يعد الامن المائي الرديف الستراتيجي للامن القومي، وهذا ينطلق من واقع المتغيرات الداخلية والاقليمية، لاسيما ان نسبة 70 بالمئة من الوارد المائي للعراق ياتي من خارج الحدود، ولمواجهة هذه المتغيرات يتطلب اعتماد ستراتيجية واضحة لتحقيق امن مائي وطني.
الأمن المائي
عضو مركز الدراسات العربية والدولية احمد عمر الراوي قال: ان “تحقيق ستراتيجية وطنية للامن المائي الوطني يتأتى من خلال تخطيط وادارة الموارد المائية على نحو متكامل يؤخذ بنظر الاعتبار الابعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية، مع العمل على تامين الخزين الستراتيجي لسد الحاجة الى المياه في اوقات الشحة، وتنسيق برامج السياسة المائية مع السياسات السكانية والاقتصادية يراعى فيها معدل نمو السكان والنمو الاقتصادي اللذان يؤديان الى زيادة الطلب على المياه”.
ديمومة الموارد
بين “اهمية تنمية قدرات الملاكات الفنية والادارية المسؤولة عن ادارة وتنظيم المياه، واعتماد سياسة مائية تتضمن ديمومة الموارد المائية وتحمي نوعيتها وتحافظ على الاحتياطي من المخزون الجوفي، فضلا عن اقامة بنك معلومات في مجال ادارة المياه والري وتنفيذ برامج معلوماتية عنها للاستفادة منها في عمليات التخطيط والطلب على المياه لمختلف الاغراض، ونشر مفاهيم الامن المائي بين اوساط المواطنين، لاسيما الفلاحين باعتبارهم قاعدة الاستخدام الرئيس للمياه وتوعيتهم باهمية المحافظة على هذا المورد الحيوي”.
وتابع، “نظرا لكون المياه مورداً مشتركاً فيه اكثر من دولة عليه، لابد من ان يكون هناك تعاون اقليمي في الحفاظ على هذا المورد الحيوي، لان الجهد الوطني لوحده ربما لا يتمكن من مواجهة التحديات المستقبلية، وذلك من خلال التاكيد على حق العراق التاريخي في مياه دجلة والفرات، ومن خلال التعاون مع دول الجوار لتاكيد تلك الاحقية ضمن المواثيق الدولية للانهار المتشاطئة”.
حوض حماد
نبه الى “الافادة من المياه الجوفية المشتركة وتطويرها كحوض حماد المشترك بين العراق وسوريا والاردن والسعودية بما يخدم مصالح الاطراف، والعمل على اقامة مشاريع مشتركة في استثمار المياه بين العراق وتركيا وسوريا وايران لتغليب المصالح الاقتصادية على العوامل السياسية، والتعاون الفني في اعداد الدراسات الخاصة بتنمية الموارد المائية وتبادل الخبرات في هذا المجال مع دول الجوار لتعزيز العلاقات الاقتصادية والفنية بين العراق وتلك الاطراف”.
واضاف “لغرض تنمية المياه المتاحة سنويا لسد العجز المتوقع مستقبلا، لابد من استثمار المياه المستخدمة في الصرف الزراعي والصحي من خلال استخدام مياه الصرف الزراعي في غسل الاراضي المعرضة للملوحة مرة اخرى بدلا من استخدام المياه الطبيعية او استخدام هذه المياه بزراعة بعض المحاصيل المقاومة للاملاح كالشعير والنخيل، واستخدام مياه الصرف الصحي في الزراعة باعادة ضخها بعد ترسيب المواد الصلبة واستخدامها في زراعة مساحات جديدة بدلا من صرفها الى مياه الانهر للحد من تلوث الانهر بالفضلات التي تحملها”.
وتعالت اصوات بشان العمل على حصاد الامطار باقامة السدود الصغيرة لتجميع الامطار في بعض المناطق لاستخدامها في الري التكميلي او لشرب الحيوانات، لاسيما في منطقة الهضبة الشمالية الغربية، ودراسة امكانية تقليل التبخر من الخزانات الموجودة في البلد باستخدام مواد عائمة كشمع البراقين او صفائح البولسترين لمنع وصول الشمس وتقليل التبخر، حيث تقدر الكميات المتبخرة سنويا من الخزانات المائية في العراق بنحو 7 ، 6 مليار م3 .
مياه الزراعة
واوضح الراوي، “لاهمية المياه السطحية التي تستخدمها الزراعة في البلد والتي تقدر بنحو 85 بالمئة من مجموع المياه المستخدمة، عليه لابد من ترشيد هذا الاستخدام بوسائل عدة منها ضرورة العمل على رفع كفاءة الري السيحي السائد في الزراعة العراقية، من خلال تبطين قنوات الري التي تؤدي الى هدر نحو 40 بالمئة من المياه اثناء النقل بقنوات غير مبطنة، والسيطرة على توزيع المياه في المشاريع الاروائية حيث مازالت هذه المشاريع تدار بطرق تقليدية غير كفوءه تؤدي الى عدم انتظام المياه فيها”. واكد “اهمية التوسيع الزراعة المحمية التي تتميز بانتاج اعلى وبكمية مياه اقل، والتاكيد على المقننات المائية القياسية في الري، حيث تستخدم حاليا كميات من المياه للدونم الزراعي تعادل ضعف المقننات القياسية مما يؤدي الى هدر كميات كبيرة كان بالامكان مضاعفة المساحة المزروعة فيها، ونشر وتوسيع طرق الري الحديثة وهي احدى الوسائل الاساسية في رفع كفاءة الري من 50 بالمئة الى نسب تصل الى 90 بالمئة، وتعمل على رفع الانتاجية الزراعية بنسب تتراوح بين 40 بالمئة الى 65 بالمئة لكثير من المحاصيل”.