أغرَبُ ما في (المصادفة) إنها لا تحصل فقط من دون التخطيط لها، بل كذلك يمكن حدوثها في أماكن وأزمنة غير متوقعة ابداً، فقد إكتشفتُ مدى قدرتها على التحكم في التواريخ لتجعل منها نوعاً من المصادفة التي تثير الدهشة كما هو الحال في (الاول من تموز)، حيث جرى التالي: في 1/7/1985، ترك المواطن جاسم الجبوري (من سكنة الحلة)، وهو بعثي بدرجة نصير متقدم، عمله الوظيفي بصفة محاسب في احدى دوائر محافظة بابل، لان راتبه بعد آخر ترفيع بلغ (5) الاف دينار يصعب معه تحمل نفقات الاسرة والمدارس والايجار... ولهذا اضطر سعياً وراء رزقه أن ينتقل مع (عائلته) الى قضاء المحمودية بعد حصوله على عمل بصفة (سائق لوري) مقابل أجر شهري قدره (37) الف دينار، وقد انذرته دائرته عبر اعلان رسمي بوجوب العودة الى وظيفته وبخلاف ذلك يعدُّ مفصولاً، ومن الطبيعي ان الرجل لم يستجب ورفض العودة، وعلى وفق الاجراءات المعمول بها في تلك المرحلة، تمّ فصله وقامت المنظمة الحزبية بطرده من صفوفها فيما حجبت وزارة التجارة بطاقته التموينية!
في 1/7/1985 قدم الطالب محمد عمران – خريج الدراسة الاعدادية- اوراقه الى كلية الشرطة، وكانت الشروط جميعها متوفرة، الشهادة والعمر واللياقة البدنية والسمعة والاخلاق، ومع ذلك لم تحصل الموافقة لان معاملته لم تتضمن ورقة تزكية من (قيادة الفرقة) في منطقته تثبت انتماءه الى صفوف الحزب القائد!!
وحصل كذلك في 1/7/1985 ان تقدم الطالب جهاد مجيد فخري / خريج كلية الآداب- قسم اللغة العربية، بطلب رسمي الى وزارة التربية للتعيين بعنوان (معلم ابتدائية)، إلا ان الموافقة لم تحصل استجابة للتعليمات التي تنص صراحة على (تبعيث) التعليم، وان هذه المؤسسة التربوية لا يمكن ان يعمل فيها ماركسي او اسلامي او علماني او
مستقل!!
في 1/7/2004 عاد المواطن الحلاوي جاسم الجبوري الى وظيفته محاسباً ضمن دائرته البابلية نفسها كونه مفصولاً سياسياً، وتحتسب له مدة ترك الوظيفة ما بين (1/ 7 / 1985 - 1 / 7 / 2004) لأغراض العلاوة والترفيع والخدمة التقاعدية، وكانت اجراءات العودة والتعويض سلسة وانسيابية، لان من بين أوراق معاملته، ورقة من إحدى المنظمات التي تمنح التأييد، تؤكد فيها بأن السيد الجبوري كان مفصولاً من قبل النظام الدكتاتوري لأسباب سياسية.. وفي 1/ 7/ 2004 قدم المواطن محمد عمران، خريج الدراسة الاعدادية اوراقه مجدداً الى وزارة الداخلية للتعيين بعنوان شرطي، وكان كل شيء فيه موافقاً للشروط وعلى رأسها انه غير بعثي، ولم تحصل الموافقة لان معاملته لم تتضمن تأييداً حزبياً من أحد الاحزاب التي يحق لها تزكية المتقدم، وفي 1/ 7 / 2004 عاد المواطن جهاد مجيد فخري وقدم طلباً للتعيين بصفة معلم، ولم تحصل الموافقة انسجاماً مع التعليمات الجديدة التي تنص على (اسلمة)
التعليم!!
بالمناسبة فان تاريخ 1/ 7 كان في السابق عيد ميلاد العراقيين ممن لا يُعرف لهم تاريخ ميلاد، وكان صدام حسين كما يقال يحمل هذا التاريخ قبل ان يختار لنفسه 28 نيسان، وهو اختيار لافت للنظر لأنه يصادف عيد ميلاد ادولف هتلر!!