية إلى فعالية تربية الحيونات في معالجة الأطفال من مرضى التوحد، فضلا عن سحب الطاقة السلبية من المكان، ما يسهم في عملية الإصلاح النفسي في المجتمع.
 
طموح
وسام المنذري طبيب بيطري وناشط في مجال الرفق بالحيوان يقول "نطمح أن تعيش هذه الحيوانات البريئة المستضعة بصورة آمنة مع الانسان، ويتعايش معها بصورة طبيعية، من دون أن يتسبب لها بالأذى، وفي حال وجود الرغبة والقدرة على تربية الحيوان، فيجب أن يقدم لها الرعاية الكاملة،  ويؤكد المنذري "أن مبدأ الرفق بالحيوان من الأمورالتي حثَّ عليها الدين الإسلامي وجميع الشرائع السماوية، إذ تثبت الوقائع أن الرسول الكريم والصحابة (عليهم السلام)، كثيرا ما كانوا يدعون إلى الرفق بالحيوان ورعايته وعدم إيذائه، ويوضح المنذري "أن المبادرات والحملات  التوعوية التي تقوم بها جمعيات الرفق بالحيوان وعدد من المتطوعين والمهتمين  بهذا المجال، هي جهود ذاتيَّة غير مدعومة من جهة حكومية او غير ذلك، ما يتطلب من الجهات ذات العلاقة إقرار قانون حماية الحيوان إسوة بباقي دول العالم، والتأسيس لثقافة التعايش بين جميع المخلوقات على هذه الأرض.