مقرر البرلمان لـ { الصباح }: جلسة اليوم ستناقش فاجعة {العبّارة}

الثانية والثالثة 2019/03/23
...

بغداد / الصباح / مهند عبد الوهاب / شيماء رشيد
 
يعقد مجلس النواب اليوم الأحد، جلسته الأولى بعد عطلة أعياد نوروز، وأفادت مقرر البرلمان خديجة التركماني ونواب تحدثوا لـ"الصباح" بأن الجلسة ستناقش فاجعة "عبّارة" الموصل وستتضمن "تصويتاً سرياً" على إقالة محافظ نينوى ونائبيه بعد الطلب الذي وجهه رئيس الوزراء إلى رئاسة البرلمان، بينما أوضح نائب رئيس مجلس النواب بشير حداد أن "الجلسة تتضمن في جدول أعمالها - الذي جرى الإعلان عنه قبل وقوع حادثة العبارة- عرض تقرير لجنة تقصي الحقائق لمحافظة نينوى، وستكون هناك إجراءات وقرارات حاسمة بشأن نينوى وباقي المحافظات".
وفي وقت عقد فيه مجلس محافظة نينوى أمس السبت جلسة مصغرة لمطالبة المحافظ نوفل العاكوب بتقديم استقالته قبيل إقالته في مجلس النواب، أكد رئيس تحالف الإصلاح والإعمار السيد عمار الحكيم تأييده لطلب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي من رئاسة البرلمان بإقالة العاكوب، وبينما أعلن الأخير وضع استقالته من المنصب تحت أنظار المرجعية الدينية العليا، أعلن الطب العدلي في الموصل عن ارتفاع عدد ضحايا "العبّارة" إلى 97 شخصاً غالبيتهم من النساء والأطفال.
وقال نائب رئيس مجلس النواب بشير حداد في تصريح لـ "الصباح": إن "جلسة اليوم الأحد هي جلسة اعتيادية، وهناك جدول أعمال معلن عنه مسبقاً، ومن ضمن فقرات الجدول عرض (تقرير لجنة تقصي الحقائق لمحافظة نينوى)، وهذا التقرير يتضمن توصيات تتعلق بمجمل ملفات محافظة نينوى في الجوانب الإدارية والأمنية وإعادة الإعمار والنازحين، ويوم أمس الأول عقد اجتماع طارئ للرئاسات الثلاث حول حادثة العبارة، وستكون هناك اجراءات وقرارات سريعة وحاسمة حول مجمل القضايا في المحافظات عامة وفي نينوى خاصة".
وفي ما يتعلق بالجهة التي تقع عليها مسؤولية حادث العبارة، أوضح حداد، أن "الحديث في هذا الجانب سابق لأوانه، لأن اللجنة التحقيقية المشكلة لهذا الغرض ماضية في عملها، ونحن ننتظر نتائج التحقيق"، مبيناً أن "دور مجلس النواب هو المتابعة الدقيقة لهذا الملف ومراقبة عمل اللجان، وإقرار توصيات لجنة تقصي الحقائق"، وأضاف، "كما أعلنا مراراً فإن مواجهة الفساد واجتثاثه وتطويق منظومته للقضاء عليه هي من أولويات عملنا في المجلس وسنمضي فيه من دون كلل أو ملل، لأن جميع مشاكل العراق ومصائب شعبه أساسه الفساد، فهو الآفة العظمى والتحدي الأكبر".
 
مقرر البرلمان
وقالت مقرر مجلس النواب خديجة علي التركماني في تصريح لـ"الصباح": إن "جلسة اليوم ستخصص لمناقشة فاجعة عبارة الموصل وقد تتضمن بعض الفقرات"، مبينة أن "الجلسة قد تكون سرية للتصويت على إقالة محافظ نينوى ونائبيه".
وأضافت التركماني، أن "هناك مطالبات من النواب بأن تكون الجلسة سرية كي لا تكون هناك ضغوطات من قبل البعض حول العقوبات التي سيتم اتخاذها بشأن المتسببين بحادثة العبارة، فضلا عن التصويت على إقالة المحافظ ونائبيه بعد أن رفع رئيس مجلس الوزراء طلباً الى البرلمان بهذا الخصوص".
وأشارت مقرر البرلمان، إلى أن "عدداً من نواب نينوى؛ طالبوا بأن يتم تجميد مجلس المحافظة بالكامل لأنه المتسبب بشكل عام بالأضرار التي وقعت، مطالبين البرلمان بألا يكتفي بالإقالة وإنما بإحالتهم على المحاكم لأن الإقالة تكون لصالح المتهم ولا يأخذ جزاءه العادل".
وتابعت، إنه "بسبب الجشع والاهمال كان هناك زهق لأرواح الأبرياء، فالإقالة غير كافية"، داعية إلى "ضرورة معاقبة المقصرين لأن العراق أصبح بلد الثواب بدون عقاب وهذا الذي جعل الفاسدين يتمادون لمعرفتهم انه لا يوجد هناك عقاب"، بحسب تعبير التركماني.
وكان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قد وجّه في وقت متأخر من مساء الجمعة، رسالة الى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي طلب فيها باتخاذ الخطوات القانونية بإقالة محافظ نينوى ونائبيه.
 
