الحماية القانونيَّة للثروة المائيَّة

آراء 2022/05/23
...

 كاظم عبد جاسم الزيدي
 
لا شكَّ بأن الماء يعدُّ عنصرا لا يمكن للإنسان والكائنات الحية الاستغناء عنه والعيش بدونه، فالماء عصب الحياة به تبدأ حياة الكائن الحي وعليه تقوم مختلف الانشطة الانسانية، إذ إن الماء هو أساس الحياة، فحيث ما وجدت المياه ظهرت وبنيت الحضارات، وحيثما وجدت المياه عاش الانسان وللثروة المائية أهمية بالغة ومؤثرة، كونها تعد واحدة من أهم مرتكزات الثروة الوطنية، إذ تؤدي دورا مهما وأساسيا في حياة الانسان والبيئة والانتاج الزراعي والصناعي وتوليد الطاقة الكهربائية.. وغيرها من الاستخدامات المؤثرة في حياة الانسان، كما أن بقاء الكائنات الحية وتطورها مرهون بوجود المياه ووفرتها وأن الثروة المائية في العراق ثروة هائلة، جعلته من إغنى بلدان العالم فيها المضمار الحيوي، حيث لم يقتصر على النهرين الكبيرين دجلة والفرات، بل أن هناك مسطحات مائية كثيرة في العراق تعزز من أهمية الثروة المائية، وأن للحماية القانونية للثروة المائية أثراً بالغاً في كيان الانسان وممتلكاته وثرواته، ومنها الحماية الجنائية المقررة في قانون العقوبات وأن المشرّع العراقي، قد وفر الحماية القانونية للثروة المائية، من خلال قواعد قانونية ودستورية، حيث نصت المادة(25) من الدستور العراقي النافذ لعام 2005 على أن تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد الوطني، وتستثمر موارده بالكامل، ولما كانت الثروة المائية من الموارد الاقتصادية الوطنية، فقد أوجب المشرّع الحماية الجنائية للثروة المائية، وكذلك أوجبت المادة (27) من الدستور حماية الأموال العامة وحرمتها، ولما كانت الثروة المائية من الأموال العامة، فقد أوجب الدستور حمايتها، ومن خلال شرعية التجريم والعقاب يتبين موضوع الحماية القانونية للثروة المائية، فقد نصت المادة 197/1 من قانون العقوبات العراقي على تجريم الأفعال التي تلحق ضررا في مجاري المياه العامة، وكذلك شارت المادة 198/ أ من ذات القانون على تجريم كلِّ من يقوم بالتحريض والتشجيع على الأفعال، التي تلحق ضررا في منظومة مجاري المياه العامة، وكذلك المادة (351/ 1) من قانون العقوبات هي الأخرى، عاقبت كلَّ من وضع مواد او جراثيم في خزان ماء او بئر معدة لاستعمال عامة الناس، وكذلك جرّم المشرّع العراقي كلَّ من يقوم بأفعال من شأنها ان تؤدي إلى كسر او إتلاف بمرفق المياه او تخريب او إتلاف نهر او قناة، وأصدر المشرّع قوانين صيانة شبكات الري والبزل، الا أن هذا القانون لم يوفر الحماية الجنائية الكافية للثروة المائية، بما يتناسب واهميتها والحفاظ عليها، والسبب في ذلك يعود إلى ضعف الجزاءات التي لا تتناسب مع حجم الجرائم، التي تطول منظومة الثروة المائية، كذلك قانون الري وقانون حماية وتحسين البيئة، حيث أن أغلب جرائم الثروة المائية من الجنح، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في تلك القوانين وتشديد العقوبة على مرتكبي تلك الجرائم المتلقة بالثروة المائية، من خلال تشريع قانون خاص بحماية الثروة المائية من الاعتداءات والجرائم، التي تتعرض لها هذه الثروة الكبيرة، وبما يتناسب مع اعتبارها مصدرا للحياة، ونجد أن أغلب مصادر المياه مشتركة بين عدة دول، منها دول المنبع ودول المرور والدول الخرى المستفيدة، وأن هناك اتفاقياتٍ إقليميّةً ودوليَّة مع هذه الدول، من أجل ضمان توفير الحماية للثروة المائية وبما يؤمن حمايتها من الاعتداءات، وضمان صلاحيتها وتنميتها وعدم تعرضها للهدر وبذل الجهود المشتركة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.