حرارة الصيف وانقطاع الكهرباء يلهبان سوق المولدات ويجلدان المواطنين

ريبورتاج 2022/07/16
...

 نافع الناجي
يشهد العراق في كل موسم صيف مع اشتداد درجات الحرارة وعدم انتظام واستقرار المنظومة الكهربائية الوطنية، ارتفاعاً حاداً في أسعار كل متعلقات هذا الفصل من أجهزة التكييف ومعدات التبريد، كما أن أسعار خطوط الكهرباء المحلية (السحب) من المولدات الأهلية ارتفعت هي الأخرى، بشكلٍ فاحش لتصل إلى (25) ألف دينار للأمبير الواحد.
وضربت حالة من الإرباك سوق أجهزة التكييف والتبريد في العاصمة بغداد، إذ سجل تجّار المولدات وأجهزة التكييف تراجعاً في مبيعاتهم بنحو 60 بالمئة، في الوقت الذي عزف المستهلكون عن الشراء نتيجة تردي واقع الكهرباء وارتفاع الأسعار. 
 
استنزاف الفقراء
المحلل الاقتصادي ماجد أبو كلل أوضح، أن "الأرقام باتت تهلك جيوب الكثيرين وتستنزف أموال الطبقات المتوسطة والفقيرة، دون أن تغنيهم عن المنظومة الوطنية التي لا تشهد تحسناً في الإنتاج والتجهيز كما في كل صيف"، وأضاف "لجأ بعض المواطنين إلى شراء مولدات صغيرة أو بعض الأجهزة التي تعمل على نظام البطاريات كالعاكسات ومراوح الشحن وما شابه، لعلها تقلل من أجور المولدات الأهلية التي لا تلتزم بالتسعيرة الحكومية بشكلٍ علني، تحت ذريعة شراء الديزل من السوق السوداء لعدم كفاية التجهيز الحكومي". 
 
رؤية للإصلاح
ويشدد أبو كلل على أن "ارتفاع الأسعار يتبع البورصات العالمية، فضلاً عن ضعف السيولة النقدية للمواطنين وتضخّم الأسعار من المنتجين، كلها عوامل أسهمت في انحدار مستويات البيع والشراء وأحدثت خللاً في نظام الحركة الاقتصادية لقطاعاتٍ مختلفة، الأمر الذي يستدعي وضع رؤية جديدة لإصلاح المنظومة الاقتصادية، وبخلاف ذلك يستمر واقع السوق المحلية بالتدهور والانحدار".
 
مبادرة البنك المركزي
من جهته يقترح الأكاديمي د. مضر عبد الله من جامعة (ساوة) "تفعيل مبادرة البنك المركزي بمنح قروض ميسّرة إلى عموم المواطنين لتجهيز منظومات الألواح الشمسية أو توربينات الرياح، بغية خفض الاعتماد على منظومة الكهرباء الوطنية من جانب، وتحسين المناخ وتقليل الانبعاثات الضارّة في بلدٍ يشهد جفافاً شديداً من جانبٍ آخر"، حسب وصفه.
 
وزارة للطاقة بشركات مختلطة
ويشدد عبد الله على أن "ملف الكهرباء يعد الملف العراقي الأهم اقتصادياً وأمنياً، وبدون تحقيق تقدم في الكهرباء لن يحصل تقدم في الاقتصاد وفي الخدمات".
وأضاف، أن "بقاء الكهرباء وزارة حكومية تدار بعقلية القطاع العام يعني بقاء القطاع غارقاً في الفشل والفساد، ويجب دمج وزارة الكهرباء مع وزارة النفط تحت مسمى وزارة الطاقة ويلحق بهما ملف الطاقات المتجددة، وتكون الوزارة الجديدة ذات مهام تنظيمية تضع السياسات العامة لقطاع الطاقة بمختلف أشكاله وأن تؤسس شركات عامة ويفضل شركات مختلطة ذات إدارة احترافية منفصلة عن الحكومة تقوم بالنشاطات ذات الصلة بقطاع الطاقة ومنها النشاطات ذات الصلة بالكهرباء من توليد ونقل وتوزيع"، لافتاً إلى أهمية، أن "تكون هذه الشركات ربحية تدار بعقلية اقتصادية صحيحة وليست عقلية حكومية بائسة كما يحدث الآن".
ويشدد عبد الله على أنه "بغير هذا لن تحل مشكلة الكهرباء رغم انفاق أكثر من 80 مليار دولار، أنفقت غالبيتها على شكل رواتب ونفقات تشغيلية غير مجدية اقتصادياً".
 
كساد سوق المكيّفات
صفاء عبد الهادي، تاجر مولدات وأجهزة كهربائية في الكرادة يقول "لا يستطيع المواطن البسيط اقتناء مولد قيمته خمسمئة ألف دينار بعدما رفع أصحاب المولدات الأهلية أجور الأمبير الواحد إلى (25) ألفاً"، ويضيف "بسبب سوء وضع شبكة الكهرباء الوطنية وغلاء الأسعار، يحجم المواطن أو الموظف ذو الراتب المحدود عن شراء أجهزة التكييف والسبالت، فمثلاً جهاز تكييف سعة طنين كان سعره في الموسم الماضي 600 ألف دينار وصار سعره الآن حوالي مليون دينار".
 
إقبال وعزوف!
واستدرك "بعض المواطنين يقبلون على شراء المبردات لرخص ثمنها ولقابلية تشغيلها على مولدات السحب الأهلية، لكن حتى هذه المبردات ارتفع ثمنها هي الأخرى".
ويشير عبد الهادي إلى أن "المبردة حين كان سعر صرف الدولار مئة وعشرين ألفاً، كان ثمنها لا يتجاوز الثمانين دولاراً لتباع بمئة دولار لعشر قطع يومياً تقريباً، لكن بعد رفع سعر الصرف ارتفع ثمن الشراء إلى مئة دولار فبكم يمكننا بيعها ونحن لا نصرّف قطعة واحدة يومياً".
ويعزف المواطنون عن شراء المبردات أيضاً بسبب غلاء الأسعار ليتجهوا نحو شراء مراوح الشحن التي تعمل بالبطاريات والتي تتراوح أسعارها بين (خمسين إلى خمسة وسبعين ألف دينار) لاسيما بعد ارتفاع تكلفة خطوط الكهرباء من المولدات الأهلية.