المحافظ العاكوب
وبالتزامن مع حراك البرلمان في جلسة اليوم المرتقبة، أعلن عضو مجلس محافظة نينوى محمد ابراهيم، أمس السبت، عقد المجلس جلسة مصغرة لمطالبة المحافظ نوفل العاكوب بتقديم استقالته قبيل إقالته في مجلس النواب، مشيرا إلى أن المجلس فتح تحقيقا عالي المستوى مع العاكوب، فيما أعلن مدير الطب العدلي في نينوى واثق العنزي أمس السبت، أن عدد الضحايا بلغ 97 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال، مشيرا الى أن "الطب العدلي سلم أغلب جثث الضحايا إلى ذويهم وإجراءات البحث مستمرة على قدم وساق بشأن فاجعة الموصل".
إلى ذلك، قال رئيس تحالف الإصلاح والاعمار السيد عمار الحكيم في بيان تلقته "الصباح": "نعرب عن تأييدنا لما تقدم به رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي باستجواب محافظ نينوى لهدره المال العام، فضلا عن تأكيدنا أهمية إدراج ما حدث في مدينة الموصل من تعرض العبارة للغرق والتي راح ضحيتها عدد كبير من المواطنين على جدول أعمال جلسة مجلس النواب المرتقبة للوقوف على أسبابها ومحاسبة المقصرين بشدة ومناقشة تقرير اللجنة النيابية المكلفة بالتحقيق في أوضاع المحافظة".
في المقابل، قال محافظ نينوى نوفل العاكوب في بيان تلقته "الصباح": "لم أكن موفقا في التعبير اثناء لقائي في احدى القنوات الفضائية بسبب الضغط الكبير الذي مورس ضدنا في هذه الأيام، وفي حالة طلب المرجعية الرشيدة مني تقديم استقالتي فلا أتردد لحظة واحدة عن ذلك".
وكانت المرجعية الدينية قد طالبت على لسان وكيلها أحمد الصافي خلال خطبة الجمعة في كربلاء المقصرين في حادثة غرق العبارة ب‍الموصل بتقديم استقالتهم فورا، فيما نقلت وسائل اعلام عن العاكوب قوله ردا على طلب المرجعية: "أنا سني والمرجعية شيعية، ودعوتها لنا بالاستقالة غير ملزمة وكلامها يطبق بالمحافظات الجنوبية فقط".
 
