يقصد بـ (سماع الأصوات) أنَّ الشخص يسمع أشخاصاً يتكلمون حتى عندما يكون وحده، وهذا ما يسمى بـ (الهلوسة السمعيَّة). وغالباً ما تأخذ هذه الأصوات طابعاً مزعجاً. فقد تقول لمن يسمعها (أنك شرير أو تافه). وأحياناً تطلب منه هذه الأصوات القيام بأمورٍ معينة مثل إيذاء نفسه أو الآخرين.
والسؤال: لماذا يشكو بعض الأشخاص من هذه الأعراض؟
والجواب: إنَّها حالات قليلة ترتبط عادة بالاضطرابات النفسيَّة الحادة مثل الفصام (الشيزوفرينيا) واضطراب الهوس الاكتئابي، والذهان الناتج من مخدرٍ يحدث حالات تسمم تؤدي الى غياب الوعي. وقد ترتبط الهلوسة بالأوهـام (delusions) حين يظن الشخص أنَّ الآخرين يتكلمون عنه ويحاولون إيذاءه، وقد تصل به الحال الى الاعتقاد بأنَّ مخلوقات غريبة تتحكم بذهنه، وأنَّ ما يُذاع في الراديو والتلفزيون يتعلق به.
ويحصل أنَّ بعض الأشخاص (الأسوياء) في بعض المجتمعات يدّعون القدرة على التواصل مع الأرواح والقوى فوق الطبيعيَّة، وأنهم يسمعون أصواتاً يقولون عنها إنها أصوات أرواحٍ أو عفاريت. وقد يؤمنون أيضاً بمعتقدات تبدو لنا غير عقلانيَّة، مثل أنَّ الأرواح غاضبة من شخصٍ ما، وقد تكون هذه المعتقدات مقبولة في المجتمع الذي يعيشون فيه ويحظى أصحابها بتقدير الناس البسطاء. ويطلق على مثل هؤلاء الأشخاص (المعالجون الروحانيون)، وهؤلاء قد ينجحون في مساعدة الأشخاص الذين يشكون من الأسى.
وعليه ينبغي أنْ نميز بين هذه الحالات وبين المرض الذي يكون له أثر سلبي على حياة الشخص وحياة أفرادأسرته.
إنَّ (سماع الأصوات) أو الهلوسة السمعيَّة قد تبدأ أحياناً بتصرفاتٍ غريبة أوضحها أنه بدأ يكلّم نفسه باستمرار، أو اتهامه أحد أفراد أسرته بأنه يحاول أنْ يدسَّ له السمّ في الأكل.
وعلى الأسرة أنْ تنتبه الى مسألة مهمة هي بداية سماع الأصوات، فإنْ كانت الهلوسة حدثت بشكل فجائي، فهذا يعني أنَّ صاحبها قد أصيب بالهوس أو الذهان قصير الأمد، وإنْ كان مضى عليها وقتٌ طويلٌ فهذا يعني أنَّ صاحبها مصابٌ بالفصام.. وفي كلتا الحالتين ينبغي الإسراع بمراجعة المستشفيات التخصصيَّةّ أو العيادات النفسيَّة في المستشفيات العامَّة.
بقي أنْ نشير الى أنَّ بعض الأشخاص الذين يفقدون فجأة شخصاً عزيزاً عليهم يفيدون بأنهم يسمعون صوته وقد نراهم يتحدثون معه.. غير أنَّ هذه الحالات لا تدخل ضمن هذا المرض لأنها ناجمة عن صدمة نفسيَّة تزول بتقبل حالة الفقدان كحقيقة واقعة.
رسائل القراء
ردٌّ خاصٌ جداً
الأخ أبو تغريد
لستَ مريضاً قطعاً، وقولك بأنك مريضٌ نفسياً هو وهمٌ يمارسه لاشعورك ليدفعك الى إشباع رغبة غير مقبولة اجتماعياً وأخلاقياً.
مشكلتك نفسية تتمثل في حالة (اشتهاء) لم تستطع تحقيقها في بداية ظهورها لديك، فعملت على قمعها خوفاً أو استحياءً، فتحولت آلياً الى رغبة مكبوتة، وصارت، كأي عقدة مكبوتة، تظهر حين ترى من يثيرها فيك، ولأنك لم تستطع إشباعها على مدى عمرك الذي تجاوز الأربعين فإنَّها تحولت في داخلك الى ما يشبه المطرقة (جاكوج) يضربك وتصيح فيك: هيا اشبعني..
ولأنك لم تفعل، فإنَّ صوتها يصيح فيك حين تفشل: جبان.. يلّه ميخالف خيرها بغيرها وصير بالمرّة الجايه شجاع. وحين يظهر مثيرها من جديد يتكرر المشهد نفسه ويحدث الصراع بين إشباع الرغبة وبين الامتناع عنها.
والآن لنفترض أنك أشبعت هذه الرغبة التي تلّح عليك، وأنَّ أمرك افتضح بين الناس، وعلمت بذلك زوجتك وأطفالك، فكيف سيكون موقفك؟ هل ستقول لهم هذا حقي؟، وكيف سيكون موقفهم منك؟ وموقف الموظفين العاملين معك؟. هل سيصلح الندم عاراً اجتماعياً ألحقته بنفسك وأسرتك بسبب رغبة اكتشفت بعد إشباعها أنَّها حقيرة؟ أم أنَّ الأمر سينتهي الى إقدامك على الانتحار من احتقار الناس لك؟ أم أنَّه ينتهي بقتلك من قبل أهلك أو عشيرتك؟
اختل مع نفسك وفكّر في ما قلته لك.. وابق على اتصال بنا.
ومع ذلك لدينا إحساسٌ بأنك ستكون أقوى من هذه الرغبة المذّلة لشخصك واعتبارك وأسرتك وعشيرتك.. ونهاية قد تكون مأساوية لك شخصياً، بدليل أنك طلبت منّا أنْ نكون عوناً لك في خلاصك منها.. وها قد فعلنا، وتواصل معنا.. مع التقدير.