متاحف للتراث في بيوتات صغيرة

الصفحة الاخيرة 2022/06/30
...

 الموصل: لمى الربيعي
 
أحيت محافظة نينوى يوم التراث الموصلي في الذكرى الخامسة لتفجير منارة الحدباء في 21 حزيران 2017 على أيدي الإرهاب الداعشي، الذي دمر أغلب معالم مركز مدينة الموصل التاريخية والدينية وآثارها، فضلاً عن معالم منتشرة في أنحاء مناطق المحافظة، حيث لم تسلم هي الآخرى من جرائم الظلاميين، الذين جاؤوا لتدمير الحضارة وإطفاء نور المدنية واستبدالها بالظلام.  
واستعاد الموصليون هذه الذكرى في مواقعها بالأحياء التراثية القديمة للمدينة الزاخرة بمعالم الآثار ومهن قديمة، إندثر البعض منها وبينما لم يزل قائماً حتى اليوم البعض الآخر. 
بدا الاستذكار باستعراض لإرث المدينة من زقاق ضيق في محلة الجامع الكببر، مستهلاً بصور لأبرز الشخصيات القيادية  والإعلامية والفنية للمدينة، مؤدياً إلى بيوتات صغيرة من الطراز القديم المعروفة بنقوشها على الأقواس المرمرية التي تزين الشبابيك والأبواب، متخذين من كل دار متحفاً صغيراً مختصاً بمهنة قديمة أو آثار آشورية مصغرة. 
عند زيارة القسم الصحفي كان هناك العديد من الصحف الموصلية القديمة المعروضة، والتي كانت تصدر بالقرن الماضي، ومنها جريدة الهلال عام 1945، وفتى العراق عام 1946،   والهدى عام 1952، والحقيقة عام 1954، وجريدة أنباء الموصل الاقتصادية وجريدة نينوى وصدى الموصل وذاكرة المدينة.   
وكان لكلية الآثار قسمٌ في أحد البيوتات، عرضت فيه مشغولات يدوية لطلاب القسم، منها الآثار الآشورية والبابلية القديمة، كما وعرضت طبقاً للأصل القطع الأثرية الموجودة في المتاحف العالمية، كالرقم الطينية بالكتابة المسمارية، والأختام الأسطوانية، وأسطورة الملك الآشوري، وخنجر الملك السومري، وتمثال الكاتب السومري في عصر فجر السلالات،  ولوحة منحوتة تعود لعام 645 قبل الميلاد، يظهر فيها الجنود الآشوريون، وهم يحملون أسداً بعد أن تمَّ اصطياده من قبل الملك آشور بانيبال، ولوحات عديدة فضلاً عن القيثارة البابلية.  وكان للأواني الفخارية قسمٌ في بيت آخر، ومنها "الشربة"، وهي الجرة لحفظ الماء "والحب"زير الماء الكبير، والأبريق والذي كانوا يستعمله أهالي الموصل قديماً في الاحتفاظ بالماء باردًا في فصل الصيف.  
وكان للمهن الموصلية القديمة نصيبٌ أكبر في عرضها وإستذكارها بالبيوتات القديمة، ومنها مهنة "الجقماقجي" وهي خاصة في صنع الأسلحة القديمة، كالخنجر والسيف والدرع والفاس، وكانت تعرض بأشكال جميلة، تليها مهنة "المنجد" وهو من يصنع الفراش للنوم واللحاف والوسائد "المخدات" من الصوف، كما يذكر للصوف مهنة أخرى وتعرض في بيت آخر وهي الغزل وصنع السجاد بماكنة يدوية قديمة، حيث تصطف الخيوط الصوفية بعد غزلها صفاً صفاً، لتكون السجادة الشتوية.. كما كان "للمنقل" عرض بمكينته الخاصة في خياطة واعادة ترميم الأحذية الجلدية والحقائب قديماً.
كما عرض عن حداد السكاكين ومبيض الأواني النحاسية "الصفار" عدد من المستخدمة قديماً كالسماور والقدور والأبريق والطاسة والمناسف والصينية بأشكالها الجميلة، وكان لبائع السوس صوتٌ يصدع بطرقعة طاساته، متجولاً بين الزائرين مذكراً بشراب الصيف المفضل للموصليين، والمصنوع من عرق السوس الطبيعي مبرداً بجعبة يحملها على كتفة.. كذك كان  هناك بائع التمر الهندي، وبائع حلويات الأطفال "الشرابت" مع تواجد أطفالٍ يرتدون الزي البيتي بجامات مقلمة كما السابق.  
وفي نهاية الزقاق الموصلي الضيق القديم كان صفٌ من الشباب على قارعة الطريق يرتدون  زي الشرطة القديم المعروف باسم "الجندرمه" 
أما أسماء المحال فكانت موجودة مثل محل شكردان لبيع الحلويات وورشة  صندليي  ومحل بقجة وعطارية شكوري البقال، وحلاقة فانوس ومحل بازة.. كل هذا كان بالقرب من أطلال منارة الحدباء، التي اقترن اسم المدينة باسمها.. الموصل الحدباء في يومها التراثي.