جلسة اليوم المرتقبة
وبالعودة إلى جلسة البرلمان المرتقبة، ذكر النائب عن محافظة نينوى بشار الكيكي في تصريح لـ"الصباح"، أن "جدول الاعمال المعلن عنه تضمن في الفقرة الخامسة عرض تقرير لجنة تقصي الحقائق  في نينوى"، مبينا أن "نواب نينوى سيطالبون بأن تقدم الفقرة الخامسة الى الاولى وتخصص للحديث عن فاجعة الموصل الاليمة واتخاذ ما يلزم من  قرارات مهمة بشأن تعويض الضحايا وذويهم".
وأكد الكيكي، أن "أهم القرارات التي ستتخذ في الجلسة هي الاستجابة لطلب رئيس الوزراء بإقالة المحافظ ونائبيه، وتأتي إقالة المحافظ من ضمن قرارات لجنة تقصي الحقائق المقدمة سلفا الى هيئة الرئاسة قبل اسبوع من هذه الحادثة"، مؤكدا "تأييده لطلب رئيس الوزراء بإقالة العاكوب".
النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني شيروان الدوبرداني، أكد في تصريح لـ"الصباح" ، أنه "بعد زيارة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الى محافظة نينوى، قدمنا طلبا رسميا بأن تكون جلسة اليوم خاصة بفاجعة ابناء محافظة نينوى، وبعدما ارسل رئيس الوزراء كتابا خاصا بإجراءات إقالة المحافظ ونائبيه فستكون الجلسة خاصة للتصويت على طلب رئيس الوزراء ومناقشة حادثة عبارة الموصل مع اللجنة الخاصة".
وأشار الدوبرداني، إلى أن "المعطيات الأولية للأنواء الجوية تبين أن الموارد المائية والقائممقامية وجهت تحذيراً للمدينة السياحية والاهالي والكازينوهات يبين زيادة حجم الاطلاقات المائية من سد الموصل بمعدل 1400 م مكعب في الثانية، لذلك وجهت الدوائر المعنية بمنع الاهالي من الاقتراب من ضفاف نهر دجلة".
وأضاف، أن "من يتحمل المسؤولية الكاملة هم المشرفون على الجزيرة السياحية لعدم التزامهم بتعليمات الموارد المائية والانواء الجوية، وتم الاطلاع على توقيعهم المثبت على التعهدات بهذا الخصوص، الذي يؤكد اطلاعهم على تبليغات الموارد المائية من قبل خلية الازمة المشكلة في محافظة نينوى".
وكانت كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب، قد طالبت في وقت سابق بجلسة طارئة لتشكيل لجنة تحقيقية لمحاسبة المسؤولين عن غرق العبارة في مدينة الموصل.
بدوره، بين الناطق الرسمي لكتلة دولة القانون النيابية بهاء النوري، أن جدول أعمال جلسة اليوم المرتقبة صدر قبل فاجعة عبارة الموصل الاليمة، ولكن طلب رئيس الوزراء بإقالة محافظ نينوى ونائبيه سيكون محور الجلسة.
وأضاف النوري لـ"الصباح"، "سنطالب بأن تخصص جلسة اليوم لاتخاذ اجراءات تجاه الاهمال وسوء الادارة التي سببت هذه الكارثة في نينوى"، مؤكداً أن "تشكيل اللجان التحقيقية بشكل جدي ووفق معايير مهنية سيعطي نتائج سريعة وستترتب عليه الكثير من القرارات باتجاه المقصرين وتثبيت حقوق الضحايا".
 
آراء نيابية
من جانبه، قال رئيس كتلة الرافدين النيابية عمانوئيل خوشابا: ان "المجلس سيطلع على رسالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بخصوص طلبه إقالة المحافظ ونائبيه، اضافة الى قراءة تقرير لجنة تقصي الحقائق".
وأكد خوشابا في تصريح لـ"الصباح"، أن "فاجعة عبّارة الموصل جريمة كبيرة اقترفها الجشع والفساد، ويجب ان يعاقب الفاسدون الذين يسترخصون ارواح الابرياء وحياتهم، لذلك يجب أن تكون هناك وقفة جادة ومحاسبة لكل المسؤولين من رئيس الوحدة الادارية في محافظة نينوى الى اصغر موظف بهذا الشأن".
وطالب رئيس كتلة الرافدين بـ "إدراج فقرة ضمن قانون الشهداء اعتبار من قضى بسبب الفساد أو الاهمال يعتبر من الشهداء وله جميع الحقوق والامتيازات التي ينص عليها القانون، وهو ما تعرض له ضحايا العبّارة الغارقة". 
عضو مجلس النواب عن اللجنة القانونية حسين العقابي، بين أن جلسة اليوم ستخصص لحادثة عبارة الموصل والتصويت على إقالة محافظ نينوى ونائبيه.
وقال العقابي في تصريح لـ"الصباح": إن "موضوع الموصل سيكون على رأس جدول أعمال جلسة اليوم للاطلاع على التقرير المعد من قبل لجنة تقصي الحقائق وبعدها سيتخذ المجلس موقفا بناءً عليه، وكذلك النظر بطلب رئيس الوزراء بإقالة المحافظ ونائبيه وهو أمر مرحب به من قبل جميع النواب"، وأضاف، أن "احالتهم على التحقيق مناط بالتقرير المعد من قبل لجنة تقصي الحقائق"، مشيرا الى أن "المجلس سيقرر اليوم وفق التقرير المعد من قبل 30 نائبا".
 
