ما سر احتكار الرجال لمهنة التلحين؟

الصفحة الاخيرة 2019/03/16
...

بغداد / سامر المشعل 
لماذا اقتصرت مهنة التلحين على الذكور ؟ ولم تقترب النساء من هذه المهنة ؟ هل هناك استعدادات فسلجية تتوفر لدى الرجال دون النساء ؟ أم يرجع سبب ذلك الى الواقع الاجتماعي للعوائل العراقية والعربية ؟ ماجعل المرأة تتهيب الدخول في مضمار التلحين.. لتصبح مهنة التلحين حكراً على الذكور دون الاناث.
نحاول في هذا التحقيق وضع النقاط على الحروف لمعرفة الدوافع الحقيقية لعزوف المرأة عن اقتحام ميدان التلحين والاكتفاء بان تكون عازفة أو مطربة وسنتجاذب اطراف الحديث مع مجموعة من الباحثين والمختصين في مجال الموسيقى.
 
الطابع الاجتماعي
الباحث الموسيقي والمعاون الاداري لمعهد الدراسات الموسيقية حيدر شاكر يقول “ دائماً الشاعر هو الذي يتغزل بالمرأة ويكتب ويلحن ويغني لها.. ولا تستطيع المرأة ان تتغزل بالرجل، لان مجتمعنا لا يسمح بذلك. لاننا نعيش بمجتمع رجولة”.
ويضيف شاكر: بان الطابع الاجتماعي يحدد المرأة من الكتابة والتلحين، لان أغلب الملحنين يتعاملون مع المفردة ويصوغون الحانهم من وحي الكلمات، ولم نصل الى مرحلة الانفتاح الذي يسمح بأن تكتب وتلحن المرأة للرجل، الذي نجده في المجتمعات الغربية، حيث تنتشر العديد من الفرق الموسيقية والغنائية، ما يتيح للمرأة ان تؤلف الموسيقى وتغني من دون ان تكون هناك محددات اجتماعية.
 
خيال ودراسة
أما المطرب والملحن بلاسم عجوب، فيرى ان مهنة التلحين تحتاج الى الموهبة بالاضافة الى الدراسة التفصيلية في مجال المقامات وفروعها والالمام بالايقاعات وتعددها ومن النادر ان نجد المرأة تدخل الى ميدان دراسة الموسيقى واصولها وفروعها، لذلك اكتفت ان تكون مطربة ويقوم الملحن بمهمة تحفيظها.
ويتطرق الاستاذ عجوب الى الجانب الاجتماعي قائلاً :” طبيعة مجتمعنا وثقافتنا العربية كانتا جانباً معوقاً يحول دون اختراق المرأة لعالم التلحين ومنافسة الرجل، لان الملحن يتطلب منه عمله الاحتكاك بالمطربين والموسيقيين والشعراء والتواجد في الاستوديو أثناء الليل أو النهار والتنقل والسفر.. ومن الصعب ان تمتهن المرأة هذه المهنة بسبب طبيعة مجتمعنا العشائري، لذلك اكتفت المرأة بأن تكون مصدر الهام وجمال للرجل في كتابة الشعر والتلحين والتأليف الموسيقي لها”.
 
نظرية علمية
ينفي الباحث والاكاديمي سعد عبد الغفار العاني ان تكون هناك نظرية علمية أو استعدادات فسلجية تجعل الرجال يتقدمون على النساء في مجال التلحين قائلاً: ليست هنالك قاعدة علمية في الموسيقى تحدد ان قدرة التلحين تكمن عند الرجال دون النساء ... وقد ظهرت اسماء عديدة من النساء في مجال التلحين عبر تاريخ الموسيقى العربية، لكنها اختفت ولم تكن مؤثرة ،لاسيما في العصر الحديث وعلى المدى القريب بالذات، واذكر مثالاً واحداً عن ذلك، ففي الكويت ظهرت الملحنة ليلى عبد العزيز وقدمت العديد من الاعمال اللحنية الناجحة، لكنها لم تتواصل، وهكذا في اكثر من دولة عربية ومنها العراق ايضاً.. وخلاصة الاسباب هي بعض الاعراف الاجتماعية المتخلفة في الدرجة الاولى، حيث احبطت عزيمة المرأة في ممارسة اي نشاط موسيقي ومنها التلحين والان وصل الامر عندنا في العراق ( وفي مجال الغناء تحديداً ) حيث لم نجد اي صوت نسائي غنائي حاضراً وبشكل مؤثر على الساحة الفنية .
 
الخوف وعدم الثقة
وترى المطربة بيدر البصري ان هناك اسباباً ذاتية واخرى خارجة عن ارادتها تحول دون دخولها عالم التلحين وتقول “ انا أعتقد بأن هناك أسباباً ذاتية تتعلق بالمرأة ..لتخوفها وعدم ثقتها بنفسها في تقديم التجارب المتوالية لتطوير امكانية التلحين بالدراسة والاطلاع على تجارب الآخرين، هذا فيما يخص الناحية الذاتية .. أما من الناحية الموضوعية فجو المجتمع الذكوري في المنطقة العربية يقيد حرية المرأة بنسبة كبيرة في دخولها لمجال التأليف الموسيقي والتلحين .. كذلك مهنة التلحين تحتاج الى تفرغ لهذه المهنة .
وقد علمنا ان الفنانة بيدر البصري لها تجارب لحنية اشاد بها بعض المختصين، ناصحين لها بأن تطور امكانيتها بالدراسة والتفرغ، لكنها اخفت هذا الموضوع ولم تعلنه.