الطاقة المتجددة

آراء 2023/03/08
...





 ميادة سفر


كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن نفاد موارد الطاقة التقليدية من نفط وغاز وفحم، مما دفع الكثير من الدول للبحث عن بدائل طاقة تحل مكان الوقود الأحفوري الذي تسبب بكوارث بيئية وتغير مناخي واحتباس حراري، فكانت الطاقات المتجددة البديل الأنسب والأكثر أماناً وسلاماً على الإنسان والطبيعة، فضلاً عن أنها متاحة بشكل دائم ومستمر وغير قابلة للنفاذ مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

يبدو أنّ بعض الدول بدأت بشكل جدي الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة، لا سيما في انتاج الكهرباء، الذي تشير الدراسات إلى  أن يصل انتاجه إلى 50 بالمئة بحلول عام 2050، وتتصدر الصين قائمة دول العالم استثماراً في هذا المجال تليها الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، بينما بقي اهتمام الدول العربية بهذا المجال خجولاً مقارنة بغيرها من الدول على الرغم من غناها بكلا المصدرين، وهذه عادتها في أغلب المجالات أن تصل متأخرة دائماً عن كل ما من شأنه أي يعود بالنفع على مواطنيها أولا وعلى البيئة ثانياً.

من المؤسف أنّ لجوء الدول الصناعية الكبرى إلى الاستثمار في الطاقات المتجددة البديلة أتى نتيجة التهديد بنفاد الموارد التقليدية للطاقة، وتزايد عدد سكان العالم الذي يؤدي إلى زيادة في الاستهلاك، ولم يكن تلبية لنداء الطبيعة والتخفيف من الانبعاثات الضارة والحد من التغير المناخي والاحتباس الحراري، وبالتالي تنفيذ التزاماتها بتحقيق التنمية المستدامة التي أقرتها قمة الأرض عام 1999، فالفيضانات وارتفاع درجة حرارة الأرض والخطر الذي يهدد الحياة البرية، والأخطار المحدقة بكوكب الأرض، كلها لم تحرك الدول ساكناً إلا بعد أن بدأ اقتصادها يتهدد بسبب الشح في الموارد التقليدية، وهذا ما دفعها للبحث عن بدائل من طاقات متجددة تعوض النقص الذي بدأ يتزايد مع الوقت.

الطاقة المتجددة هي تلك المستمدة من الموارد الطبيعية التي لا تنفد بل متجددة باستمرار، وهذا يجعل اللجوء إليها أمراً ضرورياً، فضلاً عن أنها من مصادر الطاقة الآمنة التي لا تصدر عنها مخلفات الوقود الأحفوري الضارة بالبيئة والإنسان على حد سواء، بالتالي يساعد استخدامها على المدى الطويل في التخفيف من العبء البيئي والمناخي، الذي بات من أكثر الأخطار المهددة للحياة على كوكب الأرض، إضافة إلى أنها متوفرة ومتاحة للجميع وإن بنسب متفاوتة، وهو ما ينفي الحجج التي تستجرها بعض الحكومات لتبرير الأزمات الاقتصادية بشح موارد الطاقة.

على الرغم مما تتمتع به الدول العربية من إمكانات إنتاج الطاقة المتجددة، إذ تقع في المناطق الأكثر فيضاً بطاقة الشمس والرياح، إلا أنّ كثيراً من العوامل أخرّت ولوجها هذا الميدان منها الفساد والبيروقراطية المستفحلة في أغلب مفاصل المؤسسات، فضلاً عن ضعف البنية التحتية وعدم الاستقرار السياسي والأمني في كثير من الدول، وضعف التخطيط والملاءة المالية لبعض الحكومات وعدم السماح للقطاع الخاص الاستثمار في مجال الطاقة وإبقاء الحكومات هي المتحكمة به، كلها عوامل أسهمت في تأخر مشاريع الطاقات البديلة والمتجددة، وفاقمت بالتالي المعاناة اليومية للمواطنين.

إنّ من حق البشرية والأرض علينا أن نحافظ عليها آمنة مطمئنة، وهذه مسؤولية الدول والحكومات لا سيما العظمى منها، التي سببت أنشطتها الاقتصادية والعسكرية في كوارث مفجعة، وتهديد الأرض والبشر بالفناء إن استمر الحال على ما هو عليه، لذلك لا بدّ من إيلاء هذا الجانب كثيراً من الاهتمام والدعم، لا سيما في بلادنا التي تعاني من شح في الموارد التقليدية، حتى تتمكن الأجيال القادمة من التنعم بها، والعيش حياة أقل خطراً.