خبراء قانون
الخبير القانوني طارق حرب، أوضح أن "الاجراءات التي تتخذها الحكومة هي صلاحيات الاقالة والتحقيق"، مشيراً إلى أن "مجلس القضاء الاعلى باشر من خلال محكمة التحقيق اتخاذ الاجراءات القانونية بحق المتسببين"، وأضاف، أن "النظر إلى الحادث في الوهلة الأولى؛ يدل على انها (قتل خطأ) ولكن في الحقيقة هو (قتل عن عمد) ويسمى بناء على قاعدة القصد الاحتمالي والتي تعني (إذا توقع الفاعل نتائج اجرامية على فعله وأقدم عليه وقبل المخاطرة)".
وبين حرب في تصريح لـ"الصباح"، أن "المخاطرة بحياة المواطنين تعد (قتل عمد) لأن (قتل الخطأ) تحول الى العمد، لذلك ينتقل الحكم بهذه القضية من الحبس خمس سنوات الى الاعدام فقرة 406 لأن القتل تحول الى العمد"، مشيراً إلى أن "المسؤولين عن الحادث هو المدير المفوض والدوائر البلدية وهيئة الاستثمار والمهندس المقيم والعمال وكل من له علاقة بعمل العبارة لأن من واجب هؤلاء أن يتخذوا الاجراءات الاحتياطية ويثبتوا اجراءات السلامة والامان"، مستدركاً، أن "الوصف الاولي للحادث يقع ضمن المادة 411 قتل خطأ ولكن قد ترتقي الى المادة 406 التي تصل الى حد جريمة قتل العمد وحكمها الإعدام".
على صعيد متصل، أوضح المستشار القانوني عمر الشمري، أن المادتين 349 و350 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 يطبق على فاجعة عبارة الموصل إذا ما ثبت التقصير والاهمال وتعريض حياة الناس الى الخطر، منوها بأن الامر يبقى مناطا بالسلطة التقديرية للقاضي وتفاصيل الحادث.
وقال الشمري لـ"الصباح": إن "قانون العقوبات وفق المادة 349 ينص على المعاقبة بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة كل من أحدث عمدا غرقا من شأنه تعريض حياة الناس او أموالهم للخطر أو شرع في ذلك، وتكون العقوبة الاعدام او السجن المؤبد اذا افضى الغرق الى موت انسان، وتكون العقوبة السجن المؤبد او المؤقت اذا نشأ عن الغرق ضرر جسيم بالأموال".
وأضاف، "أما المادة 350 فتنص على المعاقبة بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من تسبب بخطئه في إحداث غرق إذا كان من شأن ذلك تعريض حياة الناس او اموالهم للخطر، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او الحبس إذا نشأ عن الغرق تعطيل مرفق عام او ضرر جسيم بالأموال، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين اذا نشأ عن الجريمة موت انسان".
 
وجهات نظر
ويرى رئيس مؤسسة التفكير السياسي إحسان الشمري، أن ملف حادثة العبارة "ملف ضاغط" على مستوى انعقاد جلسة البرلمان اليوم بسبب حجم الفاجعة وطبيعة المطالبات لنواب نينوى حول الحادث بعد تحوله الى قضية "رأي عام" وكتاب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بإقالة المحافظ ونائبيه، مبيناً أن "جميع هذه المعطيات تشير إلى أن جلسة اليوم ستخصص لحادثة عبارة الموصل".
وتوقع الشمري في تصريح لـ"الصباح"، أن تكون "إقالة المحافظ هو القرار الذي سيتخذه البرلمان بسبب استشراء الفساد وأيضا الاخفاق على مستوى الحكومة المحلية في نينوى".
من جانبها، أكدت المتطوعة للإنقاذ والبحث عن الضحايا والمفقودين سرور الحسيني  لـ"الصباح"، أن "كل ما حدث هو بسبب الاهمال وغياب الرقابة، ومشروع الجزيرة ليس حكوميا ولكن غياب الرقابة الحكومية ومعايير السلامة والنجاة تسببت بغرق المواطنين"، مطالبة بأن "تتم محاسبة عمال ومسؤولي الجزيرة ومحاسبة الجهات الحكومية المسؤولة عن ذلك".  
وتابعت الحسيني، "لقد كان هناك تبليغ من الموارد والجهات الأخرى بعدم فتح الجزيرة خلال الأيام الماضية لأن منسوب المياه كان عاليا، ونبهت إدارة سد الموصل على أنها مجبرة لزيادة إطلاقات المياه بسبب الأمطار وذوبان الثلوج القادمة من تركيا والفروع الجارية التي تصب بنهر دجلة، والعبّارة مكشوفة ولا تحتوي زوارق نجاة ونجادات جسم للإنقاذ، والاطفال والنساء لا يجيدون السباحة، وطاقة العبارة 50 شخصا وجرى تحميلها بـ 200 شخص وأكثر".
وتساءلت الحسيني: "أين دور المتابعة من الدفاع المدني والشرطة النهرية والسياحة وإشارات الأنواء الجوية، واتخاذ اجراء الاغلاق قبل الفاجعة؟!"، مشيرة الى "أهمية اثبات حقوق الضحايا من الشهداء".