الأهوار قبلة عالميَّة للسياحة

ريبورتاج 2022/03/13
...

 نجلاء الخالدي
 تصوير: خضير العتابي
 
لا أحد يدرك في ما اذا كان المسؤولون العراقيون قد التقطوا إحدى الرسائل التي وجهتها بلاسخارت اليهم، وهم في غمرة انشغالهم بتشكيل حكومة جديدة في البلاد، حينما حاولت لفت  انتباهم إلى أهمية الأهوار وإلى المخاطر والتحديات التي تواجهها.
وأشارت بلاسخارت خلال زيارتها إلى أهوار الناصرية إلى أن ندرة المياه من العوامل المضاعفة للتهديد، ما يزيد من حدة الفقر والنزوح وعدم الاستقرار والنزاعات، وستتفاقم هذه المخاطر في غياب الإجراءات الموحدة والإرادة السياسية.
يوم الأراضي الرطبة
في 30 أغسطس/ آب 2021، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 2 شباط يومًا عالميًا للأراضي الرطبة لإذكاء الوعي بالحاجة الملحة، لعكس اتجاه الفقد المتسارع للأراضي الرطبة وتعزيز صونها واستعادة ما فُقد منها.
ويصادف ذلك اليوم تاريخ اعتماد «اتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية وخاصة بوصفها موئلاً للطيور المائية» في الفعالية الدولية، التي عُقدت في عام 1971 في مدينة رامسار الإيرانية على شواطئ بحر قزوين، لذا أرادت ممثلة الأمم المتحدة  في العراق أن تسجّل حضورا في الأهوار لمناسبة اليوم العالمي للأرضي الرطبة، في  لفتة تعكس أهمية هذه المناطق المتفردة في العالم.
 
أغلى المناطق ثراءً
يحتفظ العراق بأكبر المنخفضات المائية في العالم، حيث تمتد الأهوار على مساحة خمسة آلاف كيلومتر، وتعد من أغنى مناطق العالم ثراء وغنى بتنوعها الإحيائي.
وتغطي الأراضي الرطبة 6 %  فقط من سطح الأرض، ونحو  40 %  من جميع أنواع النباتات والحيوانات التي تعيش أو تتكاثر فيها، ومن هذا التنوع البيولوجي تكتسب الأراضي الرطبة أهميتها. وقد زاد من أهمية هذه المناطق هو انضمامها إلى لائحة التراث العالمي، ما اكسبها شهرة واسعة حول العالم، وعلى الرغم من هذه الشهرة التي اكتسبتها إلا أن أيَّ تغيير لم يطرأ على سكانها، الذين يعانون من الإهمال الحكومي المتواصل على مدى سنوات طويلة رغم الوعود بتحسين حياتهم.
 
مسؤولية السياسيين
الممثلة الأممية جينين هينيس- بلاسخار، وبعد زيارتها للأهوار قالت إنها ليست فقط مناظر طبيعة رائعة، بل هي أيضا ضرورية للتنوع البيولوجي في العراق. وبينما تعرب السلطات العراقية عن التزامها بمعالجة تحديات تغير المناخ، تبقى مسؤولية الأطياف السياسية ضرورية.
وأشارت بلاسخارت إلى أن ندرة المياه من العوامل المضاعفة للتهديد، ما تزيد من حدة الفقر والنزوح وعدم الاستقرار والنزاعات، وستتفاقم هذه المخاطر في غياب الإجراءات الموحدة والإرادة السياسية.
ودعت إلى اتخاذ إجراءات مبكرة لتلبية الاحتياجات الفورية للأسر الفقيرة في المناطق الريفية، بدءا من مربي الجاموس في الأهوار وحولها. وتتمثل الحاجة الفورية في توفير علف الحيوانات (على سبيل المثال دبس السكر، ونخالة القمح وعلف الذرة). 
دعم دولي
استجابة للاحتياجات الهيكلية المطلوبة، بدأت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة  (فاو)، في مساعدة صغار المزارعين الفقراء والأسر الريفية، التي لا تمتلك أراضي في محافظات البصرة وميسان وذي قار لتحسين الإنتاج الزراعي، وتوليد الدخل في عدد من المنتجات القيمة ذات الأولوية، مثل الطماطم ومنتجات الألبان (الجاموس) والنخيل.
وتنشط في الأهوار الوسطى بمحافظة ذي قار العديد من وكالات الأمم المتحدة، حيث تتعاون الفاو مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي ومنظمة العمل الدولية والمنظمة الدولية للهجرة ومركز التجارة الدولية واليونسكو لتنفيذ برنامج كبير لتطوير أعمال الأغذية الزراعية، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، بينما تركز اليونيسف في الحصول على المياه الصالحة للشرب، ويركز كلُّ من برنامج الأغذية العالمي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على التنمية الاقتصادية ودعم سبل المعيشة.
 
محنة الجفاف
يأمل جاسم الأسدي رئيس منظمة طبيعة العراق بعد زيارة بلاسخارت إلى الأهوار، أن يستمع صانع القرار في بغداد إلى ما تعكسه هذه المنطقة من أهمية وإلى تجاوز محنة الجفاف التي حدثت في الفترات الماضية، وأن تكون حصة الأهوار من المياه حصة عادلة، كما نأمل أن تعالج مشكلة مياه الصرف الصحي بطريقة تكنولوجية.
واكد الأسدي أن الأهوار أصبحت قبلة لكثير من الزائرين والسائحين والسياسيين من مختلف دول العالم، فقد زارها سفراء الولايات المتحدة الاميركية وكندا وبريطانيا وفرنسا، وشخصيات عراقية وعربية وممثلون عن المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي، وكل هذا يعكس اهتمام العالم بهذه المنطقة الحيوية، ويستدعي من الحكومة المزيد من الاهتمام الجدي بالأهوار.
 
أسس السياحة
وعن زيارة الممثلة الاممية للأهوار قال الاسدي «لقد قدرت بلاسخارت قيمة الأهوار الاجتماعية والاقتصادية، واعتبرت هذه المنطقة من أهم المناطق المائية، وأبدت انبهارها بالأهوار، ورأت أن جمالها أكثر مما كان يوصف لها.
وشدد الأسدي على أن العالم مستعد للمجيء، ولكن علينا أن نؤسس للبنى الأساسية لسياحة مستدامة، وأن زيارة بلاسخارت وقبلها العديد من السفراء تعكس مدى اهتمام العالم بهذه المنطقة.
وتابع «حان الوقت لنضع اللبنات الحقيقية للعمل على وضع الأسس للسياحة، وأن نخبر العالم أننا جاهزون لاستقبالهم، قبل أن نسوق للأهوار العراقية إلى الخارج عبر واجهات السياحية والمراكز الثقافية في السفارات العراقية، والأمر لا يحتاج إلى كثير من العناء فسحر المنطقة وما كتب عنها في كبريات وسائل الإعلام يكفي ليأتي السائحون، وكل ماعلينا أن نهيئ لهم أبسط مقومات الوصول والإقامة هنا، بالاعتماد على شركات سياحية وتعاون مع الدول المصب.