أعياد وأيام

الصفحة الاخيرة 2023/01/10
...

حسن العاني
في وقت مبكر من قيام الحضارات والدول، عرفت شعوب العالم بدون استثناء طقوساً أو تقاليد ترتبط بمناسبات معينة يتم الاحتفاء بها، وقد ضمتْ تلك المناسبات نوعين، أحدهما اسمه (أعياد) والآخر يدعى (أيام) وعلينا ألا نستغرب بأن أجدادنا البابليين على سبيل المثال كان لديهم عيد يسمى (جز الصوف)، ومع أن هذه المناسبة في ظاهرها أفراح وغناء وموائد طعام إلا أن مضمونها اقتصادي يهدف إلى توفير أكبر كمية من أصواف الأغنام لحياكة الملابس، ولكن الغريب أن حضارة وادي الرافدين على ما تشير إليه الوقائع كانت هي الأكثر في ميدان ابتداع (الأعياد والأيام)، وما زال العراق البلد الأول في ابتكار المناسبات، وإذا كان من المتعذر أن نستشهد ونبحث في ستة آلاف سنة من المناسبات، فمن الممكن الاستشهاد بالمرحلة التي تبدأ من عام 1958 وحتى عامنا المبارك هذا آخذين بالحسبان أن بعضاً من تلك الأيام والأعياد اقتبسناها من البلدان الأخرى بفعل التلاقح الحضاري والثقافي، ولكونها بصورة عامة مناسبات ذات صفة أممية كأعياد المرأة مثلاً والأم والحب والرجل والطفل.. الخ.

وبحكم تنوع المناسبات فقد تنوعت بالضرورة الأعياد الخاصة بها كأن تكون وطنية بمفهوم (المرحلة) مثل (14 تموز 1958) أو (17 تموز 1968) أو تأسيس الدولة العراقية، وقد تكون دينية على غرار عيدي الفطر والأضحى، أو مهنية كأعياد (المعلم والطالب والجيش والعمال والحلاقين).

الأمر اللافت للنظر، أن النظام السابق (اخترع) أياماً احتفالية قريبة من الأعياد، وإن كانت في معظمها ذات طابع استذكاري – لا يتعطل الدوام الرسمي فيه، وإذا استثنينا (يوم الضاد) فالأيام الأخرى ذات مضامين سياسية تعبوية استذكارية، تحضرني منها أيام (اللقاء، النخوة، القدس، البيعة، الشعب،  الوفاء، النصر العظيم ...الخ)!

لم تتغير أوضاع الأعياد والأيام، فبعضها قديمة تم الحفاظ عليها والاحتفاء بها، وبعضها جديدة تم ابتكارها بعد الاحتلال، ومثلما كانت المناسبات في السابق كثيرة، فإنها كانت كذلك في المراحل اللاحقة، وهذه الكثرة تؤكد ما أشرنا إليه في بداية المقالة من أن بلاد الرافدين (ولادة، أي كثيرة الإنجاب) لمناسبات لها أول وليس لها آخر، وعلى العموم فلكل عهد مناسبة تحتل الصدارة، فقبل 9/ 4/ 2003 كان ميلاد القائد هو (اليوم والعيد) الذي لا يعلو عليه يوم الشعب ولا يوم القدس، وبعد

9 /4/ 2003 ابتكرت الطبقة السياسية مناسبة جمعت فيها (العيد واليوم) في سلة واحدة، وهذه المناسبة هي (عيد المحاصصة) أي (يوم) حصولها على حصتها من الوزارات و  وكل مناسبة والعراق بألف خير.