الأخرس بن الإمام الكاظم (ع).. العالم الجليل

ريبورتاج 2023/02/18
...

 عامر جليل إبراهيم       

 تصوير: الأمانة العامة للمزارات الشيعية

 تحتضن مدينة كربلاء المقدسة مراقد آل بيت رسول الله (ص)، وأبنائهم وأحفادهم وبعض العلماء والرجال الصالحين، فهي ومنذ قرون تمثل منارة يقصدها محبو آل البيت (ع) من العراق ودول العالم الإسلامي، للزيارة والتبرّك والتقرب إلى الله تعالى بهم، فتكتظ هذه المراقد بآلاف الزائرين من مختلف بقاع الأرض، لا سيما في المناسبات الدينية.



"الصباح" زارت مرقد السيد محمد بن أبي الفتح الأخرس، الذي يقع في ضواحي مدينة كربلاء المقدسة في منطقة الإبيتر بقضاء الحسينية، بين البساتين، ويبعد عن مركز المحافظة بنحو 12كم، حيث التقت السيد ضياء نوري عبود الخرسان نائب الأمين الخاص لمزار الأخرس (رض).


عالمٌ جليل

يقول السيد ضياء الخرسان، نائب الأمين الخاص للمزار والمرقد الشريف: "إن نسب الأخرس يعود إلى الإمام الكاظم (عليه السلام)، واسمه محمد بن أبي الفتح الأخرس، وهو من السادة الأشراف الذين سكنوا ضواحي الحائر الحسيني حول كربلاء المقدسة، وإليه ينتسب السادة الأجلاء آل خرسان، وبلقبه اشتهروا في النجف الأشرف، وهم من الأسر العلوية القديمة في النجف الأشرف، والسيد الجليل عاش في زمن العباسيين ولا يعرف الكثير عن ولادته وقبره لما يقرب من 900عام" .

ويوضح السيد الخرسان أن الأخرس هو عالم جليل له كتب ومؤلفات، لكنها مفقودة وأنه بسبب رفضه لظلم العباسيين الذين ظلوا يلاحقون آل البيت وذراريهم لجأ إلى النجف، وتحديداً الكوفة ومن ثم جاء إلى هذا المكان واستقر فيه إلى أن توفاه الله.


حملة إعمار

يقول مسؤول الشعبة الهندسية في محافظة كربلاء المقدسة التابعة للأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة المهندس زيدون عبد الرزاق الدفاعي: "ضمن حملة حشد إعمار المزارات الشريفة، التي أطلقها ديوان الوقف الشيعي المتمثل بالأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة، شرعت الشعبة الهندسية بأعمال هدم وبناء مزار أبي الفتح الأخرس، المزار الذي يقع على مساحة قدرها 2700 متر مربع، وتضمنت مرحلة إعمار الحرم الشريف جميع الأعمال الإنشائية الترابية والكونكريتية والمعمارية، وأغلبها إسلامية حِرفية منها تغليف المزار من الداخل بالطابوق (الجف قيم) والكاشي الكربلائي، كذلك السقف المؤلف من (الفريمات) الحديد والنقوش والزخارف الإسلامية، التي صنعت في مدينة أصفهان، ومن أجود المناشئ بالنسبة للأعمال الحِرفية الإسلامية. تتألف البناية الإدارية من عدة غرف، وتقع البوابة الرئيسة ضمن البناية الإدارية، وهي مغلفة بطابوق (الجف قيم) والكاشي الكربلائي المنقوش بالآيات القرآنية الشريفة، وتم استبدال شباك الضريح القديم الذي كان من الألمنيوم بصناعة الضريح الجديد في ورشة التمّار، في مزار ميثم بن يحيى التمّار (رض)، التابعة للأمانة العامة للمزارات الشيعية، الضريح الجديد مطليٌّ بالذهب والفضة ومادة (البلوم)، وكذلك تحيط به آياتٌ قرآنية منقوشة على مادة المينا صنعت في الباكستان. كما أن القبر الشريف غلف بقطعة من المرمر المنقوش عليها النسب الشريف وآيات قرآنية، وأبواب الحرم الشريف هي من الصاج البورمي صنعت في بغداد.

وبالعودة إلى نائب الأمين الخاص للمرقد والمزار، فقد أكد أن المرقد قائمٌ على أرض مساحتها 220 متراً مربعاً، وهو عبارة عن غرفة مربعة الشكل تعلوها قبة من الآجر المطلي باللون الأخضر، ويتوسط الغرفة القبر الشريف وهو مغطى بصندوق من الحديد، بينما بنيت الغرفة من الطابوق والسمنت.

وقبل ذلك كان البناء عبارة عن غرفة صغيرة مساحتها 16 متراً مربعاً مبنية بالطين وسعف النخيل، وعلى القبر شباك خشبي متواضع في وسط حجرته، بعد ذلك جُدد عام 1995 بتبرعات الزوار والمحبين، وبقيَّ على حاله، وذلك بسبب الاضطهاد الذي تعرض له آل البيت ومواليهم على أيدي الحكام والجلاوزة، فبقيَّ الكثير من الشواهد والحوادث طي الكتمان، لكن بعد انضمامه إلى الأمانة العامة للمزارات الشيعية  شُمل بخطة حشد إعمار المزارات، وتمَّ هدم وبناء المرقد الشريف مرة أخرى وتوسيع المساحة وغيرها من تفاصيل البناء.

 ويضيف نائب الأمين الخاص أن الزيارة العامة للمرقد هي في أيام الأحد من كل أسبوع، أما الخاصة فهي في 25 رجب، ذكرى استشهاد الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، كما يشهد المزار إحياء عدد من المناسبات الدينية والثقافية. موضحاً أن زوار المرقد يأتون من جميع دول العالم الإسلامي، ومن أنحاء العراق كافة لقرب المزار من  مركز محافظة كربلاء المقدسة، مشيراً إلى أن المزار يستوعب أكثر من 700 زائر، وتسعى الأمانة العامة للمزارات إلى توسعته وشراء الأراضي المجاورة للمرقد الشريف لبناء أواوين ومسقفات لخدمة الزائرين.

وأثناء تجوالنا في المكان التقينا أحد زوار المرقد السيد علي الكريطي الذي قال: "أنا من سكنة النجف الأشرف، واعتبر نفسي من الزوار الدائمين لمزار السيد الأخرس بن الإمام الكاظم (عليه السلام)، لما لهذا العالم الجليل من أثر في الأسرة العلوية، وعلى صغر هذا المكان من حيث المساحة لكنني أشعر بالراحة عند زيارتي وأسرتي له، فالمزار نظيف على مدار الساعة، وخدام المرقد على قدر كبير من الثقافة والدراية بالمكان وصاحبه، وأتمنى أن تتم توسعة هذا المزار وتحديثه باستمرار وإقامة الحلقات الدراسية الدينية فيه، خدمة لآل البيت وذراريهم".