كان فراس رضوان أوغلو، الكاتب والباحث التركي، ينظر والابتسامة بادية على وجهه إلى "ساعة الفيل" وهي تشتغل وكأنها اختراع حديث لمهندس تخرج توا من الجامعة، لكنها في الحقيقة نموذج لواحد من ابتكارات العالم أبو العز اسماعيل بن الرزاز الجزري الذي ولد وعاش في جنوب شرقي تركيا قبل 800 عام.
وتعد "ساعة الفيل" واحدة من إيقونات معرض "آلات الجزري الاستثنائية" الذي ينظم في اسطنبول ويستمر حتى نهاية حزيران المقبل، وهو يقدم لزواره عشرات الأنظمة الميكانيكية والآلات التي أعاد دورموش جالشكان، المهندس التركي الراحل، تصنيع بعضها، فيما صنع الأخرى أولاده، على وفق نماذج وردت في كتب الجزري، ويراد لها أن تكون في متحف دائم باسطنبول بعد سنوات.
ويقول محمد علي جالشكان، مدير المعرض وابن المهندس الراحل لـ"الصباح" : إن "والدي ترجم كتاب (الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل) للجزري، في إطار كتاب أوسع أسماه (آلات الجزري الاستثنائية)، وضمنه عرضا لرسوم آلات الجزري، مع شرح ودراسة أكاديمية باللغة التركية، مضيفا أنه "كان هدف والدي وحلمه قبل أن يتوفى العام الماضي، إعادة إحياء اختراعات الجزري التي اندثرت كلها، وها نحن اليوم نحيي ذكراه وحلمه عبر تنظيم هذا المعرض".
ويذكر جالشكان أن"والدي أنتج قبل وفاته 4 آلات طبقا لمخططات الجزري، وتكفلنا نحن بالبقية، إذ يضم المعرض قرابة 20 آلة ونحو 60 نظاما ميكانيكيا، ومن المقرر أن نواصل إنتاج الآلات حتى تصل 200"، ويسلط المعرض الضوء على حاجة الناس للاختراعات.
ويفيد جالشكان، وهو مهندس أيضا، بأن "الجزري تأثر باختراعات من سبقوه، واستخدم العلوم المصرية واليونانية وعلوم الفلك والكواكب حتى طور أفكاره وصنع آلاته".
وعمل الجزري، بحسب المصادر التاريخية، في ظل دولة الأرتقية إحدى الدول التركية القديمة التي اتخذت من ولايتي ديار بكر وماردين، ذات الغالبية الكردية حاليا، عاصمة لها آنذاك.
وتنشغل نيسانور جالشكان، ابنة المهندس الراحل جالشكان، بتعريف الزوار على ما صنعته أسرتها من آلات الجزري.
وتقول نيسانور: إن "والدي عمل 15 سنة على إرث الجزري وأعاد إحياءه".
وتتجول نيسانور بين آلات أبرزها ساعة الفيل، وروبوت لسقي الضيوف في المناسبات، وقاصة ذات 4 أقفال مشفرة يستلزم فتحها 281 تريليون محاولة، ونواعير ذاتية الحركة ومحرك بخاري، وهي تشير إلى أن "الجزري منح لصنع آلات قياس الزمن أولوية، ولذلك تشاهدون أن القسم الأكبر من المعرض مخصص للساعات التي اخترعها، والتي يعمل معظمها بآلية ضغط الماء".
ويعتزم أولاد جالشكان التعاون مع مؤسسات أكاديمية بينها الجامعة التكنولوجية في اسطنبول للاشتغال بشكل أوسع علميا على منجزات الجزري، فيما ينوون تنظيم النسخة الجديدة من معرض "آلات الجزري الاستثنائية" في العاصمة أنقرة وولايات تركية أخرى، فضلا عن مدن عالمية بينها لندن.